أعجبت كثيرا بمقطع فيلم كرتوني متحرك تلقيته الأسبوع الماضي عبر البريد الالكتروني من إعداد الصندوق العالمي للحياة للبرية يصور غابة غناء يخترقها نهير تنساب مياهه الزرقاء النقية بين أشجار متشابكة تحفه الإعشاب والزهور ذات الألوان الزاهية وتحوم حوله الطيور مغردة بأجمل الألحان .. ثم تأتي سيارة نفايات وتفرغ ما بي جعبتها في هذا النهر وتغادر بعد أن أردفت بنفث كميات من الدخان الأسود الذي عكر نسيم الغابة العليل ... يعود قائد السيارة إلى منزله ليستحم بعد عناء عمل يوم شاق وأثناء انشغاله بالاستحمام يفاجيء وبحركة كرتونية معبرة بجميع النفايات التي رماها بالنهر تخرج من (الدش) لترتطم به وتخمره داخل مكان الاستحمام ووسط أنين المصاب تخرج رسالة معبرة تقول » فكر قليلا دع أبناؤنا يعيشون في كوكب نظيف». وقد تبادر إلى ذهني أثناء متابعة المقطع الهادف إنني أعيش وفوق رأسي غمامة سوداء ليست غيمة أتطلع إلى غيثها أو قطراتها الندية لتغسل وجه المدينة، وإنما سحابة من التلوث تحوم فوق مدينتا الجميلة ولا يشاهدها سواء القادم من خارج المدينة إذ أن من يجهل الأحوال الجوية يعتقد بأنها ستسح ماء غدقا وتنتح نسيما عليلا ، إلا أن هذه الغمامة السوداء تقبع منذ عدة سنوات وتزداد يوما بعد آخر نتيجة إلى التلوث الناجم من عوادم السيارات ومداخن المصانع والممارسات الخاطئة من بعض المخالفين للقوانين البيئية . والشيء الذي يزعج كثيرا أننا لم نر أي تحرك من الجهات المسئولة عن صحة البيئة من أجل الحد من التلوث الذي تتفاقم مشكلته بصورة قد يكون علاجها في المستقبل شبه مستحيلا أو يكلف مليارات الريالات حتما ستؤثر على الدخل الوطني إذا ما أخذنا باعتبار أن مشكلة التلوث يشمل ضررها الجوانب الصحية والاقتصادية والاجتماعية والزراعية . إننا الآن لا بد أن نعمل في مسارين متناغمين من أجل تدارك حل إشكالية البيئة الأول هو معالجة التلوث الحاصل في بيئتنا سواء البرية أو الجوية البحرية من خلال تكاتف الجهود بين جميع الجهات المسئولة ورصد المبالغ الكافية وتحديد المناطق المتضررة وإعداد برنامج تنفيذي من قبل مختصين في إدارة البيئة ودرء المخاطر لتطبيق هذا البرنامج بصورة دقيقة ومكثفة للحد من تنامي المشكلة . أما المسار الثاني فهو الجانب الوقائي أي الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث ويجب أن تزرع هذه الثقافة في النسيج الاجتماعي من خلال حملة توعوية تنظيم بصورة إحترافية غير مرتجلة أو قصيرة المدى كما هو الحاصل في بعض الأسابيع التي لم تؤت ثمارها، وإنما يجب أن يفرض على كل جهة حكومية وشركة ومؤسسة كبيرة ضرورة إيجاد قسم أو إدارة تعنى بالمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث وصولا إلى بيئة خالية من الأضرار .