في العيد لا فرق عند الطغاة ، والقتلة ، وأنظمة البطش ، بين دم يُسفك تعبداً ، ودم يسيل من أجل شيطان السلطة ، وهوس الاستعباد ، وسادية أجهزة المخابرات ، وشهوة القتل ، والتدمير ، واستعباد الإنسان. في لغة الطغاة ، ومصطلحات ثقافتهم لاتمييز بين نحرٍ ، ونحر . فنحر الأطفال ، والنساء ، والشيوخ ، تماماً كنحر الخراف فهذا دم ، وذاك دم! ومنظر الدم يغري سيكيولوجيتهم ، ويثير نشوتهم ، ويدفعهم لممارسة الرقص على الجثث المشوّهة ، والأجساد الممزقة. ثقافة الطغاة ، والساديين من بعض الحكام العرب ، ليست إنتاج المعرفة ، والوعي ، والثقافة ، ولا الرؤى ، والبرامج ، والخطط المستقبلية لتوطين التنمية ، والمشروعات النهضوية التي تساهم في تكامل البنى الاقتصادية ، والتعليمية ، والحياتية ، وانتشال المجتمع من ويلات الجهل ، والفقر ، والمرض ، والتخلف ، وإنما تنحصر ثقافتهم في استنباط أدوات القمع ، والقتل ، وسحق الإنسان ، وإهدار كرامته ، ومصادرة قيمته ، وتحويل الناس إلى قطيع يساق ، ويُذبح قرابين للطغاة ، والمحسوبين من المنتفعين ، والأفاقين ، والمطبّلين . وأمام هذا الجحيم المخيف ، وشلالات الدم التي تفيض بشكل تراجيدي مفزع ، تروي العطش للكرامة ، والحرية ، وأشعة الشموس الباعثة للأمل ، والخصب ، والنماء ، نعجز عن توصيف ، ورصد مايحدث من قتل ، وسحق ، ونستدعي المعذب الكبير ، الشاعر الرائع أمل دنقل ، ونعيش معه صورة تعمّق الحزن ، والوجع ، والتفتت . " ... ... يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين منحدرين في نهاية المساء في شارع الإسكندرالأكبر : لا تخجلوا .. ولترفعوا عيونكم إليّ لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر فلترفعوا عيونكم إليّ لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عبنيّ يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه ! " سيزيف " لم تعد على أكتافه الصّخره يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق والبحر .. كالصحراء .. لا يروي العطش لأنّ من يقول " لا " لا يرتوي إلاّ من الدموع ! .. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق فسوف تنتهون مثله .. غدا وقبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق فسوف تنتهون ها هنا .. غدا فالانحناء مرّ .. والعنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداع وإن رأيتم طفليَ الذي تركته على ذراعها بلا ذراع فعلّموه الانحناء ! علّموه الانحناء ! *** *** *** والودعاء الطيّبون .. هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى لأنّهم .. لا يُشنقون ! فعلّموه الانحناء .. وليس ثمّ من مفر لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد ! وخلف كلّ ثائر يموت : أحزانٌ بلا جدوى .. ودمعة سدى ! " نختم بقصيدة أمل دنقل هذه .. وملعونٌ كلّ طاغية ، والمجد للإنسان .