أساس وأهداف الوحدة النقدية للدول هو خدمة التبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري بينها، وتحقيق وفورات اقتصادية من خلال عمليات الشراء الموحدة ، والاستفادة من الميزات النسبية، ومن أهم شروط الوحدة النقدية، لكي تتحقق وتنجح، هي التجانس الاقتصادي بين الدول ؛ بحيث لا يكون هناك تباين بينها ، فمثلا أن يصبح التضخم في دولة يقارب 7٪ ودولة أخرى ضمن الاتحاد النقدي يقارب 3٪ ، أو دولة تعاني من بطالة تفوق 9٪ وأخرى تعاني الشح الوظيفي، وهذا يستلزم تحقيق شروط الوحدة النقدية من معطيات اقتصادية قبل أي عامل آخر لكي يكتب لها النجاح ، وأوربا توحدت نقدياً بعد مخاض سنوات قارب الخمسين سنة ، فحدثت الوحدة النقدية وخرج منها " اليورو " الذي أصبح عملة 17 دولة حتى الآن ، فأصبحت قوة اقتصادية كبرى ومهمة على الصعيد العالمي . مايحدث الآن في أوربا من أزمة مالية يمكن لنا أن نضع أحد أهم أسبابها الوحدة النقدية، التي قيدت كثيرا من الدول وعطلت النمو الاقتصادي باعتبار ارتفاع سعرالعملة الذي يؤدي في النهاية إلى مصاعب في التصدير لارتفاع التكلفة للصرف، فيصبح سعرالصرف لليورو مقارنة بالدولارالضعيف منذ سنوات أكثر ارتفاعا منذ نهاية 2008 وهو بداية الأزمة المالية، فأصبح الدولارالضعيف مصدر قلق أوربا لأنه يعني ارتفاع اليورو ومعه ترتفع تكلفة المنتجات الأوربية المصدرة للخارج ، وارتفاع أسعارالمنتجات الأوربية يحجم قوة التصدير ويقدم الفرصة للمنافسين كالصين وغيرها، ما يؤدي في النهاية إلى ضعف الإيرادات للدول الأوربية وتحجيم الصناعة وإقفال المصانع وارتفاع البطالة . ومع تداعيات الأزمة المالية الحالية ، ومن ضمن الحلول لها توفير عملة رخيصة أي اليورو، لكي تملك فرصة تنافسية أكبر للتصدير، ولكن ذلك لم يحدث للآن فلا تزال العملة مرتفعة، وأصوات عديدة تبحث وتناقش العودة للعملات المحلية لكي تتحكم بسعرعملاتها بخفضها ولكي تستطيع التصديرلا كما هو الوضع الآن بالارتباط باليورو، ولكن الخروج أيضا من اليورو كارثي وليس من السهولة.. خلاصة ما يمكن قوله أن الوحدة النقدية يجب أن لا تصبح ترفا أو قرارا سياسيا أو عاطفيا بل من خلال معطيات اقتصادية محايدة وواضحة وصارمة تحقق هذه الوحدة النقدية والأهداف المتوقعة منها بتجانس وتقارب اقتصادي حقيقي لا عاطفي مهما كانت الظروف والأحوال..