إن الله قد خط في العالم الطريق الذي يتعين أن يسلكه كل منا وما علينا إلا أن ننتبه إلى ما في الطريق من علامات.. حينما تريد شيئا بإخلاص فإن العالم كله يتآمر من أجل تحقيقه.. ما يحدث مرة لا يحدث ثانية وما يحدث مرتين لابد له من ثالثة.. إن كل الأشياء هي شيء واحد.. الأشياء البسيطة هي أغرب الأشياء والحكماء وحدهم هم الذين يرونها.. هذه وغيرها هي عبارات الحكمة البسيطة والرائعة في آن واحد التي قدمت الأديب البرازيلي باولوكويلو إلى قراء يمتدون في 150 دولة وبستة وخمسين لغة بمبيعات قاربت 50 مليون نسخة . يدعو كويلو من خلال أعماله للتقارب بين الحضارات والتسامح بين مختلف الثقافات وبالتركيز على ماهو مشترك انساني عام مع الاعتراف بالخصوصيات الحضارية . جاء إلى القاهرة بعد 18 عاما من زيارته الأولي والتقيناه - في زيارته القصيرة - لكي نحاول الاقتراب من عقل أديب تتميز أفكاره بأنها عابرة للثقافات . هذه هي زيارتك الثانية لمصر بعد الزيارة الأولى التي قمت بها عام 1987 لماذا تأخرت هذه الزيارة؟ ٭٭ أبدا .. لم تكن متأخرة، أعتقد أنه في الحياة دائما توجد لحظة محددة لكل شيء أو كما يقولون في الثقافة العربية كل شيء بأوان . فالأشياء تأتي في الوقت المحددد لها مثل بطل روايتي السيميائي ذلك الراعي الذي وصل إلى أهرام مصر في الوقت الذي كان محددا ومقدرا له من قبل . لقد جئت إلى مصر في المرة الأولى ولم أحس بأنني أجنبي فلم أشعر بالغربة لأن المصريين عاملوني واستقبلوني بشكل جيد . في المرة الأولي لم أكن معروفا وأثرت الرحلة في كثيرا أما هذه المرة فقد أصبحت معروفا وقد جئت ككاتب لأشكركم على ما ساهمتم به في نجاحي ولكي أشارككم بعضا من فرحتى اني عشت هذه التجربة . وبالرغم من ارهاقي ومشاغلي فقد فضلت المجيء إلى مصر لألتقي بالكتاب والقراء وأتحاور مع الجميع . تردد أن لزيارتك علاقة بمشاكل في النشر؟ ٭٭ أحد أسباب الزيارة هو تسوية الوضع بالنسبة للنشر والترجمة .. فلدي دور تنشر لي في عديد من الدول لكن ليس لدي دار نشر هنا في القاهرة لذلك تم الاتفاق مع دار نشر خلال هذه الزيارة لأنه كان من المستحيل أن آتي لأنشر في مصر عن طريق دار نشر أجنبية، والمشكلة لم تكن في المال وإنما كانت في الترجمة، فقد ظهرت ترجمات إلى العربية لم تكن دقيقة وعلمت أن بعض الترجمات أضيف لها ما لم يكن موجودا في النص الأصلي، ولأن هذا الأمر معقد فقد قررت المجيء بنفسي لتسوية الوضع ولأني أحترم القاريء الذي صنع نجاحي فقد دفعت ثمن رحلتي واقامتي لكي أرى قرائي الذين يستحقون ذلك . ترجم لك الروائي بهاء طاهر رواية السيميائي التي قدمتك لقراء العالم العربي ، فلماذا لم تتكرر التجربة؟ ٭٭ لقد ذكرت فضل بهاء طاهر مرات عديدة، وأعترف بذلك لكني لا أعرف لماذا لم تتكرر التجربة .. هذا عملك أن تعرف لماذا وهذا ما أحاول البحث عنه أيضا . فبعض الترجمات ليست جيدة، ولذلك أنا هنا في مصر . - بدأت كتابة الروايات في سن الأربعين .. ألم يكن ذلك متأخرا؟ هذا سؤال جيد لأن الناس تظن أنه في سن الأربعين لا يمكن أن نبدأ . الناس يعتقدون أن سن الأربعين لا يحدث بعده تغيرات وأن هذا متأخر على أي طفرة أو توجه مختلف . كان حلمي دائما أن أكون كاتبا روائيا والحلم تحاول تحقيقه وأنت شاب، ومن المهم أن تحارب لكي تصل لهذا الحلم وهناك لحظة في حياتك تحقق فيها حلمك، ويمكن أن تأتي هذه اللحظة في أي وقت واللحظة بالنسبة لي تأخرت وقد كنت خائفا من الفشل، وهو أسوأ ما يحدث لإنسان . لقد أردت أن أكون فنانا لكن أهلي لم يفهموا ما معنى ذلك فلم يكن في عائلتي أي فنان لقد حاول أبي وأمي معي كل شيء لكي ابتعد عن هذه الفكرة التي ظلت تطاردني وبسبب الحب الجارف من أب وأم تصورا أن عندي مشكلة عقلية لأنني كنت متمردا جدا فادخلاني مصحة عقلية، وفي هذه اللحظة المعقدة جدا فهمت أنهم فعلا ذلك لأنهما يحباني وقدما أفضل ما يحميني من وجهة نظرهم، ولكن بعد عامين أو ثلاثة أدركا أنني لم أكن مريضا . لقد دخلت المصحة العقلية ثلاث مرات لكني تعلمت أن عليك النضال في فترة مبكرة من حياتك كي تصل لما تريد . كذلك تعرضت لتجربة السجن ثلاث مرات، ولم أتعلم أي شيء في السجن، فقد كانت خبرة من الكراهية الخالصة لقد آلمني كيف أن يكون الانسان طبيعياً ويتم إخضاعه بواسطة السلطة وكان من المستحيل أن أحقق حلمي في هذه الفترة التي كتبت فيها بعض الأغاني الشعبية وعملت كصحفي ومؤلف دراما .. الظروف التي أحاطت بي هي التي أخرت بدايتي لكن جاء اليوم الذي امتلكت الشجاعة لتحقيق حلمي وهو كتابة الأدب، فالشجعان فقط يستطيعون أن يحققوا أحلامهم . عليك أن تكون شجاعا قبل أن تبدأ في أي شيء . عندكم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بدأ بعثته في سن الأربعين وعندنا المسيح بدأ في سن الثلاثين، لكن أعتقد أن المسألة ليست بالسن ولكن بالإرادة .. الإرادة فقط والشجاعة هي التي تحدد البداية، المسألة هي قرار تأخذه مع نفسك لكي نبدأ ويمكن أن يتم هذا في سن العشرين، الثلاثين أو الأربعين أو حتى الخمسين والستين . في الحقيقة تستطيع أن تبدأ في أي وقت حتى لو كان هناك مخاطرة ألا تنجح فالمهم أن تكون لديك الشجاعة والمثابرة للوصول إلى الهدف والله دائما سيكون معك . في عهد الديكتاتورية في البرازيل (64: 1985) سجنت ثلاث مرات ومع ذلك فالظلال السياسية تبدو غير واضحة في أدبك؟ ٭٭ لا .. فأنا أعتقد أن كتاباتي سياسية جدا لكن ليس بالمعنى الكلاسيكي للسياسة أنا أفضل تقديم السياسة بطريقة غير مباشرة، أي بمفهوم المشاركة الشعبية فالديمقراطية مصطلح يوناني معناه اشتراك الشعب في الحكم لكن عندما أتحدث عن السياسة أفضل مفهوم المشاركة الشعبية، وليس الحديث عن الاتجاهات السياسية التقليدية، فالسياسة الجديدة في رأيي هي مسؤولية شخصية لكل منا في أن يشارك وليس في أن ينعزل . - هناك مقولة أن الأدب كلما أغرق في المحلية كان هذا