الجميع على اختلاف المستويات والطبقات يفتخر بما وصلت إليه بلادنا ولله الحمد من تقدم ونهضة تنموية شاملة، لا سيما في هذا العصر الذهبي (الربيعي) الذي يقوده الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز أعزه الله. قرأت مؤخراً في جريدة «الرياض» العدد (15795) إعلاناً صادراً من إدارة التشغيل والصيانة بالخرج والسليل، مضمونه توفر عدد (200) عامل نظافة للشوارع والميادين وخلافه يعني (كناسي شوارع!!) ويشترط الإعلان أن يكون المتقدم سعودي الجنسية لا يقل عمره عن (18) سنة، معادلة صعبة جداً بين مغزى قائل هذا البيت الذي شطره (أرفع رأسك أنت سعودي..) ومغزى هذا الإعلان، كيف نفهمهما ونوفق بينهما؟! ثمة تساؤلات جديرة بالطرح منها: هل وصلت الحالة الاجتماعية بنا لهذه الدرجة؟ أين مؤسسات النظافة العاملة بالبلديات؟ قد يقفز من يلعب على الوتر الحساس ويقول هذا خير من البطالة! لكنني وأنا المتواضع، أتساءل: هل بلغنا حداً مادياً متدنياً لنقدم على هكذا خطوة؟ هل أقفلت جميع أبواب طلب المعيشة في وجه المواطن؟ هل يحبذ المسؤول في هذه الجهة المعلنة مثل هذه الوظيفة لابنه؟ نريد إجابة صادقة بعيدة عن التنظير؟ بلادنا ولله الحمد أكبر مصدر للبترول، وقادتها الشرفاء دائماً يعلنون ذلك في مناسبات عدة على سبيل الفخر والاعتزاز، نعم وألف نعم، العمل ليس عيباً في ذاته، لكننا في هذه البلاد الكريمة والعزيزة، لم نصل إلى هذا المستوى، مجالات العمل الرفيعة في بلادنا كثيرة وهي لم تزل بحاجة المواطن مهما قل مؤهله العلمي، أما نظافة الشوارع ودورات المياه، فمعلوم أصحابها، هم من أجبرتهم الظروف لها - غير منتقصين لهم - لا نريد زج المواطن في هذا النوع من المهن في هذه الحقبة الذهبية، أقول لكل مسؤول يريد امتهان المواطن، لا وألف لا، فالبلاد بألف خير، وقادتها يرمون لرفعة شأن المواطن، والمجالات الشريفة كثيرة في البلديات وأمانات المدن، لماذا يساق المواطن إلى مثل هذه المهن الوضيعة، والبديل موجود؟ والله عيب! يا جماعة، اتقوا الله في المواطن، كبيرة والله في حق هؤلاء المساكين، كم كنت متمنياً أن يصاغ هذا الإعلان بغير هذه الطريقة المهينة، أين هذه البلديات عن خريجي مراكز التدريب المهني الهائمين على وجوههم؟ أين إدارات التشغيل والصيانة في بلديات المدن عنهم؟ لم أفهم بعد ما المراد من الإعلان، وصح لسان الأمير الشاعر خالد الفيصل الذي يعلن افتخاره بالمواطن السعودي بقوله: (أرفع رأسك أنت سعودي.. غيرك ينقص وأنت تزودي)! نحن ننعم بقيادة راشدة رحيمة، وأمن واستقرار ورغد عيش، كل ذلك يستحق منا الوفاء والولاء للقيادة والوطن، وتقدير هذه النعمة حق قدرها.. ودام عزك يا وطن.