تستعد مصر لانتخابات رئاسية تعددية تجرى لأول مرة بالاقتراع الحر المباشر وذلك بعد اجراء تعديل دستوري يتيح مثل هذه التعددية في الترشيح بموافقة الأغلبية.وصدق الرئيس المصري حسني مبارك أمس الأول على اصدار مثل هذا التعديل الدستوري بناء على نتيجة الاستتفتاء الذي أجري الأربعاء الماضي على تعديل المادة 76 من الدستور واضافة المادة 192 من الدستور. وعلى صعيد متصل دعا خبراء وكتاب بالصحف إلى المشاركة في عملية وفاق داخل الحياة السياسية المصرية بدلاً من اختلاق الاختلافات السياسية والعراك. وجاء التعديل الدستوري بناء على موافقة نحو 83 في المئة من المقترعين في الاستفتاء فيما لاحظت أوساط سياسية أن نسبة المشاركة قد وصلت حسب الأرقام الرسمية إلى نحو 53 في المئة وهي أكبر نسبة مشاركة اذ لم تتعد نسبة المشاركة في أي استفتاء سابق 25 في المئة. وبهذه النتيجة يستعد مجلس الشعب (البرلمان) لاستصدار قانون جديد لانتخابات الرئاسة التي من المقرر أن تجري وفق النظام الجديد في شهر سبتمبر القادم.وبموجب التعديل فان من يرغب في الترشيح لرئاسة الجمهورية يتعين عليه الحصول على تأييد 250 عضوا منتخبا في مجلسي الشعب والشورى وفي المجالس المحلية على ان يكون من بينهم 65 عضوا على الأقل من مجلس الشعب و25 من مجلس الشورى وان يكون الباقون من اعضاء المجالس المحلية في 14 محافظة على الأقل من محافظات مصر البالغ عددها 22. ويرى المراقبون هنا أن نتيجة الاستفتاء الأخير تعني أن الحكومة المصرية قطعت شوطا كبيرا في مسيرة اصلاح ترى انه لا بد أن يكون متدرجا وحسب الحاجة بينما تراه المعارضة بطيئا ومنقوصا ولا بد من استكماله. كما يرى المراقبون أن مصر دخلت مرحلة فاصلة في تاريخها السياسي بعد التعديل الدستوري الأخير الذي يتيح تعددية الترشيح لمنصب رئيس الدولة والذي جاءت الموافقة عليه عبر استفتاء شعبي بأغلبية كبيرة. وبالرغم من الجدل السياسي خصوصا بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة التي قاطعت الاستفتاء الأخير حول الاصلاحات السياسية والدستورية المطلوبة يرى خبراء في الصحافة أن التعديل الأخير ألقى بحجر في البحيرة الراكدة ويفتح الباب لاصلاحات أخرى.وقال المحلل السياسي حسن أبو طالب أن مصر تعيش مرحلة فاصلة مهمة يترتب عليها ولادة مصر جديدة يأمل البعض أن تسير نحو الاصلاح والتحديث فيما يخشى البعض الآخر أن تحمل مفاجآت غير محسوبة تنطوي على تراجع. واتبع طوال العقود الثلاثة لم تشهد مصر مثل هذا الكم من التطورات السريعة والمركبة والمتضادة في اتجاهاتها ولم يحدث من قبل هذه الحركة داخل الأحزاب والنقابات أو ظهور الاعتصامات والتظاهرات والعصيان المدني والدعوة إلى الاضراب ومقاطعة الاستفتاء على تعديل احدى المواد الدستورية.من جهته دعا المحلل السياسي في صحيفة الأهرام الدكتور عبد العليم محمد إلى محاولة سد الفجوة بين الخلافات الحزبية والسياسية على خلفية الدفاع عن الاصلاحات السياسية المطلوبة. وقال ان التطورات الأخيرة في مصر التي تمثلت بشكل رئيسي في تعديل المادة ال 76 من الدستور ومضمون هذا التعديل والاستفتاء حوله دفعت إلى تعميق خطوط الانقسام في المجتمع المصري تضاف إلى انقسمات اخرى سياسية واجتماعية. وأضاف أن ذلك أفضى الى تعمق الشقاق والخلاف والتجاذب وتناقض الخطابات الاعلامية والسياسية بين أطياف المجتمع وتوسيع الفجوة بين الدولة والمجتمع وبين الحكومة والمعارضة في حين أن المطلوب كان تجاوز هذه الفجوة وتعميق الثقة المتبادلة وتعزيز روح المصالحة الوطنية والوفاق الوطني.