محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    البنك الدولي يعزز تمويلاته المخصصة لتخفيف آثار التغير المناخي    محافظ الزلفي يلتقي مدير إدارة كهرباء منطقة الرياض    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    أبها تستضيف منافسات المجموعة الرابعة لتصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    قراءة في الخطاب الملكي    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العولمة ستقود لزيادة غير مسبوقة على طلب البترول
النعيمي مخاطباً مجلس الشؤون الدولية بكاليفورنيا:
نشر في الرياض يوم 25 - 05 - 2005

توقع وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي أن تقود العولمة إلى نمو الاقتصاد العالمي الأمر الذي سيقود إلى زيادة غير مسبوقة في الطلب على البترول مشيراً ان فقدان الشفافية من العوامل التي تعقد مهمة تحقيق الاستقرار.
وقدر النعيمي الطاقة الإنتاجية للسعودية بحلول عام 2009م ب «12,5» مليون برميل في اليوم بزيادة قدرها «1,5» مليون يومياً مشيراً ان السعودية درست تصوراً لطاقتها الانتاجية لتصل إلى «15» مليون برميل في اليوم ويمكن تنفيذه عندما تتطلب احتياجات السوق ذلك.
جاء ذلك في كلمة لمعاليه بعنوان «العولمة ومستقبل السوق البترولية» ألقاها في مجلس الشؤون الدولية لشمال كاليفورنيا ومجلس العلاقات الخارجية أمس الأول بسان فرانسيسكو - كاليفورنيا واستهلها قائلاً:
تعود العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وولاية كاليفورنيا بوجه خاص، إلى ما يزيد على سبعين عاماً عندما كان لشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (شيفرون حاليا) السبق في التوقيع على اتفاقية الامتياز مع المملكة للتنقيب عن البترول. ولعلي أتساءل عما كان يمكن أن يقوله الجيولوجيون والمهندسون الأوائل لو قدر لهم أن يروا ما وصلت إليه الصناعة البترولية السعودية الضخمة التي كان لجهودهم الأثر الكبير في وضع لبناتها الأولى.
وتمتد علاقاتنا إلى أبعد من حدود البترول، فلأكثر من سبعين عاماً عمل بلدانا معا على جميع المستويات من أجل السلام والرخاء على الصعيدين الإقليمي والدولي، واتسعت هذه العلاقات وتنوعت في مجال التجارة والاستثمارات منذ أيامها الأولى.
ويُنظر إلى العلاقات السعودية الأمريكية غالبا من خلال التعاملات التجارية والبترولية والحرب على الإرهاب، إلا أن هذه النظرة لا تعكس بدقة عمق هذه العلاقات. فالحقيقة، أنها علاقة بين شعبين ارتبطا فيما بينهما بمساع وأهداف وعملا معاً ليس فقط من أجل مصالحهما المشتركة، بل من أجل خير العالم أجمع.
فقد عمل عشرات الألوف من الأمريكيين في الصناعة البترولية وفي مجالات اقتصادية أخرى لدينا وأسهموا في نماء بلدنا ورخائه، وفي نفس الوقت، درس عشرات الألوف من السعوديين في الولايات المتحدة وعاد الكثيرون منهم ليشغلوا وظائف قيادية في قطاع البترول والصناعات الأخرى في المملكة.
ومع أن علاقاتنا تمتد إلى أبعد من العلاقة البترولية، إلا اننا هنا اليوم لتبادل الرأي معكم حول مستقبلنا المشترك في مجال الطاقة. فنحن نتحول إلى اقتصاد سوق عالمية واحدة حيث تتلاشى الحدود التقليدية بشكل متزايد أمام حركة الأفكار وانتقال رؤوس الأموال. والكلمة العملية في المستقبل هي الاعتمادية المتبادلة، حيث يقترب كل منا من الآخر عن طريق توسعة التجارة والاستثمارات، أما محاولات البعض للانغلاق والتفرد في ظل هذا الاقتصاد العالمي الجديد فسوف يؤدي بهم إلى التأخر عن اللحاق بالركب.
وتحمل العولمة الأمل في حياة أفضل للناس في أنحاء العالم، غير أن الآمال ليست سهلة المنال دائما، فسوف تعترضنا مصاعب عديدة في محاولتنا الموازنة بين النمو الاقتصادي والرفاهية والبيئة والثقافة والتقاليد.
