السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم أقدم للفقيد «سلطان» مشروعًا فيه مصلحة للوطن وأبنائه فرفضه
اللواء م. الركن سليمان الشايع يروي ل «الرياض» رحلته مع فقيد الوطن ل (43) عاماً:

الحديث عن مناقب صاحب السمو الملكي الفقيد الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، كثيرة ولا يمكن أن نحصيها بحوار واحد. فأعماله الجليلة ومنجزاته في مختلف المجالات الخيرية والإنسانية والإدارية والسياسية والعسكرية تحتاج إلى مجلدات لتخليدها، فهو رحمه الله موسوعة في كل عمل جليل. ورجل مهمات متعددة قلما تتوافر في شخص واحد، ومن يطلع على سيرته - رحمه الله - يدرك أنه أمام رجل دولة عظيم سجل أعماله بمداد من ذهب في صفحات التاريخ، ومناقبه لا يمكن اختزالها في بضعة سطور.
تحدث اللواء المهندس الركن المتقاعد سليمان بن علي بن شايع الشايع عضو مجلس منطقة الرياض حاليا عن بعض هذه المناقب حيث كان له احتكاك مباشر مع سموه رحمه الله، خلال رحلة عمل على امتداد (43) عاما تعلم منه كثيرا واستفاد من توجيهاته السديدة، فكان له نعم الموجه والمربي، والعطوف، ونترككم مع الشايع ليحدثنا عن هذه الرحلة.
نهرني مرة قائلاً: (لو خرّجت طالباً من الكلية الحربية غير انضباطي).. سأحاكمك
* أكثر من أربعين عاماً
تخرجت على يد الأمير سلطان رحمه الله في 1/7/1387ه من هنا بدأت مسيرتي وخدمتي العسكرية التي انتهت بخدمة 43 سنة وانا متقاعد منذ 10 سنوات.
وخدمتي مع الأمير سلطان على مستوى رتبتي وكان الاحتكاك القريب من الأمير سلطان رحمه الله من رتبتي كرائد خاصة، وبدأت التواصل مع سمو الأمير وتعليماته المباشرة البرقية أو الهاتفية أو الشفوية، وهذا كان أول احتكاك مع سموه رحمه الله، وكان الاحتكاك الثاني هو عندما عينت قائدا لقاعدة الصواريخ الاستراتيجية بالسليل، ومكثت قائدا طوال ثماني سنوات في القاعدة، وكان لسموه رحمه الله اتصالات مباشرة وغير مباشرة وأيضا زار القاعدة ومكث في القاعدة يومين وليلة، وكان آنذاك الاحتكاك مباشرا من سموه؛ لأن الوضع يحتاج إلى قرارات وتوجيهات مباشرة من سموه الكريم رحمه الله، والاحتكاك الأخير هو بعدما عينت قائدا لكلية الملك عبدالعزيز الحربية في عام 1418 واستمرت قيادتي للكلية حتى عام 1423ه فكان لي بسموه سنويا لقاء مباشر بشأن خريجي الكلية، وأتقبل توجيهات سموه نحوهم، لاسيما وأنه يوجد في كل سنة بعض الخريجين من الأسرة المالكة، وبعدما أعرض عليه نتائجهم، أعرض عليه نتائج عموم الكلية المتوسط والنهائي، فأستمع لتوجيهات سموه المباشرة.
شراء الصواريخ الإستراتيجية قرار حازم للفقيد
* لا يأخذك على غرة
ويضيف: لقد وصل الأمر عندما كنت قائدا للكلية الحربية إلى قرار حاسم فاستأذنت سموه فيه فقلت له ما توجيهكم في هذا الأمر، قال لي: بالحرف الواحد، (إذا هناك أمر حاسم تتصل بي مباشرة وإذا جاءني عنك أمر ما فسأتصل بك أنا) وهذه العبارة تحتمل عدة أمور أولا إعطائي الفرصة بأن آخذ التوجيه منه مباشرة في أمور حساسة. وأيضا فيما لو سمع عني أي شيء أو نقل له أي معلومات صحيحة أو غير صحيحة أن يتصل بي هو. وقد أتاح لي الفرصة بأن أبدي ما لدي. وهذه ميزة عند الأمير سلطان أنه لا يأخذ أحد على غرة تماما. فإنه يعطيك الفرصة ويدعك تقول ما لديك. وهذا التصرف قليل جدا في القادة أو المسئولين الكبار.
