من أفلام إيران السيئة الإخراج ما تبثه من رعب وخوف بين مواطنيها من الأجنبي أو الغرب الكافر أو كما تسميه دول الاستكبار العالمي. ومنها ما تجعل مواطنيها في حالة استنفار وجداني ونفسي وربما مادي من أجل صناعة شوفونية مزيفة، وإرضاء العامة بانتصارات خارجية وهمية اعتادت بعض الحكومات على ارتكاب أعمال مشينة، تهدد بها دول الجوار أو تقمع بها مواطنيها، هذه الأعمال هي مثل أفلام الفوضى والرعب. وحكومة إيران اعتادت على هذا الصنيع غير المسؤول. وهي لا تدري أن ثمن أفلامها قد يتجاوز الضحك والتسلية، لأن نتائج أفلام الرعب والفوضى قد تكون وبالا عليها، وهي إن نفذت برأسها من مشكلات إقليمية، قد لا تنفذ في كل حين. تتبنى حكومة إيران أجندة سياسية مغلفة بغطاء طائفي في ربوع الشرق العربي وفي شمال أفريقيا. وهي انخدعت بتحقيق مكاسب على الأرض في لبنان والعراق وسوريا. لكنها غفلت عن حقيقتين إما تجاهلاً أو جهلاً. وأنا أميل إلى الأخرى. الحقيقة الأولى أن المملكة العربية السعودية بثقلها وتاريخها ومكانتها في الداخل والخارج غير ما تحسبه أو تظنه حكومة إيران. واللعب بأفلام الرعب والفوضى وإثارة النعرات الطائفية لا يمكنه أن يخترق جدار المملكة السميك، وهو إن اخترقته على استحياء سيلاقي رداً لا يتوقعه منتج ومخرج الأفلام. والحقيقة الأخرى أن العلاقات الدولية والقانون الدولي وثقافة الجوار لا يسمحان أن تلعب أي دولة لعبة أفلام الفوضى. ولا يمكن أن تستمر أي دولة في لعبتها ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين المنظمة للحياة الإنسانية. ويبدو أن تراتبية الفكر السياسي لا تعرفه حكومة إيران. حكومتها تدير هذا البلد المسلم الطيب بطريقة هايتشكوك. وهي تحسب أن المجتمع الدولي المتحضر سيقف دائماً مشاهداً لأفلامها سيئة الإخراج والمبنى والمعنى. تخطئ حكومة إيران مرات عند تدخلها غير المسؤول في شؤون دول الجوار، وهي تحسب أن فكر التسامح الذي سارت عليه دول الجوار، وخصوصاً المملكة العربية السعودية سيستمر، أو أنها تظنه دليل ضعف أو عجز. وهي قد لا تعرف أن فكر التسامح يأتي دائماً من منبعين: الأول مراعاة إيران لأنها دولة جارة يجمعنا وإياها الدين والتاريخ ولدينا مصالح مشتركة وتاريخ مشترك. والمنبع الثاني أن الوضع الإقليمي أو الدولي لا يرى ضرورة التصدي في وقت معين لأفلام إيران السيئة. لكن هذا قد يتغيّر في لحظة. وللصبر حدود. وما تظنه إيران ضعفاً أو عجزاً قد تفاجأ أنه قوة وأية قوة؟ قوة المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ليس فقط قوة مادية ممثلة في النار المحرقة التي تملكها، بل قوتها أيضا في وحدة ولحمة متماسكة تربط الشعوب بحكوماتها. ويبدو أن إيران لا تعي هذه الحقيقة. عليها إذن أن تعود لدفاتر التاريخ لتعرف كم من النوازل السياسية والعسكرية تحطمت على جلمود لحمة الشعب السعودي وحكامه. قوة الحكومة السعودية لم تأت من فراغ، ثلاثمائة سنة ونيف مرت وتمر على الوحدة الوطنية، وما تأثرت أو استكانت. سقطت حكومات إيرانية وعربية من دول الجوار لأنها تخلت عن شعوبها أو لأنها أدخلت شعوبها في مغامرات صبيانية أكلت الأخضر واليابس، فكان سقوطها على يد مواطنيها، أو كان مواطنوها يستدعون دولاً خارجية لإسقاط حكوماتهم. من أفلام إيران السيئة الإخراج ما تبثه من رعب وخوف بين مواطنيها من الأجنبي أو الغرب الكافر أو كما تسميه دول الاستكبار العالمي. ومنها ما تجعل مواطنيها في حالة استنفار وجداني ونفسي وربما مادي من أجل صناعة شوفونية مزيفة، وإرضاء العامة بانتصارات خارجية وهمية، ليغفل المواطن عن حاجته إلى رغيف ومدرسة وطبيب، ناهيك نسيانه تماماً لمستلزمات الحياة العصرية مثل بنية تحتية قوية وحديثة. ومن أفلام إيران التي تصدرها لدول الجوار أفلام الطائفية والمذهبية، وأفلام التدخل السافر عن طريق تبديد ثروة البلاد في مغامرات صبيانية، أو التعاون مع خلايا إرهابية نائمة والقائمة تطول. حسابات الحكومة الإيرانية غير دقيقة، فهي مثلاً تعول على المكون الشيعي السعودي، وهي تحسب أن السعوديين الشيعة رهن إشارتها، وأنها تستطيع أن تصنع منهم خلايا نائمة، توقظهم متى ما أرادت. وهذا الفكر أو الصنيع أكل عليه الدهر وشرب. والسعوديون الشيعة مثلهم مثل السعوديين السنة قد تجاوزوا ولله الحمد فكر العصور الوسطى، ولم تعد فتاوى التكفير تعمل عملها، ولم تعد حكايات التاريخ القديم مقبولة. شعب المملكة بمكوناته المتعددة شعب متحضر، يسير في درب المدنية، ويتمتع بحياة راغدة، وليس عنده استعداد ليرهن حاضره الزاهر من أجل حكايات التاريخ العتيقة. الأمر لله من قبل ومن بعد، وستجني حكومة إيران ثمرة تدخلها في شؤون الجوار فاكهة ذات غصة. سترى إيران إن هي استمرأت هذا الصنيع أن ما تزرعه من فوضى وطائفية وشغب وغيرها نار تأكلها كما أكلتها مغامراتها في حروب إقليمية.