إن ممارسة التعذيب هو من أبشع صور الإساءة لكرامة الإنسان وتحطيم معنوياته وإضعاف قدرته على ممارسة حياته الطبيعية. وإن التصدي لمنع التعذيب هو حق يجب حمايته بموجب قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في جميع الظروف بما في ذلك أوقات الاضطرابات والنزعات المسلحة طبقاً لما صدر في إعلان مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان عام 1993 وإن المتتبع لكثير من الحروب يجد ممارسات مشينة ضد كرامة الإنسان وانتهاك لحقوقه. وإن ما حصل في أفغانستان وفي العراق. وما حصل لمعتقلي غوانتانامو ليس إلا صورة من صور التعذيب المحرم دولياً مارسته دول وقوى عسكرية ويمكن أن يطلق عليه «الانتهاك الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني». ويأتي تدنيس القرآن الكريم وإهانته نوعاً من أنواع التعذيب النفسي والمعنوي للمعتقلين المسلمين في غوانتانامو وهو معاملة لا إنسانية ومهينة تحرمها اتفاقيات حقوق الإنسان بدءاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وكذا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة لعام 1984م والتي صادقت عليها دول عديدة بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية. إن هذه الاتفاقية الأخيرة تنص على أنه يمنع منعاً باتاً ممارسة التعذيب بكافة أشكاله المادية والمعنوية وعدم التذرع بأية أوامر عليا أو بأية ظروف استثنائية كمبرر لأعمال التعذيب، كما أنها (الاتفاقية) تلزم الدول المتعاقدة بملاحقة مرتكبي التعذيب ومحاكمتهم، كما تنص الاتفاقية على امكانية إجراء تحقيق دولي. وفي اتفاقية جنيف الثالثة 1949 والمصادق عليها من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية تنص على وجوب معاملة الأسرى معاملة إنسانية في جميع الأوقات وتحت كل الظروف واحترام اشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال على قدم المساواة دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الآراء السياسية ولا أي معايير مماثلة أخرى، كما تحظر هذه الاتفاقية ممارسة أي تعذيب بدني أو معنوي أو إكراه لاستخلاص أي معلومات من السجناء ولا يجوز تهديد الأسرى الذين يمتنعون عن الإجابة، ولا يجوز سبهم أو تعريضهم لأي ازعاج أو اجحاف.. وقد طلبت هذه الاتفاقية كافة الدول المعنية بتوفير جميع المتطلبات اللازمة لتحقيق الحياة الأفضل للأسرى. ومن استعراضنا لهذه الاتفاقيات يتضح أن قضية تدنيس المصحف الشريف مخالفة واضحة وصريحة لكل الأعراف والاتفاقيات المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.. وإن المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر إذ تتابع بكل حزن وأسى ممارسة انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، تطلب من المجتمع الدولي بشكل عام ومن الدول ذات الثقل السياسي والاقتصادي والعسكري بأن تكون السباقة لحماية حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته وأن تكون هذه الدول ذات ريادة في الدعوة لاحترام الاتفاقيات والأعراف الدولية وراعية لها وحريصة على تفعيلها من منطلق حضاري وثقل دولي.