لا يعنف ولا يجرّح فنعم الموجه والعطوف ورجل المهمّات الجسام
* انضباطية في العمل
ويروي اللواء المتقاعد الشايع أروع المثل في اهتمام سموه بالانضباطية بالعمل فيقول: لسمو الأمير سلطان منذ أن عرفته رحمه الله انضباطية رائعة أولها أنه لا يخلف وعدا. حتى إنه في بعض زياراته لنا أنه يأتي قبل الموعد المحدد بوقت قد يصل لنصف ساعة. ولكنه لا يأتي إلينا بل يقوم بالتجول حول المنطقة التي سيزورها. ومن ثم يأتينا بالوقت المحدد بالضبط، نعم لا يأتي إلا بالوقت المحدد تماما، فانضباطية الامير سلطان لا يعلى عليها فهو من الطراز الأول، وكان يحثنا على ذلك، كماكانت لي حادثة مع سموه ففي سنة من السنوات لم ينجح بعض الطلاب بالقسم النهائي بالكلية. فكانوا غير منضبطين، والكلية لا ترى تخريجهم، فسأل عنهم سموه ولماذا لم يكونوا ضمن الخريجين، وما هي مشكلتهم فقلت له: هؤلاء غير انضباطيين، فلا شعوريا، نهرني وقال: (لو خرّجت أي طالب غير انضباطي فسأحاكمك)، وخل هذا الأمر حلقة بإذنك وكل شئ إلا الانضباط، وإنسان غير منضبط لا أريده بالقوات المسلحة، وأن خرجت أي ضابط غير منضبط فسأحاكمك)، فهذا مما يدلك على اهتمامه بالانضباط رحمه الله، ولم يسجل على سموه رحمه الله أنه أخلف موعدا فإذا صار له عارض يرسل برقية أو يتصل هاتفيا بالمسئول ويبلغه، ويعطيه الوقت البديل، وهذا ماعرفته عن سموه رحمه الله في هذا الأمر.
قلت مرة اسمح لي (لأتجرأ) بأمر فرد متواضعاً: لماذا الخوف؟ لا عليك أنت(سليمان) وأنا (سلطان)
* الأمير الإنسان
وعن أنسانيته رحمه الله قال الشايع: أنا الا أستطيع أن أوفيه حقه، فالأمير سلطان حكومة في ذاته ومؤسسة خيرية إنسانية تتحرك على الأرض، ومن ناحية التواضع، والحلم والعفو والعطف على الناس بجميع فئاتهم فلم أر له مثيلا، لما عرفت عنه، عظيم الصفات النادرة ولديه الفعل يسبق القول، فكان سموه عندما أعرض عليه بعض الحوائج يستجيب مباشرة، وأنا أعرف عن الأمير سلطان بشاشة الوجه وشراحة الصدر لزائريه سواء كان هذا في بيته أو مكتبه فقلبه مفتوح لجميع الناس فتجد عند الناس ارتياح عام وحب له لما يبدو على محياه من تجاوب ومن تعامل معهم وحسن استقبال وتعامل.. فكان لسموه انطباع خاص عند الآخرين. ومن أسباب حبهم له بشاشة الوجه وانشراح صدره للناس. حتى لو دخلت عليه وحزت على ما طلبته منه أو لم تحزه فإنك ستخرج من عنده وأنت راض عنه.
من ناحية أخرى بين الشايع: أن الامير سلطان رحمه الله أنك عندما تعرض عليه أي مشروع أو موضوع مدروسا بعناية ودراسة كاملة بكامل المعلومات والحقائق لا يتردد بالموافقة عليه. وإن لاحظ عليك النقص في هذه الأمور وجهك بقوله: (يا ولدي أدرس الموضوع وارجع لي) فما عرفت عن سموه الا كامل التجاوب في أي موضوع ولكن بشرط أن يكون مستوفيا لكامل أموره. ولا أذكر أن قدمت لسموه موضوعا أو مشروعا أريده سواء بالقاعدة أو بالكلية الحربية ورفضه رحمه الله كان دائما ساعيا للخير. ويلبي احتياجات القادة ومنسوبي الوحدات في عموم زياراته.
