كم يؤلمنا ما نراه اليوم من أشخاص يسعون لإثارة الناس والعبث بعقولهم بكل عنجهية وغرور.. معتقدين اننا ما زلنا بهذا الغباء والخواء الفكري وهذا ما يعولون عليه وليتهم أدركوا ان عصابة العينين التي كانت تحجبهما عن الرؤية قد زالت وان ذلك العدد الكبير من التلاميذ البلداء الذين يتسابقون لتطبيق الأوامر الصادرة لهم من أستاذهم لم يعد لهم وجود بعد الآن، لذا فحيل من هذا النوع لن ينخدع بها مرة أخرى إلا السذج الجاهلون الذين تبهرهم الكلمة بسرعة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء قراءة ما بين السطور. ولكنها نفس الشرذمة الطريدة وأذنابها تروج لذات المفاهيم بأساليبها المريضة محاولة خلخلة كيان هذا الوطن وتفريق الشعب إلى أحزاب وطوائف وإشاعة ثقافة الكراهية والعداء فيما بينهم.. لقد عاش آباؤنا وأجدادنا تجمعهم روح الأسرة الواحدة بمحبة وتكاتف فقطفنا ثمار ذلك الرخاء والسلام والأمان. إن من أقبح صفات الإنسان أن يكون جاحداً وناكراً للفضل وقد ينسى جهودك وكفاحك وكل مآثرك ويشن عليك أحقاده وينفث سمومه لشيء ما في نفسه المضطربة، والأقبح من ذلك أن يكون أنساناً متسلقاً يستدرج الآخرين ليستغلهم أسوأ استغلال فيستعملهم كأدوات لتطبيق غاياته بأساليب ماكرة فيبالغ في مدحك إذا أرضيته والويل لك والهلاك إذا خالفته.. متخذاً من الدين والاصلاح وعاء لكل توجهاته.. وهو بعيد كل البعد عن الجوهر الحقيقي لهذا الدين العظيم بعد أن جعله مطية يمتطيها كلما أراد مصلحة يقضيها، حتى وصل الأمر إلى التطاول على بعض العلماء الأفاضل وعدد من المشايخ الأجلاء بل ولم يتركوا أحداً إلا ونهشوا لحمه وغرفوا لأنفسهم من سيئاته والعياذ بالله.. قال تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً}. إنني هنا لا اتحدث عن وقائع معينة بذاتها بل عن توجهات دخيلة بدأت تطفو على السطح تتمتع بقدر كبير من الحرية المطلقة بدون حساب أو عقاب أو مساءلة. إن إثارة الفتن والفرقة والتحزب ليست من الدين في شيء.. وصدق عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال: «يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يقولون من قول خير البرية يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية». وأخيرا يبقى السؤال الأهم. متى سينقطع دابر الشر هذا؟؟