شاهدتُ فيلما سينمائيا مثلهُ روبرت مورلي، وهو من الشخصيات الذين يبدعون في تمثيل الشخصية الإنجليزية التقليدية. كان يمثل المسؤول الأول في بروتوكولات حفلات وزارة الخارجية البريطانية. وصادف أن حضر السفير الروسي حفلة من حفلات الخارجية البريطانية (سنين المعسكرين). والمنظر أن يستقبله المسؤول البريطاني ويتعانقا، ثم ظهرت يد كل منهما في جيب الآخر (كأنه جزء من التشريفات!) أي: أن كلاً منهما يعلم ماذا يبحث عنه الآخر. ثمة قول مأثور يقول: ربي احرسني من أصدقائي، أما أعدائي فإنني أعرف كيف أحرس نفسي منهم. وقال العباس بن الأحنف: قلبي إذا ما ضرّني داعي تكثر أسقامي وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي إذا كان عدوّي بين أضلاعي ويقول: من ذا يعيرك عينه تبكي بها أرأيت عيناً للبكاء تُعارُ؟ رأيُ بعض رواد العلاقات الدولية أن الخطر على الدول والأمم لا يأتي من الخارج إلاّ نادراً. لذا فمسألة "العلاقات الروحيّة"! و"العلاقات الأخوية" لم يعد لها في زمننا وجود. وقد استهزأ الروائي الإنجليزي جرين في روايته "معتمدنا في هافانا" من دول لم يُسمّها في تصريف الكثير وتُضحي بمصالح شعبها من أجل ال Spiritual Links أي العلاقات الروحية التي لم يعد لها وجود في النصف الثاني من القرن الماضي. فكيف بالنصف الأول من القرن الحالي. والمشكلة الحقيقية الآن هي فيما سببتهُ سياسة الالتواء وضعف الشفافية في التعامل الدولي. فكل يشير إلى الاعتماد على دبلوماسية المنافع والمال بدأت تتوارى ولم تعد تنفع في القرن الواحد والعشرين. من المتفق عليه أو البدهي أن التحديات الداخلية بكل أشكالها وأنواعها وليس التحديات الخارجية، هي الخطر الذي يجب أن نتنبه إليه - كعرب - ونعمل على مواجهته بكل قوة وحزم.. ما أسهل أن ينهزم العدو الخارجي إذا كان الصف الداخلي صلبا صعب الاختراق، وسهل أن نفلس إذا كان واقعنا الداخلي مضطربا.