وحين نتحدث عن الأمل والعولمة، يجب علينا أن نتذكر الدور الرئيس للطاقة. فالنشاط الاقتصادي يحتاج إلى الطاقة لإنتاج السلع ونقلها إلى الأسواق وبيعها إلى المستهلكين. كما تزودنا الطاقة بالعديد من سبل الحياة الحديثة، وبدونها يصبح التقدم الاقتصادي ضربا من المستحيل.
ولسوف يزداد الطلب العالمي على الطاقة بسبب العولمة، غير أن الجيد في الأمر هو أننا أصبحنا أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، بمعنى أننا نحتاج إلى مقدار أقل من الطاقة في المستقبل عما احتجناه في الماضي لتحقيق التنمية الاقتصادية. إنني على يقين من أننا سننتج ونزود العالم بكميات من الطاقة أكبر من أي وقت مضى، وذلك بفضل الله وما هدانا إليه من تقنيات واختراعات.
وإدراكاً للدور الأساسي الذي تلعبه الطاقة، فسأتناول بعض النقاط بشأن مستقبل الطاقة لدينا.
أولاً، بالنظر إلى الوضع الحالي للتقنية، نجد أنه ليس هناك بدائل مجدية للزيت، وخاصة في قطاع النقل الذي يعتمد على البترول بنسبة 95٪ عالميا. وعليه، فسيظل البترول هو الوقود المفضل في وسائل النقل من حيث اقتصادياته وسهولة استخدامه خلال السنوات الثلاثين القادمة على الأقل.
فمع أن هناك تقنيات بديلة تحمل وعوداً للمستقبل مثل خلايا الوقود والسيارات العاملة بالبطاريات، إلا ان الواقع يُشير إلى أن أياً من هذه التقنيات لن تكون قادرة في الوقت الراهن على منافسة العربات المستخدمة للبنزين والديزل في محركات الاحتراق الداخلي.
وهناك بعض تقنيات الاقتصاد في الوقود التي تعد اليوم تجارية بل وتزيد قدرتها التنافسية يومًا بعد آخر، مثل السيارات التي تستخدم نوعين أو أكثر من الوقود. وتقف هذه التقنيات دليلاً على قدرة التطورات التقنية على مساعدتنا في استخدام مواردنا من البترول بشكل أكثر كفاءة والحد من أي تأثيرات سلبية على البيئة.
والآن دعوني أوضح أحد المفاهيم الخاطئة حول سياستنا البترولية، فنحن لسنا ضد ترشيد الطاقة وزيادة كفاءتها بل لسنا ضد أنواع الوقود البديلة. إنما الحقيقة هي أننا سنحتاج إلى مزيد من الوحدات الحرارية في المستقبل ويعني ذلك أنه سيكون هناك دور لكافة أشكال الطاقة والتقنيات. ونرى أن ترشيد الطاقة وتحسين كفاءتها من الأمور الهامة لأنها تتيح لنا أن ننجز الكثير من خلال ما نملكه من موارد.
ثانيا، ليس هناك ما يدعو للهلع، فليس صحيحا أن البترول في طريقه إلى النضوب قريبا. كما أن الحديث عن شح الإمدادات ليس بجديد، فالإدعاء بأن موارد البترول في العالم في سبيلها إلى النضوب هي ادعاءات قديمة قدم صناعة البترول نفسها.
وأنا على يقين من أن هناك كميات وفيرة متبقية من البترول يمكن العثور عليها واستخراجها. وينبع هذا التفاؤل لدي من شواهد التاريخ وأقوال الخبراء حول مجمل الموارد المتاحة.
ففي أوائل السبعينات توقع بعض الخبراء أن العالم يقترب سريعاً من زمن الشح في إمدادات البترول. وخلال هذه الفترة، وفيما كان المفترض وفق تلك الآراء أن يكون العالم قد استنفد مخزونه البترولي، واصلت احتياطيات البترول العالمية نموها من نحو 550 بليون برميل في عام 1970 إلى أكثر من 1,2 تريليون برميل في الوقت الراهن. وهي زيادة ضخمة بكل المقاييس إذا أخذنا في الاعتبار استهلاك العالم لأكثر من 800 بليون برميل خلال تلك الفترة.
وفيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، فقد قدرت احتياطياتها الثابتة بنحو 88 بليون برميل في عام 1970، فيما تشير تقديراتنا المتحفظة اليوم إلى أن هذه الاحتياطيات قد بلغت 264 بليون برميل برغم استمرار الإنتاج لمدة خمس وثلاثين عاماً منذ ذلك الحين. وقد أضفنا إلى هذه الاحتياطيات في العام الماضي أكثر من 5ر1 بليون برميل رغم إنتاجنا الذي بلغ أكثر من ثلاثة بلايين برميل في العام نفسه.
«كيف يمكن تفسير ذلك؟» يمكننا أن نجد الإجابة على هذا السؤال في طبيعة التقديرات الخاصة بالاحتياطيات البترولية. فهذه التقديرات ما هي إلا نتاج للمعلومات المتاحة حول المكامن وخصائصها، وهي بمثابة «لقطات ثابتة» تعكس أفضل المعلومات المتاحة في كل وقت. ولقد زادت تقديرات الاحتياطيات على مر السنين لأننا قمنا بتحسين معلوماتنا حول باطن الأرض، إذ أدى التقدم التقني في مجالات مثل المسح السيزمي ثلاثي ورباعي الأبعاد وتسجيل خصائص المكامن والآبار الذكية والآبار متعددة الاتجاهات والتوجيه الجيولوجي للقمة الحفر، إلى فهم أفضل لما يحدث في أعماق الأرض.
كما تدعمت معلوماتنا في هذا الصدد بدرجة كبيرة نتيجة تلك القفزة الهائلة في مجال الحاسبات الآلية التي أتاحت لصناعة البترول إعداد النماذج الإلكترونية الكبيرة والمعقدة التي تساعدنا في فهم العمليات المستمرة في المكامن بصورة أفضل والوقوف على حجم الاحتياطيات التي يمكن استخراجها.
ولقد كنا في المملكة العربية السعودية ننظر دائما بعين التقدير لأهمية التقنية في فهم المكامن وطريقة عملها، ولذا فقد أنفقنا استثمارات كبيرة لاقتناء أفضل هذه التقنيات وأحدثها.
فنحن نقوم في كل عام بحفر الآبار التقويمية، ليس من أجل إنتاج البترول ولكن من أجل الحصول على صورة أوضح لما يجري تحت الأرض، كما تتوفر لدينا إمكانيات عالمية في مجال استخدام الحاسبات الآلية لهذا الغرض. فكم المعلومات التي نقوم بمعالجتها إلكترونيا تفوق أربعة أضعاف ما يعالج في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، كما تشير بعض القياسات إلى أن قاعدة بيانات أرامكو السعودية حول المكامن في المملكة تعادل ثلاثة أضعاف قاعدة بيانات «قوقل» في الشبكة العنكبوتية، لذا، فإننا من رواد الصناعة في فهم المكامن التي نقوم على إدارتها.
إن لدى العالم كميات كبيرة من الاحتياطيات البترولية التقليدية وغير التقليدية، ولا يساورني شك في أن التطورات التقنية المستقبلية سوف تتيح لنا استخلاص كميات أكبر مما هو مقدر حاليا من مجمل الموارد وبصورة اقتصادية. فعلى سبيل المثال، فإن زيادة معدل الاستخلاص بنسبة 1٪، تضيف ما مقداره 70 بليون برميل من الاحتياطيات القابلة للاستخراج، وهي كمية تعادل أكثر مما يتم إنتاجه خلال عامين.
كما أعتقد أن الابتكارات التقنية ستجعل استهلاكنا للبترول أكثر كفاءة، مما يطيل من عمر الاحتياطيات العالمية... وكلما أصبحنا أكثر كفاءة في استخدامنا للطاقة، فنحن نزيد في الواقع من إمداداتها.
أما النقطة الثالثة فهي أن كلاً من المستهلكين والمنتجين، وكذلك الصناعة البترولية، يستفيدون من الأسعار المستقرة التي يمكن توقعها والتي تضمن عائداً مجزياً للمنتجين وللصناعة وتساهم في التنمية الاقتصادية عالمياً. غير أن تحقيق الاستقرار للأسعار عملية معقدة بفعل عوامل عدة تشمل التقلبات الدورية والإجراءات التنظيمية والدور الجديد للبترول كأحد الأصول المالية الاستثمارية ونقص شفافية الأسواق.
وتعلمنا تجارب الماضي أن الأسعار لا تبقى على ارتفاعها الشديد ولا انخفاضها الشديد، فرؤوس الأموال الاستثمارية تتبع الفرصة المواتية. وحين تنخفض أسعار البترول تبتعد رؤوس الأموال عن قطاع الطاقة وتتجه إلى قطاعات تدر عائداً أكبر، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات في مشاريع زيادة الإنتاج في مختلف مراحل الصناعة، مثل مشاريع الإنتاج والنقل والتكرير والتوزيع والتسويق.
