أكد الدكتور إبراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية أن مشكلة البطالة في العالم العربي تعد هي أم المشاكل، وأن الحد منها بشكل نهائي يظل حلما بعيد المنال، ويجب أن تتكامل الجهود العربية للعمل على حلها. وأبدى قويدر في حديث مع «الرياض» عدم تفاؤله بشأن تنفيذ اتفاقية التجارة العربية الحرة في المستقبل القريب، ودعا إلى إنشاء وكالة للعمل العربي على غرار مفوضية العمل الأوربية للمساهمة في حل مشاكل العمل في الوطن العربي . وأشاد بدور المملكة في تقديم المساعدات للعمال الفلسطينيين واستجابتها المتميزة للجهود المبذولة لمساعدتهم، ودان الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها المملكة مؤخرا وقال ان المملكة تشكل العمود الفقري للامة العربية والإسلامية وهذه الأحداث فعل مستنكر بشدة قامت به قلة من الضائعين المأجورين بقصد التأثير على مقدرات المملكة ونفسية أهلها الآمنين في أرض الله الحرام.. وفيما يلي نص الحديث مع المدير العام لمنظمة العمل العربية: ٭ بعد توقيع اتفاقية التجارة العربية الحرة، ماذا تتوقعون من تأثير لها على سوق العمل في الوطن العربي من حيث حرية تنقل العمالة، وتحقيق التكامل المرجو في هذا المجال؟ - إذا نفذت اتفاقية التجارة العربية الحرة، كما هو متوقع، فحتما ستكون لها آثار ايجابية على موضوع تنقل العمالة خاصة وان لدينا تنسيقا وتفاهما حول الموضوعات المختلفة سواء بالنسبة للعمال أو أصحاب الأعمال ولدينا اتفاقية مع مجلس الوحدة الاقتصادية والاجتماعية حول تنقل الأيدي العاملة العربية لكنها لا تزال حبيسة الادراج وهناك حديث عن عمل بطاقة موحدة للمستثمر العربي، وإذا نفذت الاتفاقية سيكون لها جانب إيجابي لكنني لست متفائلا بتنفيذها في القريب . ٭ وما هو دور المنظمة في الحد من التأثيرات السلبية لاتفاقية الجات على سوق العمل في الوطن العربي؟ - هناك منظوران في هذا الموضوع، منظور دولي متفقون فيه مع منظمة العمل الدولية وتم التوصل إلى استراتيجية حوله يعمل بشكل صريح على ألا توثر اتفاقية الجات على البعد الاجتماعي للعمال على المستوى العربي، لدينا اتفاقية في هذا المجال، لكن لدينا خصوصية نتفق فيها مع الدول النامية والإفريقية، وهي أن تأهيل العامل لدينا مختلف ولذلك فإنتاجنا ليس في مستوى الإنتاج الأجنبي، سنجد منتجا أجنبيا أجود وأرخص في الوقت نفسه، صناعة الغزل والنسيج العربية تواجه الآن هذه المشكلة لذلك ليس هناك حل آخر أمامنا إلا بوقفة جادة لتطوير حالة العامل وتسويق الإنتاج على مستوى الوطن العربي وتوزيع فوائض الإنتاج بين الدول العربية، وعلى سبيل المثال الصين دخلت في كل المجالات وما يحدث الآن للغزل والنسيج سيحدث لصناعات أخرى، وأتوقع إلى حد كبير أن الدول التي تعتمد على النفط العربي ستبحث عن مصادر أخرى للنفط و سيتركون بترولنا في أرضنا أيضا . ٭ كيف تنظرون إلى تجارب الإصلاح الاقتصادي في الوطن العربي وانعكاساتها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؟ - هناك تذبذب في انعكاسات الخصخصة والتحولات الاقتصادية على البعد الاجتماعي ما بين دولة عربية وأخرى، هناك دول نجحت في تخطي هذه المرحلة لكنها مرحلة لابد أن تكون لها ضحايا، وأنا أتكلم بصراحة، الأسلوب السابق الذي تعودت عليه بعض الدول العربية هو رعاية الدولة وهذه النظرة القديمة تغيرت، الآن القطاع الخاص يحسبها بالإنتاجية والربحية والقضية يجب أن نبحثها هكذا والمملكة ودول الخليج ليست لديها هذه المشكلة لأنه من الأساس المصنع يدرس على أساس الإنتاجية، ومن وجهة نظر منظمة العمل العربية أن المال الذي صرف في رأسمال المشروعات في ظل النظام الشمولي هو مال المجتمع فإذا بيعت هذه الأصول يجب أن يخصص جزء منها لصندوق تأمين ضد مخاطر العمل بغض النظر عن الضمان الاجتماعي والتقاعد المبكر، صندوق يخصص قروض لمشروعات صغيرة وخدمية، فهناك آثار اجتماعية سيئة . ٭ كيف تنظرون إلى مشكلة البطالة في الوطن العربي؟ - البطالة هي قضية يجوز أن نطلق عليها أم المشاكل لأنها مشكلة تؤثر في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأي بلد إذا تفاقمت، كما هي الحال في كثير من الدول العربية، لأن الوصول إلى الحد منها بشكل نهائي يظل حلما بعيد المنال لكننا في منظمة العمل العربية نجحنا منذ 4 سنوات في تسليط الضوء على المشكلة لأن التعامل معها كان يتم بخجل، ولم تكن الدول تقدم إحصاءات دقيقة وكانت تعتبر البطالة وصمة لعدم اهتمام الدولة، الوضع معقد جدا ويجب تصحيح الأوضاع وحل مشكلة 52 مليون عامل عربي عاطل عن العمل وهو رقم مزعج ومخيف، والأمر يتطلب جدية في التعامل مع الموضوع وأخذه بنوع من الاهتمام وبرمجة الخطط في أسلوب تنفيذي لحل المشكلة، ويجب أن يكون هناك نوع من التكامل العربي في هذا المجال . ٭ وما هي آليات المنظمة لمواجهة قضايا العمل والبطالة وغيرها؟ نحن مغلولو الأيدي في الجانب التنفيذي لكن أيدينا مطلقة في جانب الدراسات والتنبيه والتحذير، ما لم تكن هناك آلية عربية لن نتقدم خطوة، كانت لدينا وكالة للعمل العربي لكنها أغلقت وحان الوقت لاعادتها على نمط جديد لخدمة سوق العمل العربي ويكون دورها أن تعلن عن فرص العمل في المهن المختلفة، وأن توجه العمالة العربية إليها على غرار مفوضية العمل الأوروبية التي تملك صلاحيات واسعة ورئيسها هو وزير وزراء العمل، الجامعة العربية بها اختلافات سياسية كثيرة لكن ليتنا نحن نركز على الجوانب الفنية، منذ 03 سنة كانت هناك مناداة بتطبيق منهج تعليمي موحد في التعليم قبل الجامعي، هذا مثال بسيط للتكامل العربي ،العامل العربي الآن عندما يعمل في دولة غير دولته يواجه مشكلة في التأمينات وهذا يمس أسرته ولا يمس العامل وحده الذي يظل يعمل ويدفع في بلد آخر ثم يعود إلى بلده ولا تحسب هذه المدة في خدمته في بلده، هناك أمور فنية كثيرة الخلافات السياسية لا تدخل فيها ويمكن التنسيق بشأنها . ٭ ما هي آليات المنظمة لمواجهة مشكلة العمالة الفلسطينية؟ - المنظمة أنشئت وفي ميثاقها نص صريح أو بند دائم لمتابعة العمالة الفلسطينية وتقدم تقارير سنوية وتطرح قضاياهم في المحافل الدولية، لكن ليس هناك تجاوب عربي في هذا الجانب، والتجاوب كان من جانب منظمة العمل الدولية ودولة عربية واحدة هي المملكة نظرا لتفهم صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبد الله للوضع، وكانت هناك محاولة عن طريق جامعة الدول العربية لتحويل بعض التبرعات لمساعدة العمال الفلسطينيين، لكن البنك العربي الذي تتعامل معه الجامعة أدرجته الولاياتالمتحدة ضمن المنظمات الإرهابية . ٭ القطاع الخاص أصبح يلعب الدور الرئيس الآن في قيادة العملية الاقتصادية، فهل هناك تنسيق من جانبكم مع المستثمرين والقطاع الخاص؟ - دور الدولة أن تجهز للقطاع الخاص العمالة الماهرة، ودور القطاع الخاص توفير فرص العمل والمنظمة لديها علاقات بمنظمات واتحادات الأعمال الخاصة واتحادات المستثمرين والمستثمرات، فيهمنا التنسيق على المستوى القومي لا القطري في عقد اجتماعات بين قيادات العمال وأصحاب العمال، وناجحون في ذلك حتى الآن. ٭ ما هو دور المنظمة في ظل الأوضاع الراهنة في العراق؟ - العراق ليس بحاجة لمساعدات، لديه إمكانيات كبيرة ،اقتصادية ومالية، لو حدث استقرار وكانت هناك حكومة رشيدة تدير الأمور سيكون العراق سوقا كبيرا للعمالة وسيساهم في حل مشكلة البطالة في الدول العربية، والمشكلة أن كل شيء دمر حتى أدبيات العمل وقمنا بإعادة تنظيم الوثائق والتعريف بمعايير العمل وتشكيل تنظيمات العمل رغم أنها تنظيمات هشة، والعراق لن يستقر مادام هناك احتلال. ٭ تعرضت المملكة مؤخرا لبعض الحوادث الإرهابية الأثيمة ما هي نظرتكم لمن قاموا بهذه الأعمال النكراء ورؤيتكم لتأثيرها على المملكة؟ - المملكة تمثل العمود الفقري للامة العربية والإسلامية وهذا الفعل مستنكر استنكارا شديدا ويؤثر سلبا على نفسية المواطنين وعلى اقتصاد الدولة ومرتكبو هذه الأعمال فئة من الضائعين المأجورين الذين يتم استخدامهم لإحداث قلاقل في المملكة وتعكير الاستقرار القائم بها ولذلك يجب البحث عن مسببات هذه الأحداث والإمساك بخيوطها ومعالجتها جذريا.