يا له .. من فضاء شاسع .. وسر عميق ورائع ..وحقيقة نحتاجها .. ونكون في حالة وصولنا إليها ؛ أكثر شعوراً بها .. وأكثر اقتراباً منا .. ومن قوانا .. وأكثر تمسكاً بحقيقة وجودنا ، نتصل بالروح .. لتدلّنا على سرّ الإبداع داخلنا ، نتلّمس من خلالها الوعي الكامن في أرواحنا التي تخبئ وهج الإبداع بين زواياها .. فها أنا في ملامسة مستمرة ، يقودني قلق المعرفة ، يمد أمامي أجنحته ويعلّقها في سماء شاسعة .. أكتب ، أمحو ، أفكر .. أسأل ، أتابع .. أترقب الوجوه .. الأفعال ، الناس ، المواقف ، الحالات ، اللغات ، التفاصيل ، استنتج .. أفكرّ ، أتذكر ، أعصف الذهن بالمعنى الذي لا ينتهي والكلمات التي لا تتوقف بغيثها عن الهطول .. بينما أعشاب الأسئلة لا تزال تتسلق الوقت .. وتتخذ من فراغ اللحظة حيزاً تصوغ من خلاله الإحساس الذي يتوّرد كالحياة .. ويفتح حالة تتشابه أطرافها مع هذه اللوحة التي تصطف في زواياها المصطلحات /المخيلة والذات والنفس والروح والداخل ..لتصوغ مشهداً ناصعاً لحقيقة الحالة الإبداعية . .. سأترك الداخل إلى لحظة أخرى وأسبر غور الخارج .. أفتش في المصطلحات والكتب والتواريخ والعوالم عن إجابات لما كنت أراه وأحسه وأعانقه ليلاً أو في منتصف ظهيرة تتسع لصحراء جافّة وقلقة .. منغمسة أشجارها في صمت كثبان لا تكفي لتشابك أغصان من الكلام .. فأجد وألمس وابتهج وأقرأ إلى ما لانهاية أكتب إلى ما لانهاية .. انهمر مع ما ينهمر حولي وأتدفق ممزوجاً بحروفي .. وأستدير حول ذهني كفراش مصابيح أنهكها اللهاث وتحليق الليل حول حوافها الأثرية .. أعيد التأمل .. والبحث .. وأقول : لابد لهذه الأسئلة أن تنفجّر ، كيف تتجلى الروح و كيف تنبعث طاقة الوعي والاختراق وقدرات البشر المكتشفة وغير المكتشفة.. كيف نصل إلى معرفة هذه الحقيقة ؟. إن البشر مبدعون بشكل أكبر مما نتصور، لديهم قدرات أكثر وقادرون على تجاوز حدود التقليد وحدود المعرفة وحدود الحدود إلى ما هو أبعد.. أكتب : الخروج على المألوف يبعد العقل عن شروطه وأنماطه وحالته المعرفية التي فرضها التعليم والمجتمع، مؤكداً أن القصد في الإبداع والذهنية العالية والمعرفة تشوّه الإبداع وتحد من حيويته وحريته وربما تكون عائقاً أمام حضوره.. نتذكر كل الاكتشافات العظمى، جاءت في حالة استرخاء تام، في حالة عفوية تامة. فالفنان الحقيقي، كما يقول أوشو، يختفي من أعماله، وهو يعرف أنه لم يخلق شيئاً بل الله خلق الأشياء من خلاله، فإذا كان وجود الفنان طاغياً في أعماله ستكون مثيرة للاشمئزاز وعصابية".