وفي مثل هذه الأجواء، يزيد الطلب على الطاقة بسبب رخصها فيما تبقى الإمدادات على حالها أو تنكمش بسبب نقص الاستثمارات. ويصبح من المحتم أن ترتفع الأسعار لاستعادة التوازن عن طريق خفض الطلب والتشجيع على زيادة الاستثمارات في الطاقة الإنتاجية.
ونحن نلمس بعض هذه الآثار الفعّالة بشكل واضح هذه الأيام، فقد شهدت صناعة البترول في الفترة من منتصف الثمانينات إلى نهاية التسعينات فائضا في الطاقة الإنتاجية والتكريرية، وأدى هذا الفائض إلى بقاء الأسعار منخفضة وإلى زيادة القناعة بأن الطاقة الحالية كافية لتلبية المتطلبات المستقبلية، كما عزز انخفاض الأسعار من الزيادة في الطلب العالمي على البترول.
وكان من نتيجة ذلك أن زاد القلق في أسواق البترول بشأن قدرة المعروض على تلبية الزيادات المستقبلية في الطلب. وما ارتفاع الأسعار الذي نشهده حاليا إلا نتيجة مباشرة للفترة الماضية التي شهدت فائضا في الطاقة وانخفاضا في الاسعار.
وقد خلقت دورات ارتفاع الأسعار وانخفاضها التخوف لدى الصناعة البترولية التي تحتاج إلى رؤوس أموال استثمارية ضخمة وتحتاج إلى فترات طويلة لبدء الإنتاج وتحقيق الإيرادات، فضعف التوقعات يزيد من المخاطر التي تواجهها الشركات ومن ثم يجعلها تحجم عن الاستثمار في مشاريع إنتاجية جديدة.
وقد تؤثر الإجراءات التنظيمية، بصرف النظر عن مشروعيتها، سلبا على مجموعة أعمال الطاقة ومن ثم تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات بالنسبة للمستهلك. وقد أدت التشريعات العديدة والمعايير غير المتسقة إلى تقسيم سوق المنتجات، مما حد من مرونة تلك السوق وزاد من صعوبة ضمان استقرارها. كما أن هذه الإجراءات التنظيمية، شأنها شأن التقلبات الدورية، تزيد من المخاطر التي تتعرض لها صناعة البترول وتؤدي إلى تراجع الاستثمارات.
ولقد أصبح البترول أحد الأصول المالية الاستثمارية مثله مثل العملات والأسهم والسندات، وأصبحت عقود البترول المستقبلية والأسواق الفورية تجتذب مبالغ كبيرة من الأموال من صناديق المضاربة والمؤسسات الاستثمارية الراغبة في تحقيق أرباح كبيرة، والتي لا تتخذ قراراتها الاستثمارية بالضرورة في ضوء العوامل الأساسية السائدة في السوق، بل في ضوء العوائد المتوقعة مقارنة بالاستثمارات البديلة. وقد زادت هذه الأموال الضخمة من صعوبة الجهود التي تبذلها المملكة لتحقيق استقرار الأسعار.
وتُعد الشفافية شرطاً أساسيا لاستقرار سوق البترول. كما أن جمع المعلومات الخاصة بالطاقة وإعداد التوقعات الخاصة بها هو أحد مجالات التعاون بين المنتجين والمستهلكين التي يمكن أن تزيد من هذه الشفافية. وعلينا أن نسعى لتحسين تقديراتنا الخاصة بالطلب، وقد انطلقت الجهود في هذا الصدد وبدأت تؤتي ثمارها بالفعل. فقد ساهم المنتدى العالمي للطاقة، الذي كرس للحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة، في تعزيز الجهود التعاونية الوثيقة. ويمكن للأمانة العامة للمنتدى، ومقرها مدينة الرياض، أن تلعب دوراً مفيدا وبناء في تعزيز الحوار والتعاون المستقبلي بين منتجي البترول ومستهلكيه.
وتعمل المبادرة المشتركة لمعلومات البترول على إعداد قاعدة بيانات عالمية لإحصاءات البترول. وعندما يتم إصدار قاعدة البيانات هذه في وقت لاحق هذا الصيف، فسوف تساعد المبادرة المشتركة في الارتقاء بشفافية معلومات سوق البترول التي نحتاج إليها بشكل كبير، خاصة في الدول التي تتسارع فيها وتيرة النمو الاقتصادي.