شاعر اقتحم حفلاً رددناه لسبب فقال الأمير: إذا التقت العين بالعين لا تردوا عني أحداً
* موقف لا أنساه
مواقفه الانسانية كثيرة وتختلف حسب مناسباتها، ولكن مما يدلل على أن سموه قائد ومرب وأكثر من معلم وموجه. ولا يأخذ الانسان بخطأ. فقد حصلت معي غلطة بسيطة وليست مني أنا ففي حفلة افتتاح قاعدة الصواريخ الاستراتيجية بالسليل كان هناك اتفاق بيني وبين مدير مكتبي بأن يضع كلمتي التي سألقيها بالافتتاح على المنبر وكان هذا الافتتاح مغلقا للعسكريين فقط. وبقدرة قادر فقدت الكلمة من على المنبر. ولاحظ سمو الأمير وأنا على المنبر نقاشي مع مدير مكتبي عن الكلمة وأين ذهبت. فأدرك بحسه رحمه الله ذلك، وقمت بإلقاء كلمة ارتجالية. والكلمة الارتجالية بدون إعداد بالطبع لا تخلو من بعض الهفوات. فعندما أنهيت كلمتي. وجلست خلفه اعتذرت لسموه عن النقص والاخطاء التي حصلت في الكلمة الارتجالية لفقدي الكلمة المكتوبة. فوجهني بهذا النص (يا ولدي أنت مسئول. والقائد والمسئول عليه مسئولية. ويمر بتجارب وقد ارتجلت وأجدت) فبغض النظر عن الذي حصل من هفوات بإلقاء الكلمة والأخطاء. وبغض النظر عن كل شيء لم ينقدني مباشرة. وإنما وجهني. وكأنه يقول هذه تجربة أخذت منها تجارب وقد ارتجلت فأجدت.
الأمير سلطان مع الضيف وطلاب من الكلية
* موقف محرج
ويضيف الشايع: كما أن هناك حادثة أخرى. وهي: أنه في حفل عام للقاعدة يحضره مواطنون. كان هناك شاعر من أحد القبائل قدم لي قصيدة يريد إلقاءها أمام سموه في الحفل. وكان من المتبع أن تعرض هذه القصائد على مكتب سموه ويقر ما يقر ويلغي ما يلغي. وأنا بعدما قرأت القصيدة رأيت عدم مناسبتها. فهذا الشاعر وفي الحفل وأمام الناس غافل الحراسات واقتحم المكان أمام الأمير سلطان ووقف مسافة 10 أمتار منه. وقال بالحرف الواحد. (أنا يا طويل العمر عندي قصيدة. والشايع منع قصيدتي أن ألقيها أمامك. وأبي القيها الآن) وفوجئت بالشاعر وعرفت أنه صاحب القصيدة التي منعتها بالفعل، فقال له سمو الأمير (قلها) فطبعا أنا قبل وصول الشاعر للمنبر أبلغت الأمير قلت له أن القصيدة غير مناسبة وموضوعها كذا وكذا. قال رحمه الله (خله يقول اللي بنفسه) فألقاها. وقال لي رحمه الله (إذا شافت العين العين لا ترد مني أحد) ويقصد إذا أحد شاف الامير سلطان بعينه لا ترد أحد مني. وما دام أن العين ما شافت العين فتصرف وبكيفك انت واياه، وهذا درس آخر استقيته من مدرسة الأمير سلطان رحمه الله.
اللواء الشايع متحدثاً ل «الرياض»
* سر وسأفشيه!
وقال الشايع لدي (سر سأفشيه) الآن بعد مماته رحمه الله. كان لدينا معضلة في الكلية الحربية وهي اللغة الانجليزية بالكلية كانت هناك أعداد هائلة من الطلبة لا يجتازون اللغة كما ينبغي. ووقتها كان لا تقل أعداد الطلبة بأقسامها الثلاثة لا تقل عن 3500 طالب، وكانت أقل دفعة خرجتها 580 طالبا ما يدلل على كثافة أعداد الطلبة وأن الرسوب باللغة الانجليزية كبير يصل إلى 180 طالبا باللغة الانجليزية فقط. فتجرأت على سموه وقلت له ياسمو الامير: تسمح لي أن أتجرأ بموضوع وأعرضه عليكم، فقال: (ولماذا تطلب التجرؤ؟ تحدث بطلاقة لا عليك. أنت سليمان وأنا سلطان قل ما تريد) فقلت جزاك الله خيرا وهذا دليل على بساطة سموه حيث يمتص الرهبة منا. قلت يا طويل العمر أني أسعى لمصلحة الناس كما تسعى أنت. وسأسألك سؤالا قبل أن أعرض الموضوع، قال ما هو؟ قلت: أنا أضمن لك أن ليس في مكتبك أحدا يجيد الانجليزية بطريقتها الصحيحة غير اثنين الفريق علي الخليفة.