طريقه للعالمية ومع ذلك فإن معظم رواياتك تدور في بلاد أخرى غير البرازيل، وخارج أمريكا اللاتينية . ٭٭ هذا صحيح لكن العالمية ليس معناها أن أكتب عن البرازيل أو أمريكا اللاتينية فقط ولكن معناها أن أرى العالم بعيون برازيلية أو بعيون أمريكا اللاتينية . فأنا برازيلي دما ولحما وأنظر للعالم كبرازيلي حتى لو لم أكتب عن البرازيل . فأنا شغوف بالكتابة عن الأشياء التي لا أراها في البرازيل .. وهناك كتاب معاصرون في البرازيل يفضلون الكتابة عن البرازيل لكن بالنسبة لي أفضل الكتابة عن عوالم مختلفة عن تلك التي عرفتها وألفتها . أدب أمريكا اللاتينية له صدى جيد في العالم العربي خاصة أنت وجارسيا ماركيز ما هي أصداء الأدب العربي في أمريكا اللاتينية؟ ٭٭ نفس الصدى فلديكم أدب كلاسيكي رائع نقرؤه مثل ألف ليلة وليلة التي تعرف ب- الليالي العربية ولديكم أيضا نجيب محفوظ الذي حصل على نوبل .. لكن بسبب مشاكل الترجمة قليلا ما تجد كتابا معاصرين من أمريكا اللاتينية مشاهير في العالم وعندكم نفس الشيء . المشكلة أن التواصل ضعيف لذلك جئت لألتقي الكتاب والقراء المصريين، والهدف أن نقيم جسرا بين الثقافات يقاوم الأعاصير حتى لو كانت الجسور الأخرى كالروابط السياسية لا تقوم بدورها . أنا أحاول أن أخطو خطوة مع الثقافة المصرية والعربية المعاصرة مع احترام الأديان وأسلوب حياة كل منا . ما هي العلاقة الخاصة بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي؟ ٭٭ نحن متشابهون .. لدينا نفس المشكلات الاجتماعية، الفقر والبطالة .. لدينا نفس الأزمات التي لا تنتهي أبدا، ولدينا قضايا .. لكي ندافع عنها ونقاتل من أجلها .. لدينا نفس الحماس لتحويل العالم في المستقبل إلى عالم أفضل وأقوى . نحن متشابهون في أشياء كثيرة .. (ضاحكا) لكن ليس من بينها كرة القدم . أمريكا اللاتينية لها توجه مختلف عن الإسلام عن ذلك الموجود في أمريكا الشمالية !! أنا أقرأ القرآن، وأحتفظ به بجانبي دائما في غرفة نومي بجوار فراشي، وقد اشتريت نسخة لترجمة معاني القرآن من المغرب باللغة الفرنسية، وقد قرأته مرة كاملا، والآن اقرؤه جزءا جزءا بتمعن أكثر . وأنا أحترم القرآن كثيرا جدا لأن فيه معاني وقيما رائعة، وأنا أنقل هذا الإحترام للآخرين، ولذلك هناك من يهاجمني لأنني أعارض توجهات أمريكا ضد الإسلام وعندما هاجمت الرئيس الأمريكي جورج بوش بسبب حربه على العراق كتبت الحقيقة، وقلت رأيي بصراحة ولم أهتم بأن قرائي في أمريكا ممكن أن يغضبوا لكنني، قلت إنني ضد هذه الحرب وهذا الغزو . وقد فاجأني أن كثيرا من القراء الأمريكيين أرسلوا لي خطابات يعلنون موافقتهم على رأيي، وأنهم سعداء بسبب ما كتبته، وكثيرون غيرهم أبدوا تأييدهم وتدعيمهم لي . أنا قلق جدا على مستقبل العراق بسبب الصراع الدائر هناك لذلك لابد من وجود جسور بين الشعوب بعيدا عن السياسة، ولأن هذه الجسور ليست نظرة روائية أو فنية فإن الأدباء والفنانين والمبدعين هم القادرون على فعل ذلك . ٭ كيف ترصد العلاقة بين المثقف والسياسي أو بين من لديه الثقافة ومن يملك القوة والنفوذ؟ -- البعض لا يعطي السياسة أهميتها ولا يهتمون بها لكن بالنسبة لي السياسة شيء، مهم ومن الضروري أن تحترم النظام السياسي . وأريد أن أسألك نحن نعرف كتاب النبي أهم روائع جبران خليل جبران هل تتذكر السياسي الذي كان في عصره؟؟ ٭ لا - هذه هي الإجابة الكاتب يعمل لفترة زمنية أوسع، وعلى مدى أجيال نحن لم ننس جبران وكتابا آخرين وفنانين لكننا نسينا السياسيين الذين عاصروهم . ٭ بعض الأدباء يتبعون السياسيين ويتخلون عن مبادئهم ويرضون لأنفسهم أن يكونوا أدوات في أيدي الحكام؟ - بالنسبة لي يجب أن أكون منتبها لكي لا أقع في شيء مثل هذا لقد تمت دعوتي أكثر من مرة لترشيح نفسي لمناصب سياسية، لكني رفضت، ومن الصعب جدا أن نحكم على الناس، فكل إنسان يتحمل مسئوليات، وبعدها في النهاية نستطيع أن نحاسبه، أنا أؤمن أن مسئولية الأديب هي الكتابة من أجل تغيير العالم إلى الأفضل . ٭ ما هي وجهة نظرك نحو القادة العرب؟ - لا تسألني .. فهذا ليس شأني . إذا سألتني عن الرئيس البرازيلي فهذا شأني أما القادة العرب فهذا شأنك أنت . ٭ أسألك بسبب التغيرات السياسية والاجتماعية الحادثة في المنطقة والعالم؟؟ - أنا دائما يواجهني هذا السؤال، وبالنسبة لي في البرازيل أختار الرئيس بحرية، لكن لدينا أزمات وتغيرات، ولا أستطيع فهم كل ما يدور حولنا، ومن الصعب أن نقول من الذي يملك الإجابة للمعضلات والمشكلات التي لا نفهمها . وكذلك في العالم العربي من الصعب أن يدعي أحد فهم الحقيقة كلها لدينا نفس التغيرات وهناك قمة عقدت في البرازيل بين قادة العرب وقادة أمريكا اللاتينية لبحث القضايا المشتركة، لكني أعتقد أن التغيرات التي تجري في العالم وراءها بزنس . ٭ لديك اهتمام خاص بالنفس والبحث عن الذات ما هي رؤيتك للآخر المختلف معك؟ - أعتقد أن كل إنسان له الحق في الاختيار، وهذا موجود في كل كتاباتي وهذا هو احترام الذات سواء كانت مختلفة معي شخصيا أو دينيا إن رواية السيميائي مثلا تتكلم بطريقة محترمة عن الذات وتعطي للناس نظرة صحيحة عن الأسلام والثقافة العربية رغم أنه يوجد كثير من المغالطات المسيئة ضد الإسلام . ومع ذلك فأنا كاثوليكي ودون أن أكون مسلما - عندما أتكلم عن الإسلام أفعل ذلك بصورة موضوعية وعادلة .. إن هدفي في الحياة وفي العمل هو تنمية وتطوير هذا الفهم الذي يتيح احترام الذات واحترام الآخر في آن واحد، والفن هو الذي يستطيع أن يخفف هذا التواصل والتفاهم . ٭ ما هو رأيك في مقولة هينجتون عن صراع أو صدام الحضارات؟ - أعتقد أن هذا أمر مضحك للغاية فليس هناك صراع بين الحضارات وهناك من يريد أن يقنع الناس بمسألة صراع الحضارات لكني أعتقد أن هذا غير صحيح وغير موجود . ٭ لماذا؟ - لأننا كائنات بشرية لدينا اتجاهات مشتركة ونسير نحو نفس الضوء ويجمعنا أننا محبون للحياة وننظر اليها بنفس الحماس .. إن كل هذا يقودنا للتفاهم وليس للتصادم . إذا ظللنا نتحدث عن صراع الحضارات فقط فسيقود ذلك فعلا إلى صراع الحضارات .. أما إذا ظللنا نتحدث عن التفاهم والتسامح فسنصل إلى ذلك .. والمفروض أن نوقف هذا الفكر، ونقول إننا فعلا مختلفون لكننا نتشارك في نفس القيم ولدينا خصوصيات ولا يمكن لأحد أن يفرض على الآخر قيمه الخاصة . ولو تخيلت أنني أتيت إلى مصر فوجدت كل الناس تتكلم البرتغالية وتأكل الطعام البرازيلي فلن يجذبني هذا .. وأنتم لكم ثقافة مختلفة وهذا يغني تجربتي ويجعلني أتعلم وأرى أشياء جديدة ويمنحني نظرة أعمق للحياة ولكل البشر الذي يجب أن يسود بينهم علاقات الاحترام لا الصدام . هل يصلح الأدب وحده جسرا للتفاهم بين الثقافات؟ ٭٭ أعتقد أن الفن هو الكائن الحي الذي يستطيع أن يفعل ذلك . هذه هي مسئوليتنا الآن فكلما توافرت لدينا امكانية لابد وأن نتحدث عن هذا الموضوع، ولابد أن ننتج أفلاما ونصدر كتبا ونقيم أنشطة لتدعيم التفاهم بين الثقافات، لابد وأن نقول لمن يتحدثون عن صراع الحضارات توقفوا فهذا الصراع غير موجود .. فكل الناس متشابهون حتى وإن اختلفت لغتهم وألسنتهم وبخلاف اللغة فالبشر كائنات حية ولنا نفس الصفات الجسمية، ونفس مقومات التفكيرمما يجعلنا أكثر قدرة علي التعاون وليس على الصراع .. لابد أن نوقف فكرة الصراع المصطنع للحضارات لأن من يصفون وراءها لهم مصالحهم . ٭ هل تأثرت بكتاب عرب؟ جبران خليل جبران وقصص ألف ليلة وليلة . ٭ هل تأثرت بثقافات أخرى؟ طبعا - ثقافات عديدة ولكن الثقافة العربية هي الأقوى تأثيرا علي فقد كتبت السيميائي ومكتوب وزهير وكلها روايات تأثرت فيها بالثقافة العربية . ٭ متى سمعت كلمة مكتوب للمرة الأولى؟ سمعتها من كاتب برازيلي متأثر أيضا بالثقافة العربية لدرجة أنه غير اسمه الى اسم عربي وعلمت أن هذه الكلمة لا نظير لها في كل لغات العالم . فهي تشير إلى ماهو مقدر ومحتوم وسيقع دون أن نستطيع أن نمنع ذلك . ماهي الأجناس الأدبية التي تقرؤها غير الرواية؟ أنا تقريبا أقرأ كل الأجناس الأدبية .. الشعر والقصص ومقالات أدبية ومسرحيات وأقرأ في كل شيء ولدي كتابي المفضلين مثل جورج أرمادوا برازيلي - جورج لويس بورجيس أرجنتيني هنري ميلر أمريكي - وليم بليك انجليزي . إن القراءة هي الطريقة الوحيدة التي تمكنك من فهم العالم بصورة أفضل فأشكال الأدب لها من التنوع مايتيح لك الفهم والتعمق .. ومن المهم أن نفعل ذلك، ومن المهم أيضا أن نطلع على الصحافة والانترنت لكي تكون لدينا معلومات كثيرة لأن هذا أيضا يتيح لك اتخاذ مواقف ويمنحك القدرة على تحديد الوقت المناسب لفعل ذلك . مثلما فعلت أنا في موقفي من غزو العراق . ٭ من صاحب التأثير الأكبر عليك؟ لكي أكون محددا جدا فإن الناس الذين أقابلهم كل يوم يؤثرون في حياتي، وهناك تأثيرات متعددة، كما أن هناك كتابا وموسيقيين ورسامين وسينمائيين .. لكن في النهاية التأثيرات لا تحدث فقط ممن تعرفهم، ففي زيارتي الأولي الى مصر قابلت شخصا لم أره من قبل ولم أره بعد ذلك وربما لن أراه أبدا لكنه أثر في كثيرا . وقد قابلته عندما كنت أتجول ناحية الأهرامات كان اسمه حسن وكان مرشدا سياحيا . وقلت له أريد أن أدخل الصحراء ليلا وليس نهارا كبقية السياح فلم يكن همي الذهاب إلى الكرنك أو الأقصر ولكن كان همي الذهاب إلى الصحراء . وفعلا أدخلني حسن إلى ليل الصحراء الساحر وكان يصلي ويدعو ويقول تواشيح بصوت رائع فيه موسيقى أحببتها . إنها مناجاة أثرت فيّ كثيرا ولها إيقاع لم أسمعه من قبل لكني سمعته في صحراء الأهرام بالنسبة لي كان شخصا لا أعرفه في مكان أزوره لأول مرة وكان له أثر عظيم، فالتأثير لا يحدث فقط ممن نعرفهم ونألفهم ونعيش معهم ولكن ممكن أن يحدث مع أناس لم نعرفهم من قبل وقابلناهم مرة واحدة فقط . يمكن لكل انسان أن يتأثر بشخصيات عديدة لكن يمكن أيضا في وقت معين أن يأتي شخص ما ليغير حياتك ودائما ما كنت أعتقد أن هناك وقتا مكتوباً للتغيير . شخص ما في لحظة ما لإحداث تأثير ما لذلك يجب دائما أن ننتبه للآخرين وننظر إليهم لكي نتعلم ونفهم فهذا هو طريقنا للتغير إلى الأفضل . سيرة ذاتية ٭ ولد كويلو في ريودي جانيرو العاصمة القديمة للبرازيل في أغسطس 1947. ٭ التحق بالجامعة لكنه لم يكمل دراسته وهجرها لكي يعمل في المسرح ٭ دخل مستشفي للأمراض العقلية وهرب منها وسافر للولايات المتحدة وهناك التقى بالمنتج الموسيقي راؤول سيكاس وعرف طريقه للشهرة والمال بعد أن أصبح من أشهر مؤلفي الأغاني الشعبية . وعمل ككاتب مسرحي وصحفي ومؤلف مسلسلات . ٭ في عام 1974 نشر كتابه الأول عن المسرح والتعليم وفي عام 1987 نشر روايته الاولى حاج كومبوستيلا عن رحلته التي قام بها على الاقدام إلى مزار مار يعقوب في أسبانيا . ٭ وفي عام 1987 أيضا زار مصر ومر بتجربة خرج منها بروايته التي نشرت في العام التالي بعنوان السيميائي أو الخيميائي وقد أصبحت رواية ذائعة الصيت، لفتت أنظار القراء إليه في عديد من اللغات . وعرفها قراء العربية بعد أن ترجمها إلى العربية الروائي بهاء طاهر سنة 1996. ٭ حصل على أكثر من 12 جائزة دولية وأنتخب عضوا بالاكاديمية البرازيلية للآداب . ٭ تأثر بالمفكرين ماركس وانجلز وبالثائر الارجنتيني شي جيفارا . ٭ مر بأزمة إيمانية وبحث عن خبرات روحانية جديدة فعرف عالم السحر الذي قاده إلى المخدرات . ٭ اختطف علي يد إحدى الميليشيات أثناء الحكم العسكري في البرازيل ونجا من التعذيب بمعجزة ووضع حدا لتمرده وجنونه وبدأ يهتدي إلى الكتابة . ٭ يتميز أسلوبه بالبساطة وإحياء حاسة تذوق الغموض والسحر . ٭ له نشاط خيري واسع من خلال مؤسسة تحمل اسمه في البرازيل لرعاية اللقطاء والاطفال المشردين ومن خلال عمله كمستشار في منظمة اليونسكو في برنامج حوار الثقافات . - ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة