حينما ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - يوم الأحد الماضي الموافق 27/10/1432ه خطابه السنوي في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، استهل خطابه عن كفاح والد الجميع الملك عبدالعزيز مع الأجداد - يرحمهم الله - وأن ذلك أثمر وحدة القلوب، والأرض، والمصير الواحد، وبعد أن أردف يحفظه الله بقوله: (واليوم يفرض علينا هذا القدر أن نصون هذا الميراث، وأن لا نقف عنده بل نزيد عليه تطويراً يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية) نجد بأن ذلك كان مقدمة لما بعده عندما أكد في العبارة الأخيرة بقوله: (وألا نقف عنده بل نزيد عليه..) وأنه سيأتي شيء لم يكن في السابق!! لذلك نجده دوى بقرار تاريخي يعطي المرأة السعودية الحق في المساهمة في صنع القرار جنباً إلى جنب مع الرجل، والإدلاء برأيها والأخذ بمشورتها، وذلك بالمشاركة في مجلس الشورى كعضو اعتباراً من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية، بالإضافة إلى أنه يحق للمرأة أن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية، ولها الحق كذلك في المشاركة في ترشح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف اعتباراً من الدورة القادمة، مستشهداً بقوله: (يعلم الجميع بأن للمرأة المسلمة في تاريخنا الإسلامي، مواقف لا يمكن تهميشها، منها صواب الرأي والمشورة، منذ عهد النبوة، ودليل ذلك مشورة أم المؤمنين أم سلمة يوم الحديبية، والشواهد كثيرة مروراً بعهد الصحابة، والتابعين، إلى يومنا هذا). وتأتي هذه الخطوة غير المسبوقة لتحدد مسار المرأة السعودية التي أثبتت جدارتها في كثير من شؤون الدولة والمناصب التي تقلدتها، لتسهم في النهوض بهذا البلد، وليثبت ولاة الأمر للعالم بأن المملكة العربية السعودية تساير الركب والتطور كي تمشي عجلة نهضتها ضمن منظومة عالمية، ولكن على خطى ثابتة ومتزنة، وعلى ضوء من هدي الشريعة السمحة. وركز خادم الحرمين الشريفين على التحديث المتوازن، والمتفق مع قيمنا الإسلامية، التي تصان فيها الحقوق، وأن ذلك مطلب هام، في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين، والمترددين!! وهذا دليل على أن ولاة الأمر سيمضون قدماً للتطور، والأهم من ذلك أن يكون متفقاً مع قيمنا ومبادئنا الإسلامية. وقبل أن يقرر الملك عبدالله هذا الأمر نجده - يحفظه الله - لم يغفل رأي العلماء، وذلك بقوله: وبعد التشاور مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء، وآخرين من خارجها، والذين استحسنوا هذا التوجه، وأيدوه..) وهذا دليل على بعد نظره وشموليته لما ينوي اتخاذه، فلا ينفرد في اتخاذه لقرار مصيري كهذا!! وهناك عدد من القضايا والأمور المتعلقة بالمرأة التي لا يعرفها إلا هي، وكانت مثل تلك القضايا تشكل للرجل مشكلة وهاجساً كبيراً لأن المرأة أدرى بشؤونها من غيرها، فكان لهذا الخطاب أصداؤه الطيبة لدى النصف الآخر، وكان ذلك رداً عملياً على من يقول إن المرأة مهمشة في هذا البلد، وليس لها أي كيان!! وفي الختام وإن كانت هذه الكلمة مقتضبة إلا أنها جاءت حاوية ومركزة، وتحمل في طياتها مضامين هامة، وقرارات مصيرية ستأخذ منعطفاً تاريخياً يكتب في سجل هذا الوطن، وقائده!!