واللواء عبدالرحمن البنيان. والضباط الآخرون لا يتقنونها كما يجب، فهل نقص ذلك من عملهم شيء قال لا، قلت: إذن ندخل بالموضوع أنا لدي 165 طالبا نهائيا راسبين في اللغة الانجليزية فقط، واللغة الانجليزية ليست مادة أساسية حتى نحرمهم من التخرج، وممكن للطالب أن يطور لغته في أي مكان بعد تخرجه من خلال دورات تدريبية أو بالخارج، (قال: وبس؟) قلت وبس، قال نجحهم قلت: جزاك الله خيرا، ولكن.. قال وماذا عندك بعد. قلت: عندي أنني إذا قابلت أعضاء هيئة التدريس المدنيين بالكلية، سيقولون أن الشايع هو الذي نجحهم. والشايع سيفسد الكلية. لكن أريد أن تكتب على طلبي هذا توجيها ياسمو الامير لأنك سلطان بن عبدالعزيز وأريدك أن توقع عليه. قال: (أبشر هات) فكتب التوجيه ووقعه جاء فيه (اعتمدوا تنجيحهم بغض النظر عن اللغة الانجليزية - سلطان بن عبدالعزيز).
* دعم متواصل
ويضيف: عندما كنت قائدا للكلية حصلت منه على موافقات لأحد عشر مشروعا غير ماهو مدرج في ميزانية الكلية، وكان التنفيذ لبعضها خلال سنة بناء على توجيه سموه، فمثلا المسجد الجامع للكلية الحربية التي كان يقطنها أكثر من عشرين ألف نسمة حيث أنها عبارة عن مدينة مصغرة فأمر سموه ببناء مسجد يتسع لثلاثة ألاف مصل. وقال لإدارة الأشغال : أريد أن أصلي به العام القادم صلاة المغرب بإذن الله. وفعلا تم له ذلك رحمه الله. وكذلك مدرسة تحفظ القرآن.
وهناك مشاريع أخرى لا يتسع المقام لذكرها وافق عليها مباشرة من دون الرجوع لأحد. وقد كنت أحصل من سموه سنويا على دعم ما بين مشروعين إلى ثلاثة للكلية عندما يأتي لتخريج الطلاب، علما أن المشاريع الأخرى المعتمدة للكلية تأخذ مجراها عبر وزارة المالية. وكان يدعم الكلية سنويا بأكثر من عشرين مليون وهذا دعم مباشر منه خارج الميزانية التي نتلقاها من وزارة المالية، فكانت ميزانيتنا تفوق الخمسين مليونا وهذا الدعم الكبير من سموه نظرا لاهتمامه بالكلية وضباط المستقبل.
* الرحمة والعطف
ويقول: كان لمنسوبي الكلية الحربية تقدير خاص من لدن سموه فقد عرضت عليه أن أبناء منسوبي الكلية بعضهم لا يستطيعون إلحاق أبناءهم بالكلية وطلبت من سموه تحديد عدد معين من قبول الطلبة خارج لجنة القبول يدخلون الكلية الحربية. ووالله لم يتردد وقال: لك من 30 - 40 طالبا سنويا يدخلون الكلية بمعرفتك. وتم هذا الكلام ولله الحمد وكان أبناء منسوبي الكلية لا يجدون أي صعوبة في إلحاق أبناءهم بالكلية الحربية. وهذا يدل على عطف ورحمة سموه الكريم كذلك هناك الكثير من المواقف التي عرضتها على سموه للمحتاجين في الكلية ولم يتردد أبدا عن أي طلب طلبته من رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته. وهناك كثير أيضا من الحالات المرضية التي عرضناها لسموه وكان المتبع أن نرفع لسموه، وأضرب مثالا لحالة مرضية فقد طلب مني مريض عسكري أن يقابل سموه في جدة، فحولته الى زميلنا عبد الله الغرير وهو وزير لدى سموه ودخل المريض على الأمير سلطان فأمر بعلاجه في ألمانيا.