رابعا، بالرغم من كل هذه التحديات، تظل المملكة العربية السعودية ملتزمة بتحقيق استقرار الأسعار. فلطالما لعبت المملكة دوراً مهما في استقرار أسعار البترول، وقامت في أوقات اضطراب الإمدادات بتوفير إمدادات إضافية للسوق، وبوصف المملكة مورد البترول العالمي الأكثر ثقة، فقد اتبعنا سياسة الاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة واستخدامها في المساعدة على استقرار السوق في أوقات الأزمات.
وتمثل الطاقة الإنتاجية الفائضة حجر الزاوية في استقرار أسواق البترول العالمية. وهنا أود أن أؤكد على أن تطوير طاقة إنتاجية فائضة والاحتفاظ بها من الأمور المكلفة جداً، غير أن المملكة آثرت ذلك من أجل المحافظة على استقرار السوق. وفيما يتعلق بالمستقبل، أستطيع أن أطمئنكم إلى أن سياستنا تقضي بالاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة تتراوح بين 1,5 و2 مليون برميل في اليوم.
والآن أود أن أعرض عليكم بعض المعلومات المحددة حول جهود المملكة للمساعدة في تلبية الطلب المستقبلي على البترول. فالطاقة الإنتاجية الثابتة للمملكة من البترول الخام تبلغ في الوقت الحالي نحو 11 مليون برميل في اليوم، تشمل طاقة إنتاجية فائضة بنحو 1,5 مليون برميل في اليوم.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأت المملكة في تنفيذ العديد من مشاريع البترول العملاقة التي سترفع من طاقتها الإنتاجية بصورة كبيرة للوفاء بالطلب والاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة.
وتمثل هذه المشاريع طاقة إنتاجية إجمالية تزيد على 3 ملايين برميل في اليوم سيستخدم جزء منها في تعويض النقص الطبيعي فيما سيستخدم الباقي في زيادة الطاقة الإنتاجية للمملكة. وبحلول عام 2009، سترتفع الطاقة الإنتاجية الثابتة للمملكة من 11 مليون برميل في اليوم حاليا إلى 12,5 مليون برميل في اليوم.
كما تم تحديد مشاريع أخرى للبدء في تنفيذها وقت الحاجة لتلبية أية احتياجات جديدة في الإمدادات. بل إن المملكة درست تصوراً لطاقتها الإنتاجية يصل إلى 15 مليون برميل في اليوم ويمكن تنفيذه عندما تتطلب احتياجات السوق ذلك.
وتمتد جهودنا لزيادة إمدادات الطاقة العالمية لتشمل أعمال التكرير والتسويق، إذ تقوم المملكة بزيادة طاقتها الإنتاجية ورفع قدرات مصافيها الحالية في المملكة وفي الولايات المتحدة والأسواق الرئيسة الأخرى التي تتواجد فيها. وبالإضافة إلى ذلك تدرس المملكة إنشاء مصاف جديدة داخل المملكة وخارجها يتم تصميمها بحيث تكون قادرة على معالجة البترول الخام المر والثقيل.
إن العولمة إذ تقود إلى نمو الاقتصاد العالمي، تقود أيضا إلى زيادة غير مسبوقة في الطلب على البترول. وفيما تتوقع زيادة الطلب بدرجة كبيرة، تظل هناك أيضا موارد كبيرة من البترول. وفي اعتقادي أن الإبداعات التقنية سوف تلعب الدور الأساسي في تحقيق التوازن في الأسواق عن طريق تحسين الكفاءة في إنتاج البترول واستهلاكه، وسوف يكون لتحسن الكفاءة نفس الأثر في زيادة الإمدادات.
لقد بات واضحاً أن المنتجين والمستهلكين كليهما يستفيد من استقرار الأسعار وإمكانية التنبؤ بها، غير أنه يجب أن يكون مفهوماً أيضا أن قوة تأثير التقلبات الدورية والإجراءات التنظيمية والدور الجديد للبترول كأحد الأصول الاستثمارية ونقص الشفافية في السوق من العوامل التي تعقد مهمة تحقيق الاستقرار.
وتبقى المملكة غير هيابة لما ينتظرها من صعاب. كما ستبقى المصدر الموثوق به للطاقة في العالم. وليس أدل على ذلك من البرامج الاستثمارية الضخمة والطموحة التي تقوم بتنفيذها في مجال التنقيب والإنتاج والتكرير والتوزيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.