أعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو استقالته رسميا أمس متمنيا "لرئيس الوزراء الجديد النجاح" وذلك في رسالة تلفزيونية الى الأمة تم بثها قبل لقاء متوقع مع رئيس الدولة كارولوس بابولياس. وقال باباندريو "اتمنى النجاح لرئيس الوزراء الجديد"، من دون تسمية خلفه. وأعرب عن الامل في ان تتمكن حكومة "التفاهم السياسي" التي سيتم الاعلان عنها قريباً من "توجيه رسالة قوية الى شركائنا مفادها اننا نحن اليونانيين نعرف كيف نتحمل مسؤولياتنا وكيف نتعاون". واكتفى باباندريو بالاشارة الى ان اختيار خلفه "عمل مؤسساتي بامتياز ما يعزز المؤسسات". وبالنسبة الى المعلقين، فان هذه المواصفات تنطبق على شخصية الرئيس الاشتراكي للبرلمان فيليبوس بيتسالنيكوس المرجح لتولي منصب رئاسة الوزراء. وهذا المحامي البالغ من العمر 60 عاما، والذي يحظى باحترام الاوساط السياسية لكنه غير معروف في الخارج، رفيق درب باباندريو منذ 25 عاما. وقال باباندريو مودعاً "اشكر بحرارة الشعب اليوناني لمقاومته في هذه الظروف الصعبة التي أتاحت كسب الوقت واقناع شركائنا" بمساعدة البلاد. وتؤدي أزمة الديون الى اسقاط رؤساء الحكومات الواحد تلو الاخر تحت ضغوط الاسواق التي ترغمهم على تبني اجراءات تقشف او تفرض عليهم عقوبات لتأخرهم عن التحرك. واصبح سيلفيو برلوسكوني الذي اعلن مساء الثلاثاء استقالته المقبلة، أبرز ضحايا الازمة التي تعصف بمنطقة اليورو منذ عامين. وليست فضائح الفساد المدوية او التقاليد هي التي تسببت في السقوط المعلن لرئيس الوزراء الايطالي اليميني، لكنها الضغوط التي باتت لا تطاق للاسواق والدول الاوروبية الاخرى. وقبل ذلك، كانت الازمة التي تعصف بالحكومات اليمينية واليسارية على السواء ساهمت في زعزعة أوضاع رؤساء الحكومات في كل من البرتغال وايرلندا وبريطانيا والمجر والدنمارك وسلوفاكيا أو سلوفينيا. وسيتنحى الاسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو عن السلطة قريباً بعدما اضطر الى تقديم موعد الانتخابات النيابية التي تجرى من دونه في 20 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي البلدان الاخرى لمنطقة اليورو، كفرنسا وهولندا، تواجه الحكومات ارتياب الرأي العام الذي ينبىء بانتخابات مقبلة صعبة. وفي المانيا، تبقى انغيلا ميركل التي لا تعتبر شعبيتها اقل من شعبية نظرائها، عرضة لتصويت سلبي في البرلمان حيث يتعين عليها طرح القرارات المهمة حول ازمة الديون. واعتبر المحلل سوني كابور من مؤسسة ري-ديفين ان "منطقة اليورو تواجه الآن ازمات سياسية واقتصادية ومالية ومؤسسية في آن واحد". من جهته، حذر جان تاشو مدير مركز كارنيجي اوروبا للدراسات من ان الازمة "يمكن ان تستمر سنتين ايضا لكن تداعياتها الاقتصادية ستلازمنا في السنوات العشر الى الخمس عشرة المقبلة". وأعرب عن قلقه من تنامي الشعبوية المتفشية في بضع دول مثل المجر والدنمارك وهولندا او فرنسا. لكن "المواطنين يطالبون في الوقت نفسه قادتهم ببرامج تتسم بالجدية والصدقية" التي لا تؤمنها الحركات الشعبوية، كما يقول المحللون. ويلاحظ ايضا ان الضرورات الاقتصادية تفرض على المسؤولين السياسيين ان يكونوا عمليين. ويقول الخبراء "في البرتغال او في ايرلندا، انتقدت المعارضة بشدة سياسات التقشف لكنها طبقتها لدى وصولها الى السلطة بمزيد من التشدد". واعتبر هوغو برادي الخبير في المركز الاوروبي للاصلاح ان "دخول التكنوقراط الحلبة السياسية في انتظار اجراء انتخابات جديدة، يمكن ان يكون مفيدا لوضع ايطاليا على الطريق الصحيح". وعلى رغم الضغوط الاقتصادية القوية، يتعين على المسؤولين السياسيين اغتنام الفرصة لابتكار طريقة لحكم اوروبا "المأزومة"، حسب المحللين.