ومن دلائل العطف والرحمة لدى سموه رحمه الله أن هناك ضابطا أساء الأدب وكنت ضمن لجنة تحقيق مع هذا الضابط التي أوصت بأن هذا الضابط يستحق عددا من العقوبات الشديدة وأن ما فعله يعد بالشأن العسكري كبيرا فترك الأمير سلطان كل هذه التوصيات جانبا وأمر بإعادته إلى عمله وهذا يدل على رحمته وعلى عطفه فلم يأخذ بأي توصية مع أن اللجنة التي رأت معاقبته وهي لجنة عليا، وهذا مؤشر كبير في التعامل الإنساني وكيفية التأثير في الشخص المخالف وتحويله من مخالف إلى عضو إيجابي يخدم وطنه وأمته بروحه.
* حسم المواقف
ومما يدل على حسم سموه للمواقف التي تتطلب حسما مباشرا يقول الشايع : كنت في مهمة أبان الحرب العراقية الايرانية وكنت مسئولا عن عدد من الأجانب ومجموعة من العراقيين ومن ضمنهم ضباط عراقيون وكان هناك ضابطان برتب كبيرة تجرأا وسبا المملكة والسعوديين وكانا قليلي الأدب ولم يقدرا إكرامنا لهم، وكان هدفهما إعاقة الترابط والتواصل وحسن العلاقة مع العراق، فلما عرضنا الأمر على سموه ما كان منه إلا أن أمر أن يغادرا أرض المملكة خلال 24 ساعة وتم بالفعل ترحيلهم عن طريق الأردن، وهذا يدل على حزم وحسم سموه للأمر الذي يتطلب ذلك.
ويتذكر الشايع مناقب سموه فيقول عندما كنت قائدا للكلية كان يكرر علي دائما (إذا استعصى عليك أمر فارفع السماعة علي. وإذا بلغنا عنك بأمر فسوف أرفع عليك أنا السماعة) وهذه من المواقف التي حدثت لي مع الأمير، بين الترغيب والترهيب، ودليل على الحزم ولكنه بأسلوب القائد الحكيم والمحنك - يعني أفهمها ياعاقل - ويضيف: مناقب الأمير سلطان لا أوفيها أنا ولا غيري ولكن يكفيه أنه محبوب من الجميع والناس يتباشرون بقدومه بأي منطقة وأي بلد داخل المملكة أو خارجها.
* الحب الكبير
وتأكيدا على محبة الناس للأمير سلطان رحمه الله ما نراه هذه الأيام من تأثر الناس بموت سموه حيث بكاه الكبير والصغير، وتتجلى أمامنا هذه الأيام العبر في موت شخصيتين مهمتين. فخلال أيام كانت نهاية لرئيس ظالم ومكروه ورمز للدكتاتورية فرح الناس لموته، ونهاية كريمة للأمير سلطان الذي بكته الأمة رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
* لا يعنف ولا يجرح
ويؤكد الشايع: أنه خلال خدمتي التي امتدت لثلاثة وأربعين عاما لم أدخل عليه في أمر عام أو خاص ويرفض طلبي أو أخرج منه صفر اليدين. وهذه نعمة يمنها الله على هذا الأمير الانسان وعلينا الذين نعمل مع قائد عظيم بقامة الأمير سلطان رحمه الله. فقد كانت خبرته رحمه الله في قيادة هذه الوزارة لفترة طويلة جدا أصبح عنده كم هائل من الخبرة ومن التجارب وعندما يوجه يعرف كيف يوجه، وأتذكر أنه خلال زياراته المتكررة لنا في القاعدة أو الكلية كان يدون ملاحظاته التي يراها خلال جولاته. ويبدأ بالتوجيه عليها. ومن أهم الأمور التي برع فيها رحمه الله أنه لا يعنف ولا يجرح في توجيهاته بل يدون ملاحظاته بعد وصوله لمقر الوزارة وتصلنا ملاحظاته فتأتي تلك الملاحظات موجهة ومحددة. يعني النقطة الفلانية ما لديكم عنها والاجابة مطلوبة خلال كذا وقت. وهكذا لكل فقرة من الملاحظات. لكي تقوم أيها المسئول بالرد عليها بسرعة ولا تتراخى في تنفيذ هذه الملاحظات. ويكون ردك عنده حسب ما يريد رحمه الله. ولكن الميزة فيه أنه لا ينتقدك ويوجهك أمام الناس مباشرة، ولكن كان يوجهنا ب يستحسن أن تفعل كذا وكذا.
