روبرت «زياد» باريس (42 عاماً) مصور فوتوغرافي في برلين ومستشار أحد المتاحف وهو واحد من بين حوالي 100 ألف ألماني اعتنقوا الإسلام في الثلاثين عاماً الماضية طبقاً لأرقام نشرها زعماء مسلمون، ويفسر أسباب اعتناقه الإسلام فيقول: كنت مواطناً في ألمانياالشرقية الشيوعية.. ونظراً لوجود سور برلين لم تتح لي فرصة الارتحال بعيداً، وقد سمح فتح الحائط في عام 1989م لباريس رؤية العالم والقيام برحلات إلى تركيا ومصر ثم الهند. ويعترف قائلاً: في جنوب الهند بدأ يزيد اهتمامي بالإسلام خلال مناقشات طويلة وغالباِ مكثفة تستمر ساعات عديدة مع أصدقاء هنود. ولم أكن أفكر في الإسلام قبل ذلك مطلقاً، أصبح (باريس) مسلماً في عام 1999م ويقول إنه تأثر بصفة خاصة بالتركيبة وثيقة العرى لحياة الأسرة المسلمة. ويقول: الناس ودودون ومرحبون ومضيافون وهذا على عكس الغربيين حيث التأكيد على الاستمرار في سباق الفئرات وعمل المزيد من الأموال، ويقسم (باريس) الآن وقته بين برلين وكيرالا في جنوب الهند وفي قرية صيادين شمال تلك المدينة يقوم الآن ببناء منزل لعائلته، ويعيش أكثر من 3,3 ملايين مسلم في ألمانيا طبقاً لآخر التقديرات الرسمية، ومعظمهم من ذوي الأصول التركية الذين بدأوا في الوصول لملء الفجوات في أسواق العمل في ألمانياالغربيةوبرلينالغربية في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين ثم استقروا بعد ذلك مع عائلاتهم التي تتوسع بشكل سريع في المدن مثل برلين وفرانكفورت ودوسلدورف وفيسبادون وكولون. والآخرون من العراق والسعودية ومصر ونيجيريا ومن دول آسيوية مثل الهند وباكستان وسنغافورة وماليزيا. واليوم يوجد 2300 مسجد ومدرسة في المدن الألمانية. وفي برلين يحضر «زياد» باريس صلاة الجمعة بانتظام وجلسات المحاضرات في أحد مساجد ضاحية فيدينج ببرلين حيث إنه عضو نشط في دائرة المسلمين الألمان (دي. إم. كي)، وهو يجد مناقشات الألمان والأوروبيين بشأن ارتداء المسلمات غطاء الرأس شيئاً سخيفاً. ويقول «منذ ثلاثين عاماً كان معظم الناس في الريف الألماني يرتدون غطاء الرأس ولم ينزعج أحد بذلك. والآن يعتبر من المخالف أن ترتدي السيدات المسلمات غطاء الرأس لتغطية شعرهن». ويضيف (باريس): أنا لا أرى ما هو قمعي في ذلك. فبعض السيدات المسلمات يشعرن بأنهن كالعاريات أمام الناس بدون هذا الغطاء، وتوافق على رأيه (أروى حسن) 31 عاماً موظفة برامج منذ سبع سنوات مع هيئة الشفافية الدولية وهي منظمة لمكافحة الفساد ومقرها برلين. وقد امتنعت السيدة المولودة لأبوين مصريين في لندن وتلقت تعليمها في أكسفورد هي نفسها عن ارتداء غطاء الرأس. وتقول: لم أصل إلى هذه المرحلة بعد. فعندما كنت طالبة في لندن لم تثر أمي موضوعاً حول ذلك. لكنها كانت تشجعني على تعلم نصوص الصلاة وإبداء مزيد من الاهتمام بالأسلوب الذي أتصرف به. وما زال موضوع منع ارتداء غطاء الرأس الإسلامي في المدارس العامة في ألمانيا يثير الجدل. ففي الثمانية عشر شهراً الماضية أجازت ثلاث ولايات فيدرالية هي بادن فيرتمبرج وسارلاند وساكسونيا الدنيا قوانين تهدف إلى منع السيدات المسلمات من ارتداء غطاء الرأس في المدارس العامة. والآن أعلن عضو مجلس الشيوخ عن مدينة برلين أهرهارت كويرتنج مشروع القانون الذي إذا ووفق عليه في وقت لاحق من العام الحالي من قبل الائتلاف الحاكم في المدينة للديمقراطيين الاشتراكيين والشيوعيين في ألمانياالشرقية سابقاً فإنه سيمنع رموز «كافة العقائد والمعتقدات الدينية». وسوف يشمل القانون غطاء الرأس الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان المسحية وأيضاً أي رموز إسلامية أخرى. وهاجم زعماء البروتستانت في برلين القانون ويقولون إن الخلاف حول غطاء الرأس يجب ألا يستخدم لفرض قيود عامة على حرية العبادة. وقال متحدث باسم الكنيسة إنه رغم تزايد الاتجاه الجماعي الديني في المجتمع فإن «التمسك بالدين لا يمكن منعه من المجال العام ودفعه إلى خصوصية ممارسته بمنزل كل شخص». وتؤكد أروى حسن أن الخوف يمثل مشكلة وخاصة في أجزاء من شرق ألمانيا. وتوضح أن الشعب البريطاني أكثر سلاسة مع الأجانب عن الشعب الألماني، وتقول: إن تاريخهم المختلف يتضح في بعض الأوقات ولا يزال الامتعاض من الأجانب سائداً في بعض مناطق الشرق. وقبل عدة شهور اتخذ وزير الداخلية الألماني أوتو شيلي خطوات في مواجهة الجماعات الإسلامية المتشددة في ألمانيا. وتم حظر ثلاث جماعات إسلامية متشددة. ومنها جماعة حزب التحرير الإسلامي التي أغضب السلطات بتوسيع نشاطها ليمتد إلى الجامعة الألمانية. وكان لذلك بالتحديد حساسيته عند الألمان بالنظر إلى السهولة التي تنكر بها مرتكبو هجمات أيلول - سبتمبر على أنهم طلاب في هامبورج. ويحذر تقرير أخير لوكالة الاستخبارات الألمانية الداخلية من أن البلاد ليست منطقة «يمكن فيها إعداد الهجمات» فحسب ولكنه يحذر أيضاً من ألمانيا باتت هدفاً للهجمات، وقال التقرير الذي صدر هذا الربيع إن الإسلاميين يعرفون ألمانيا «بما يسمى الصليبييين مساعدي الولاياتالمتحدة وإسرائيل وبدورها في أفغانستان». (يوجد في افغانستان نحو ألفي جندي ألماني يشكلون جزءاً أساسياً من قوة حفظ السلام (إيساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي والتي تعمل على إحلال الاستقرار في البلاد بعد سقوط طالبان). وانتهى التقرير إلى أن الإسلاميين الراديكاليين يشكلون أشد الأخطار الحالية على ألمانيا. لكن السياسيين الألمان سارعوا أيضاً إلى القول إن الراديكاليين لا يشكلون سوى جزءاً صغيراً من إجمالي السكان المسلمين ويبلغ هذا الجزء نحو 30 ألف فرد من الإجمالي البالغ 3,3 مليون نسمة.