في العالم العربي رغم القسوة، رغم العنف، رغم عدم موضوعية المواقف والأحداث.. فإن هناك ما يبرر السخرية.. وبجانبها تعدّد حالات مظاهر الابتزاز أو التخويف أو التبرير غير الموضوعي لتوالي سياق المخاطر.. ويبدو أن المواطن العربي في معظم مساحات تواجده العربي أنه لا يستعمل ذاكرته إطلاقاً.. بل تسوقه أحداث حاضره، ولا يتوقف الأمر عند حدود أنه يسمع ما يُقال وهو في مسار دفعه نحو الأحداث أو خلل المفاهيم وكأنه جديد حقائق العصر فلا يجري أي محاولة تقارب بين أحداث ماضيه وحاضره.. لا يقارن.. ليعرف ما إذا كان قبل سبعين عاماً أفضل مما هو الآن أم الأمر عكس هذه الحقيقة.. لن أذهب بعيداً نحو ماضي الكثير من المجتمعات العربية الغارقة في نزاعات متباينة المسببات والمخاطر، لكن سأتوقف عند حوار تلفزيوني قدمته قناة العربية قبل بضعة أسابيع؛ وكانت حريصة على حيادية ذلك الحوار حيث استضافت سورياً من الداخل وآخر من الخارج.. ما استغربته أن سوري الداخل كان يكرر عبارات تشير إلى قرارات أو تصرفات أو مواقف متلاحقة لحزب البعث تجاه ما يحدث داخل سوريا.. هل هناك حزب بعث؟.. بالطبع لا.. هذا الحزب تألق في زمن محدود وغاب منذ ما لا يقل عن ثلث قرن.. من حكم سوريا بعده.. بغض النظر عن نوعية الحكم.. فقد كان من أتى بعده حزب أقلية جداً.. ونعرف جميعاً أن ميشال عفلق مؤسس هذا الحزب وصاحب تألق بروزه لم يجد لنفسه موقعاً آمناً ينهي فيه بقية حياته إلا العراق.. وبجانب من؟.. صدام حسين.. إلى جانب هذا التناقض يستبد بك استغراب أن تجد الرئيس الإيراني يعلن منذ بضعة أيام استعداده لأن تستضيف بلاده مؤتمراً إسلامياً ل«مساعدة» دمشق.. غريب هذا الموقف.. لماذا لم يقل للتكامل مع مواقف الدول العربية التي دعت إلى معالجة موضوعية وعادلة لإنهاء ما يتم من عنف مواجهة بين جيش دولة وفئات عزل من المواطنين؟.. الرئيس الإيراني بالاستراتيجيات المضحكة وغير الموضوعية يتصور أنه من السهل عليه أن يعيد إيران الكبرى ما قبل الإسلام ليس بموضوعيات طرح وتعامل لكن بالاستفادة من واقع التباينات العربية لكراهيات غير معلنة.. أقصد عدداً من الدول العربية.. ولا أتصوره سوف يحقق أي نجاح يسيء إلى المجموع الخليجي لو اتجه هذا المجموع إلى قدرات ذاته وحقائق تميزه الاقتصادي وموضوعية مفاهيمه الاجتماعية.. حيث لا داعي لاسترضاء غاضب، ولا داعي لسماع تهويل محتج.. فالمجموع الخليجي قدم شواهد حسن النية وكفاءات المساندة.. أما أن يطلب تحويله إلى مسارات خوف أو سلبيات بذل فهذا ما لا يليق بالتميز الخليجي الذي لن يكون في موقع خطر طوال مستقبل تاريخه متى احتفظ بكفاءة قدراته وتميز وعي مواطنيه..