* يقبل المناقشة
ويبين الشايع كيف أن الأمير سلطان رحمه الله يقبل المناقشة في أي أمر ويطلب منا ذلك ويحاورنا ويأخذ ويعطي في الأمور التي نعرضها عليه حتى يتضح له الأمر جليا، ودائما يقول: (يا عيالي أنتم اللي على راس العمل وأنا أعطي الموضوع كما يقول المثل أعطي الخبز خبازه أنتم اللي على المحك وأنا إذا أحلت لك موضوعا معينا فأنا أعطيك الفرصة لأن تقول ما لديك لأنك أنت الذي على رأس العمل وأنا بعيد عنك وأنت من يتحمل المسئولية) وكان يتقبل النقاش ويتقبل الأسئلة ويحيل الموضوع إلى أصحابه كجهات اختصاص.
* أبرز قراراته
يقول: قرارات الأمير رحمه الله كبيرة وكثيرة ومنها ما نعلمه ومنها ما لا نعلمه وأهمها رفع رواتب القوات المسلحة إلى مستوى تجعلهم يعيشون عيشة كريمة. ومن أبرز القرارات وأهمها هو الإقدام على شراء الصواريخ الاستراتيجية التي تعد من أهم الأسلحة التي جعلت المملكة تتبوأ مكانة عسكرية قوية بالمنطقة بإذن الله حيث كانت السعودية تبحث عن مصدر للسلاح القوي والقادر على ردع المعتدي. الذي للأسف اعتذر عن تأمينه حتى الاصدقاء فقامت الدولة بالتوجه لشراء هذه الصواريخ من الصين. وهذا السلاح من خلاله أوجدت السعودية بإذن الله الاتزان بالتسلح بالمنطقة، وهذا السلاح لا تملكه أي دولة بالعالم إلا الصين والسعودية. ويعتبر هو السلاح الرادع لكل من يريد الاعتداء على المملكة، وهذا يعد من أكبر القرارات للسعودية وللأمير سلطان أثر كبير في هذا القرار، وهو من أوصى به. وكان من توجيهاته أنه يجب أن تمتلك المملكة مثل هذا السلاح لإيجاد التوازن في المنطقة وهذا قرار رجح كفة المملكة.
* موته فاجعة
يقول كان لموت الأمير سلطان رحمه الله وقع كبير فلقد احتقنت العبرة في صدري وغبت عن أولاي وبكيت؛ لأنني أعرف عنه أنه ذو إنسانية، وإنسان رحوم وودود وعطوف وإنسان لا يؤاخذ أحدا بكلام بل يواجهه ويطلب منه الدفاع عن نفسه. فمثلا يقول: (يا سليمان انت فعلت كذا وقيل لي عنك كذا فقل لي وش عندك عطني ما لديك) فهو رجل تطمئن لجانبه. فلم لا يكون كذلك وهو قد تأثر بمدرسة والده المؤسس رحمهم الله رحمة واسعة. وموته رحمه الله أثر في تأثيرا لا يعلمه إلا الله عز وجل والمصاب جلل ولكن لا نقول إلا «إنا لله وإنا إليه راجعون». وهذا ليس شعوري أنا وحدي بل شعور الجميع. وردود أفعال الحب للأمير سلطان اليوم وإلى الابد إلا دليل على حب الناس له رحمه الله ومكانته ليس بالسعودية فحسب بل بالعالمين العربي والاسلامي.
* عزائي للجميع
وفي نهاية حديثه قال أعزي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإخوانه والأسرة المالكة الكريمة وأسرة الفقيد من أولاد وبنات، والشعب السعودي الكريم والعالمين العربي والاسلامي في فقيدنا أسكنه الله فسيح جناته وإنا عليك يا سلطان لمحزونون.
ووصيتي لأبنائه الذين - لا يحتاجون لتوصيتي - أن يتمموا ما قام به والدهم ويواصلوا ما أسسه من مراكز تعليمية وصحية وخيرية إحسانا لوالدهم وبرا له رحمه الله، وأدعو للعامة من الشعب السعودي النبيل أن يكثروا الدعاء للأمير سلطان وأن لا ينسوه من دعائهم دائما وأبدا فهو الذي أوجد العديد من المشاريع الخيرية والإنسانية جزاه الله عنها خير الجزاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.