حمدا لله على نعمة النفط وسياسات دولتنا الرشيدة التي تبذل قصارى جهدها منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وفي ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وفقه الله لحفظ الأمن واستمرار الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مملكتنا الحبيبة التي علمتنا وعالجتنا ووظفتنا وأسكنتنا في ظل نهضة حضارية متقدمة وتنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة بين مناطق المملكة. هذه الدولة التي أنفقت أكثر من إيراداتها بنسبة فاقت 100% في 2009, رغم حدوث الازمة المالية العالمية ومع ارتفاع إيرادات النفط في 2010 زادت إنفاقها الحقيقي بنسبة 85% من إجمالي إيراداتها التي ارتفعت بنسبه 31% عن العام السابق واستمرت الدولة في إنفاقها ومنحها للمواطنين في 2011 ، حيث من المتوقع أن يصل الإنفاق الحكومي إلى 920 مليار ريال بنسبة 85.6% من إجمالي الإيرادات المتوقع أن تبلغ 1.014 تريليون ريال. وهذا يعني إن الإنفاق الفعلي سوف يتجاوز التقديري البالغ (580) مليار ريال بنسبة 59% تقريبا مقابل زيادة في الإيرادات بنسبة 47% عن العام السابق. وفي هذا العام سوف يتكرر تحقيق إيراد نفطي للمملكة قريبا من أعلى إيراد لها في 2008 عند 1.014 تريليون ريال ليبلغ الإجمالي النفطي وغير النفطي 1.074 تريليون ريال. فمازالت توقعاتنا السابقة عن إيرادات النفط السعودية لعام 2011 ثابتة بناء على الفرضيات السابقة التي مازالت قائمة، حيث من المتوقع أن تبلغ الإيرادات في 9 شهور من هذا العام 771.35 مليار ريال مع بقاء متوسط سعر النفط العربي الخفيف الفوري في نطاق 109 دولارات للبرميل. بعد أن ساهمت الاضطرابات السياسة في البلدان العربية وفي ليبيا أحد أعضاء الأوبك وتوقف إنتاجها البالغ حينئذ 1.550 مليون برميل يوميا من طاقاتها الإنتاجية البالغة 1.775 مليون برميل يوميا والمتوقع لها أن تعاود إنتاجها بعد 15 شهرا من الآن. وهذا ما دفع السعودية إلى رفع إنتاجها إلى 9.8 ملايين في يونيو والأعلى هذا العام ولكنه تراجع إلى 9.6 ملايين برميل يوميا في يوليو. وهنا اقترن بارتفاع الأسعار والإنتاج سويا لكي تتعاظم الإيرادات النفطية لهذا العام وسوف تستمر في الأعوام القادمة مع نمو الطلب العالمي على النفط رغم تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وبناء على ذلك عدلت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها السابقة بتخفيض نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 200 ألف برميل يوميا لينمو فقط بمقدار 1 مليون برميل يوميا إلى 89.3 مليون برميل يوميا هذا العام وسوف يرتفع بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا إلى 90.7 مليون برميل يوميا في 2012، أي بتراجع قدره 400 ألف مليون برميل يوميا. أما المعروض العالمي من النفط فارتفع بمقدار 1 مليون برميل يوميا في أغسطس إلى 89.1 مليون برميل يوميا أي اقل من الطلب بمقدار 200 ألف برميل يوميا فقط. وهذا نتيجة لارتفاع الإنتاج من خارج الأوبك ب 0.8 مليون برميل يوميا لتغطيه عمليات الصيانة في بحر الشمال ليتراجع إجمالي إنتاجها إلى 52.8 مليون برميل يوميا هذا العام وسوف يصل إلى 53.8 مليون برميل يوميا في 2012. هذا وقد ارتفع إنتاج الأوبك في أغسطس إلى 30.26 مليون برميل يوميا وهو اقل من المتوقع له بمقدار 1.04 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من 2011. فقد لاحظنا في الأسبوع الماضي انخفاض حاد في أسعار النفط بعد أن عدل صندوق النقد الدولي نسبة نمو الاقتصاد العالمي إلى 4% من 4.3% و 4.5% في 2011 و 2012 على التوالي. ثم تلا ذلك تخفيض ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لايطالي إلى (A) وسوء أداء المؤشرات الاقتصادية الأمريكية وبنوكها, رغم التراجع الكبير في المخزون التجاري الأمريكي بمقدار 7.3 ملايين برميل في الأسبوع ما قبل الماضي, ما يشير إلى تدني الطلب الأمريكي على النفط. لكن نمو الاقتصاد الاسيوي وخاصة الاقتصادي الصيني الذي مازال ينمو بمعدل 9% حاليا وسينمو على الأقل بنسبة 8.5 % في العام القادم وسيدعم الطلب على النفط رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي. لذا نتوقع أن يستمر الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية من اجل دعم الاقتصاد المحلي وتمكين المستثمرين من تنويع القاعدة الاقتصادية غير النفطية ليتحول الاقتصاد من اقتصاد النفط إلى اقتصاد التنوع وتقليل المخاطر في حالة تعرض الاقتصاد العالمي لهزات اقتصادية او كوارث طبيعية. هذا الإنفاق السخي الذي صاحبه ارتفاع كبير في إيرادات النفط بعد أن تجاوز سعر النفط الحالي السعر التقدير للميزانية العامة بما يقارب 45% أو ما يزيد بمقدار 279 مليار ريال من إجمالي الإيرادات نتيجة لذلك نتوقع أن ينمو الاقتصاد الحقيقي من 4.1% في 2010 إلى 5.8% في العام الحالي في حالة استمرار الظروف الحالية.