رفع إمام وخطيب المسجد الحرام وأستاذ الدراسات العليا الشرعية بجامعة أم القرى الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس . أحرّ التعازي، وأصدق المواساة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والأسرة الكريمة، وأبنائه وأحفاده وأبناء هذه البلاد خاصّة، وأمة الإسلام عامّة في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام سائلا الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهم الجميع الاحتساب والصبر، وأن يعظم لهم المثوبة والأجر، ولا يرى الجميع مكروهًا في عزيز لديهم، كما سأل الله سبحانه أن يرحم سموه ويجزيه خيرًا كفاء ما أبدى، ولقاء ما أسدى، وجزاء ما قدّم وأعطى. وقال إن الحديث عن فقد قامة شمّاء، وأفولِ شمسٍ بلجاء، ومفارقة يدٍ معطاء، لهو خطبٌ عظيم، ومُصاب جلل جسيم، فقد فُجعنا بنبأ وفاة صاحب السمو الملكي، ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله رحمة الأبرار، وألحقه بعباده الأخيار، وأسبغ عليه الرحمة والغفران، وأمطر على قبره شآبيب العفو والرضوان، وجعل مستقره في أعلى الجنان، ورفع درجته في المهديين، وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وأكد انه مع فداحة المصيبة، وعظم الفجيعة، فلا نملك حيالها إلا التسليم، والتدرع بالصبر والدعاء، والرضا بالقدر والقضاء، وعدم الجزع والتسخط عند البلاء. وقال ولئن غاب عنا أميرنا المحبوب، وولي عهدنا المشبوب –رحمه الله وطيب ثراه- في شخصه وذاته، فإنه لم ولن يغيب عنا في أفعاله وصفاته، فلله دره ماأجمل صنائعه، وما أجلّ مكارمه الباقية وإن آثاره خير ناطق وشاهد على قيامه بالأعمال الجليلة العظيمة في سجلٍ طويل حافل، بأعمال البر والخير في الخارج والداخل، فقد أنشأ مؤسسة خيرية هي مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، وهي مؤسسة غير ربحية، أنشأها وينفق عليها، لها أهداف إنسانية اجتماعية تتمثل في تقديم الرعاية الصحية والتأهيل الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وتقديم الرعاية الاجتماعية لهم، كما أن لها أنشطة بارزة في دعم الأبحاث في مجال الخدمات الإنسانية والطبية والعلوم التقنية، كما أسس لجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة، وتهدف إلى تقديم خدمات إنسانية وإغاثية خارج المملكة، مثل تسيير القوافل الإغاثية والطبية العامة لمكافحة الأمراض الشائعة، ورعى مسابقة للقرآن الكريم في دول شرق آسيا والدول الإفريقية. وأوضح الدكتور السديس أن سموه أقام العديد من المشروعات التنموية والاجتماعية والصحية، كحفر الآبار وبناء المدارس والمكتبات العامة والمساجد والمستشفيات ومراكز غسيل الكُلَى، وحرص على دعم الجامعات ومراكز الأبحاث، مثل جامعة الأمير سلطان الأهلية بالرياض، وكراسي البحث العلمي التي تحمل اسمه في جامعات المملكة المختلفة ... وغيرها الكثير والكثير. واستذكر الدكتور السديس بعض المواقف التي حصلت له مع الراحل كثيرة تجل عن الحصر، لكن لكاتب هذه السطور بعض المواقف النبيلة مع سموه الكريم يحسن إيرادها بهذه المناسبة، منها: أنه في السنة الأولى التي عينت فيها إمامًا وخطيبًا في المسجد الحرام، استضاف أصحاب الفضيلة أئمة المسجد الحرام بقصره العامر بمكة، وقد أثنى على العبد الفقير وأبدى إعجابه في حسن الصوت والتلاوة، مما كان له الأثر البالغ والتشجيع في تحمل هذه المسؤولية العظيمة، وأذكر أنه في إحدى الخطب التي ألقيتها في المسجد الحرام وكانت عن العلم، وجاء فيها التطرق للاهتمام بمجالات العلوم المختلفة، ومنها العلوم العسكرية، حتى يكون للأمة القوة الذاتية، فكان أن سمعت منه –رحمه الله- عبارات الثناء والإعجاب، بما يبعث على الاعتزاز. وعند لقائه في الاحتفال بعيد الفطر المبارك يثني على ما يكون من دعوات في ليلة السابع والعشرين ودعاء ختم القرآن الكريم. وكان من المواقف التي أعتز بها حينما شرفت بإدارة جامعة المعرفة برئاسة سماحة المفتي العام للمملكة، وكان سموه الرئيس الفخري لهذه الجامعة، وأذكر أنني ألقيت كلمة الجامعة، وقد استمع لها سموه وأبدى شكره وثناءه وإعجابه، وقال: ما دام هذا الرجل هو مدير الجامعة، فهي جامعة مباركة –إن شاء الله-. هذا وقد شرفني سموه بالمشاركة مع الوفد السعودي لافتتاح مسابقة القرآن الكريم، تحت رعايته، والتي تقام بإندونيسيا سنويًا، وقد أمر سموه بطائرة خاصة للوفد تشجيعًا منه وتحفيزًا لأعمال الخير والبر.