تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أنّ عدد ناقصي التغذية (Food insecurity) في عام 2010م بلغ نحو 925 مليون نسمة مقابل 1.023 مليار نسمة في عام 2009م بانخفاض قدرة 98 مليون نسمة، وكان الانخفاض الأكبر في قارة آسيا حيث انخفض عدد ناقصي التغذية بمقدار 80 مليون نسمة، بينما تم إحراز بعض التقدم في قارة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث انخفض عدد ناقصي التغذية بمقدار 18 مليون نسمة. بيد أن هناك تحديات عديدة تواجه صانعي القرار في دول العالم تدور حول تأثير الأزمات الاقتصادية على حالة الأمن الغذائي العالمي، والتغيرات التي تطرأ على أسعار الأغذية العالمية، بالإضافة إلى تحديد أكثر البلدان انعداماً للأمن الغذائي. ولمواجهة هذه التحديات، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، النظام العالمي للإعلام والإنذار المبكر (Global information and early warning system) وهو نظام يهدف إلى رصد أوضاع الإمدادات الغذائية فى جميع بلدان العالم وتزويد واضعي السياسات والعاملين في مجالات تحليلها بأحدث المعلومات المتاحة عن كافة الجوانب ذات الصلة بالعرض والطلب على الأغذية والمخزون السلعي، كما يحذر من وقوع أزمات غذائية وشيكة حتى يتسنى التخطيط لتدخلات في الوقت المناسب لتجنب عواقبها. ويلعب هذا النظام دوراً محورياً في الإنذار بقرب وقوع حالات نقص الأغذية، كما يقوم بالتحذير من وقوع الأزمات الغذائية الوشيكة مستخدماً في ذلك مختلف الأدوات، بما في ذلك البرمجيات المتخصصة وبعثات التقييم السريعة. وتُتيح البرمجيات المتخصصة، التي قام هذا النظام بتطويرها، للمحللين عرضاً للصور الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية حول الغطاء النباتي وانتشار السحب ووضع خرائط مركبة تتضمن بيانات عن الجغرافيا والسكان والزراعة ومقارنتها بصور تم التقاطها خلال السنوات الماضية، مما يتيح فرصة للتعرف على المناطق التي يمكن أن تكون ظروف إنبات المحاصيل فيها غير مواتية. كما أنه يتصل بقاعدة بيانات تحتوي على ثروة من إحصائيات المحاصيل والبيانات السكانية والتقاويم التفصيلية لزراعة وحصاد المحاصيل القطرية والعالمية. كما تتدفق على النظام معلومات اقتصادية وسياسية وزراعية من مختلف المصادر ما بين المعلومات الرسمية التي تنشرها الحكومات المعنية وتقييمات المنظمات غير الحكومية وما تنشره وسائل الإعلام المحلية والدولية. .ويعتمد أخصائيو هذا النظام عند تحليل هذه البيانات على سلاسل زمنية تغطي فترة عشرين عاماً وتتعلق بإنتاج الأغذية والتجارة والمعونات الغذائية والمخزون المتاح منها واستهلاكها. ويجرى تحديث البيانات المتعلقة بالسنة الحالية باستمرار كلما توافرت معلومات جديدة. وتستخدم بيانات الأقمار الصناعية التي يتلقاها النظام في رصد حالات الجفاف. ويعمل النظام العالمي للإعلام والإنذار المبكر (GIEWS) على إيصال صرخات الاستغاثة من خلال نشرها على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) على هيئة ثلاث إصدارات رئيسية خلال العام تحت عناوين: '' توقعات الأغذية'' و'' حالة المحاصيل الغذائية ونقص الأغذية وإمداداتها '' و '' آفاق إنتاج المحاصيل في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى ''. كما يتم من جهة أخرى، إيفاد بعثات للتقييم الفعلي على أرض الواقع، حيث ترسل المنظمة بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي فرقاً لتقييم نسب نقصان الأغذية في البلدان التي تواجه حالات غذائية طارئة غير عادية ناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الكوارث من صنع الإنسان. ومن خلال تفحص المحاصيل ومقابلة المزارعين تقدّر المنظمة الواردات الغذائية التي يحتاجها القطر كمساعدة طارئة بالإضافة إلى المستلزمات اللوجستية اللازمة. وهذه المعلومات في غاية الأهمية بالنسبة للمجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة وواضعي السياسات الذين يتوجب عليهم حشد الموارد الغذائية ومساعدات الإغاثة. هذا وقد تضاعف عدد بعثات التقييم العاجل منذ تسعينيات القرن المنصرم حتى وصل إلى أكثر من 30 بعثة سنوياً. ويستفيد حالياً من هذا النظام وتساهم فيه أكثر من 116 حكومة من حكومات العالم بالإضافة إلى العديد من المجموعات التجارية والبحثية وأربع منظمات إقليمية وأكثر من 60 منظمة غير حكومية. وفى هذا الإطار، هناك توجه خليجي عام على وضع خطة استرتيجية لتشجيع الاستثمار في المجال الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، ومن أهم محاور هذه الخطة تأسيس نظام الإنذار المبكر نظراً لأهمية الدور الذي يقوم به في تعقب مسار الأمن الغذائي بالمنطقة وضمان اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب لتجنب المزيد من المعاناة وحماية المواطنين من أي تقلبات في الأسواق الخارجية أو الأزمات المستقبلية. وتعتبر المملكة العربية السعودية من أكثر الدول العربية اهتماماً بمسايرة التقنيات الحديثة في مجال نظم المعلومات لتوفير مخزون استراتيجي من السلع الغذائية بهدف تحقيق الأمن الغذائي. * الخبير الاقتصادي والزراعي