لم تكن ملامح الأمير نواف بن فيصل ولا نبرات صوته وهو يدلي بتصريحه الأخير للقناة الرياضية من العاصمة المنامة تشيان بأنه محتقن، أو حتى غاضب، كما أنهما لم يظهرا ما يدل على أنه كان مستّفَزاً على الأقل، ولكن بعض المفردات والمواقف التي صدرت عنه؛ خصوصاً فيما يختص بالانتقادات الموجهة للائحة الانضباط، وكذلك للمنتخب الوطني الأول أوحت بذلك. يكفي أنه اعتبر بعض أطروحات مسؤولي الأندية بأنها شكل من أشكال تأليب الرأي العام، كما وصف أطروحات بعض العاملين في الوسط الرياضي بأنها لا تخلو من الفكاهة، قبل أن يضيف بقوله: "جميل بأن ذلك قد كشف عن أن كثيرين في الوسط الرياضي يحملون حس الدعابة"، وهو من الناحية البلاغية يعد ذماً بما يشبه المدح؛ بدليل استدراكه بعد ذلك بقوله :"لكن نحن جئنا لنعمل وما جئنا لننكت"!. الأكثر وضوحاً في حديث الأمير نواف كان فيما يتعلق بأطروحات بعض الإعلاميين وتناقضاتهم، لاسيما فيما يتعلق بأماني البعض منهم المعلنة بعدم تأهل المنتخب بذريعة الخشية من تعرضه لهزائم ثقيلة في المونديال؛ إذ أجلى فيها عن موقفه بصراحة ودون أدنى مواربة حين قال بأن "أقل ما يوصف به هذا الطرح بأنه سخيف"، معتبراً تلك الأطروحات بأنها انهزامية، ولا تليق بالتعاطي مع منتخب الوطن. أكاد أجزم بأن من يملك حساً إعلامياً، أو حتى حد أدنى درجة من المهنية يمكن له أن يستشف بأن تلك المقابلة المقتضبة بأسئلتها وأجوبتها لم تكن مرتجلة، أو من نوعية المقابلات المعلبة التي يرتب لها عادة في المناسبات الرسمية، بل كانت مقابلة مرتب لها بدقة وبإتقان شديدين، وإن كانت كذلك بالفعل فهي تحسب لمن طلب ذلك، سواء أكان الأمير نواف نفسه، أو القناة الرياضية، لأنها بالنتيجة قدمت المراد منها، فالمقابلة برمتها تناولت أربعة أسئلة، الأول يتعلق بالمشاركة السعودية في الدورة الخليجية، والثاني حول لائحة الانضباط، والثالث حول مباراة تايلند، والرابع حول الموقف السعودي من انتخابات الاتحاد الآسيوي، وإذا كان السؤال الأول تفرضه المشاركة في الدورة الخليجية، فإن الأسئلة الثلاثة الأخرى كانت عبارة عن رسائل تقصّد –في ظني- الأمير نواف إرسالها لمن يهمه الأمر، وقد وصلت. ما يهم في سياقنا المحلي الرسالتين الثانية والثالثة، وهما المتعلقتان بمسؤولي الأندية والإعلاميين؛ واعتقد جازماً بأن الوسط الرياضي يعرف من هم مسؤولو الأندية الذين سخروا من لائحة الانضباط، وسخّفوها، واحتجوا عليها، بل "ونكتوا" على بعض بنودها، وهو يعرف كذلك من هم الإعلاميين أصحاب الأطروحات الممجوجة، والأفكار السخيفة، والأجندات الشخصية حتى على حساب منتخب الوطن؛ لكن رغم ذلك كان حري بالأمير نواف لو أنه أفصح ولم يلمح، لأن في ذلك شفافية أكبر، وتصويب للهدف أدق، وفرصة لتبيان المواقف من كل الأطراف بدلاً من أن يدير الكل ظهره، وكأنه غير معني بشيء مما قيل، لتأتي المقابلة في نهاية المطاف على طريقة "وكأنك يا بو زيد ما غزيت"!.