على مدار خدمته الطويلة في القوات المسلحة بوزارة الدفاع تولى القيادة ومر بتجارب عملية عدة على مدى 40 عاماً، حظي خلالها بالمرافقة والعمل المتعدد مع الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رحمه الله، مرورا بضابط مدرعات ومن ثم استلم منصب مسؤول عن إدارة الشؤون العامة بالوزارة وحتى أن استقر به تولي إدارة الثقافة والتعليم إلى أن بلغ التقاعد عام 1414. إنه اللواء متقاعد عقيل بن ضيف الله القويعي 75 عاماً أحد الضباط الذين عاصروا مدرسة «سلطان الخير» في عمل الوزارة طيلة العقود الماضية حيث استلم على عاتقه مسؤوليات كبيرة. اللواء القويعي خص «الرياض» في حديث عن مآثر ومواقف سمو ولي العهد الأمين يرحمه الله عندما تقلد عدة مناصب كبيرة خلال فترة عملة بالوزارة.. فإلى محصلة الحوار: «الرياض»: كيف كانت البداية؟ في تلك الذكريات والمواقف الخالدة كيف أصف تجربتي العملية مع سموه يرحمه الله فهي تجربة طويلة ومتعددة الأدوار من خلال تنوع العمل والأعمال الذي كنت أتولاها خلال عملي بالقوات المسلحة. - بدأت مسيرتي العملية بعد تخرجي عام 10/6/1378ه والتحقت في الوزارة حيث أمضيت تجربة 40 عاماً في الوزارة بدأت كضابط مدرعات في العمل الميداني ثم نقلت في عام 1390 مديراً عاما للشؤون العامة بالقوات وهو الوقت المهم الذي بدأ اتصالي واحتكاكي المباشر بسمو الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله، كون أن عملي في قطاع الشؤون العامة للقوات إعلامي مختص وبروتوكولي من خلال الاهتمام بالوفود القادمة إلى الوطن آنذاك أو الوفود المغادرة إلى الدول ذات العلاقة، حيث أمضيت 15 عاماً في منصب الشؤون العامة منذ مطلع 1390 ه تعلمت من مدرسة سلطان بن عبدالعزيز الكثير من الأفكار والتوجيهات حيث كان سموه يرحمه الله شديد الاهتمام بإنجاز العمل بدقة عالية ولا يقبل التسويف ويريد منا أن يكون على علم ودراية لما أنجز من توجيهاته. كذلك كان لسموه يرحمه الله مهتم بالرجوع إليه قبل أعطاء أي تصاريح أو نفي في تأكيد لأي حادثة أو خبر يحدث في وسائل الأعلام.. باعتبار كان سموه يرحمه الله حريصاً على دقة العمل بصورة متناهية لانه كان يحرصنا وباهتمامه المباشر بأنكم في مكان مختلف تقودون به هذه البلاد ويجب أن يكون الإعلام يعكس ما حصل بصورة حضارية ومثالية. «الرياض»: ماذا وجدتم في مدرسة سلطان العسكرية؟ - شريط الذكريات وجدت فيه حب العمل والحزم فهو كان حازماً في كل شيء يريد من الجميع التميز، لأنه ينظر للضابط أنه ذو قدره على العمل ليكون ركيزة لقوة أركان الوطن.. تعلمنا منه كمجموعة كثير من المواقف والشواهد التي يصعب حصرها في هذا الحديث لانها طويلة فهي تجربة امتدت ل 40 عاماً من العمل والاحتكاك بسموه يرحمه الله. الأمير سلطان لدى زيارته ضباط وأفراد القوات المسلحة المصابين «الرياض»: هل تشرفتم بمرافقة الأمير سلطان في رحلاته للدول الصديقة؟ - نعم تشرفت كثيراً بمرافقته لبعض الدول وفي مهام عديدة أسندت لي بعض الأعمال والمسؤوليات التي تعلمت منها الكثير من العمل والتميز خلال مدرسة سلطان العسكرية في فن القيادة.. وجهني كثيراً في إسناد أعمال إعلامية حيث كان بارعاً في فن العمل القيادي حتى اكسبنا القوة والإبداع بدليل أنه كان يرى الرجل العسكري المسؤول أنه مبدع ويعطيه الفرصة التي تحفزنا للعمل بعيداً عن العقبات.. فقليل ما كانت تحدث الاخطاء لأن منظومة العمل تسير بوتيرة متصاعدة بفضل الله ثم بفكر ومدرسة سلطان الفذ يرحمه الله. «الرياض»: كيف كان تعامل سموه يرحمه الله مع الضباط آنذاك؟ كان الفقيد يرحمه الله له رؤى خاصة في التقويم الشامل للضباط يهتم بتكثيف مواهبهم وقدراتهم فكان قارئا فذا من الطراز الاول لوضع الضابط بموقعه المناسب من شخصيته ومتابعته الحثيثة لنا ولكافة الضباط كان له دور في بذل الجهد في إدارة كل عمل على طريقته التي يرضى عنها، وجهنا على الشعور بالمسؤولية كجهاز عسكري وحب الوطن والتضحية في سبيله والشجاعة في الرأي والقول والصدق والامانة في العمل كان حقيقة القدوة الحافزة والقوة الدافعة في حكمة وحزم في سبيل البلد». «الرياض»: ما أبرز المواقف في مناسبات سموه يرحمه الله؟ - أتذكر موقفا خاصا لي عندما أشاد سموه يرحمه الله بما قدمته من كتابة نص نشيد لحنه طارق عبدالحكيم عندما رعى إحدى المناسبات في الكلية الحربية وكانت الكلمات هي: مرحبا بالعسكرية رمزا عزا وحميه بالاباء والعبقرية ابنها حاز الكمال نحن طلاب الكلية نبذل النفس سخية للوطن منا هدية أن أتى الباغي وعال نحن أحفاد الوليد نبعث المجد التليد لم نخف وقع الحديد شامخين كالجبال ديننا خير الشرائع ذكرنا في الكون شائع لا نبالي في المعامع قهرنا صعب المنال ووفق طارق بلحنه وتلقين الطلاب له باداء جمهوري حماسي حيث أتذكر أني قدمت فقرة النشيد ولم ينسى الأمير سلطان أن يسال قائد الكلية كلمات من النشيد فقالوا له انها كلمات القويعي فاثنى على الكلمات واعجابه بها. «الرياض»: ماذا عن عمل الشؤون العامة في القوات المسلحة آنذاك؟ - كانت الإدارة تقدم الاعمال الإعلامية والبرتوكولية لجميع قطاعات الجيش وارتباطها برئيس هيئة الاركان العامة في النواحي التشكيلية والتنظيمية والنقل والتعيين والجوانب المادية ويرتبط بسمو الأمير سلطان يرحمه الله مباشرة في الأمور التي يأمر بها أو التي تتطلب موافقته وتوجيهه وبعد أن أحدث مسمى القوات المسلحة أصبح اسمها إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة وذلك بعد أن أحدث مسمى القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي وبذلك أصبحت الإدارة تخدم الجميع ويمثلها ضابط علاقات عامة في كل قوة ينسق عمله مع الإدارة. «الرياض»: بعد التقاعد من المجال العسكري.. هل كان لكم مع الراحل الكبير الأمير سلطان تواصل؟ - أتذكر عندما زار مدينة حائل مسقط رأسي وأثناء ذهابنا له مع الأعيان والوجهاء للسلام على سموه يرحمه الله في قصره صافحني بحرارة شديدة وكان لي اهتماماً خاصاً ومنحي وقتاً من سموه لأن سلطان الخير يرحمه الله هو من الافذاذ الذين لا ينسون ممن تعلم في مدرسته وتخرج منها، فكافة الضباط في الوطن يسأل عنهم سموه يرحمه الله وهم من بعد التقاعد. الأمير سلطان بن عبدالعزيز وهو يتفقد الطائرات العمودية التابعة للجيش السعودي «الرياض»: هل من كلمة؟ - شخصية الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله) شخصيّة ذات قامة مديدة اتخذت من الكرم لباسا لها وأصبح الشعور بالإنسانية صفة لها، فعلاوة على حجم المسؤوليات التي حملها على عاتقه داخل المملكة وخارجها حيث كان يُعنى برفاهية المواطن أينما كان، وقلبه مفتوحاً للكبير والصغير دون استثناء، ويسعى دوماً على قضاء حوائج الناس مهما صعبت. وكان لا يدخر جهداً في سبيل خدمة دينه ثم مليكه ووطنه في شتى المجالات المتعلقة بالنهوض بدور القوات المسلحة السعودية حتى وصلت بفضل الله إلى ماهي عليه الآن من تقدّم ورقي. الأمير سلطان بن عبدالعزيز مخاطباً القوات المسلحة اللواء متقاعد عقيل القويعي يحكي قصة تجربة العمل مع الراحل الأمير سلطان اللواء القويعي خلال حديث ل«الرياض»