دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة أمس طويلا للشعب السوري قائلا: "اللهم كن لإخواننا في سورية, اللهم احفظهم من كل سوء ومكروه وفتنة، اللهم احقن دماءهم، وصن أعراضهم، واحفظ أموالهم، وأمنهم واستقرارهم ووحدتهم", ودعا فضيلته المسلمين إلى أخذ العظة والعبرة من تقلبات الدهر وكثرة الفتن والقتل وزوال الملك، بسرعة التوبة والإنابة إلى الله عز وجل والتضرع إليه بالدعاء الخالص. وقال فضيلته: الدهر ذو عبر, يجري بها قدر, ملك ينزع, وعافية ترفع, وبلاء يقع، ومن الناس من ليس له من الأخبار إلا إيرادها, ولا من الحوادث إلا سردها, ولا من الوقائع إلا ذكرها, فاعتبروا يا أولي الأبصار بالحوادث والأخبار, وما يكون في النواحي والأمصار, فكل مخلوق للفناء, وكل ملك إلى انتهاء, ولا يدوم غير ملك الباري, أين من كانوا معنا في الزمان الماضي, أفنتهم المنون القواضي, فيالها من عبرة لمن اعتبر, فمن أخذته تلك الحوادث إلى الإنابة, والعبادة والطاعة فذاك الذي اعتبر، وعلم الخبر, وصح عنده النظر, وفاز في الخير والظفر. وأضاف: الأيام دائرة, والمنايا حاضرة, مواعظ قارعة، وحوادث زاجرة، ومصارع موقظة، وخطوب منذرة، وفتن وتقلبات توجب التفكر والتذكر، والعظة والعبرة، فأين أهل الاتعاظ والادكار والاعتبار والانزجار؟ وكأن الموت على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، نسينا واعظة الأيام، وغفلنا عن حوادث الزمان، فيا عجبا من مضغة لحم أقسى من الجبال، لا تلين مع كثرة العظات، ولا تخشع مع ترادف الآيات، ولا تزيدها الحوادث إلا نفورا وغرورا، قال تعالى: "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم". وقال: كم شاهدنا من جثث في بقاع القاع قد صفت، وكم عاينا من نواعم في مدارج الأكفان قد لفت, وكم أبصرنا من عرائس إلى الألحاد قد زفت، فما للعيون ناظرة ولا تبصر, وما للقلوب قاسية لا تفكر, وما للنفوس ناسية ولا تذكر, أغراها إنظارها وإمهالها, أم بشرها بالنجاة أعمالها، أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها, أم شملت الغفلة فاستحكم على القلوب أقفالها, " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلبوه لذكر الله وما نزل من الحق ولايكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون".