تصاعدت وتيرة الطرح الموجه للسوق العقاري؛ الذي يصب في مصلحة بعض ملاك العقارات؛ أو منشآت مالية وبنكية.. والقاسم المشترك بينها؛ هو تراجع أسعار الأراضي الخام؛ رغم أن التداول الحالي في معظمه يتركز بين الأفراد للأراضي أو الوحدات السكنية والتجارية.. ذلك أن الأراضي الخام – التي تزيد مساحتها عن المليون متر – يتركز تداولها بين كبار الملاك العقاريين؛ وبنوك بأسماء شركات عقارية؛ وصناديق سيادية؛ وعدد محدود من الخليجيين. .. إذاً في ظل هذا المساحة المتنوعة من فئات ملاك الارضي ومنهم (البنوك) فإن المصلحة هي وحدها التي تحدد الفائدة؛ وبالتالي التوجيه لحركة البيع والشراء من خلال الحديث عن مرحلة نزول للاسعار مقبلة؛ أو ارتفاع.. وفي ظل غياب أي مرجعية رسمية للسوق العقاري – كما المالي والاتصالات والاستثمار والمدن الصناعية – اقول في ظل هذا الغياب فإن قراءات السوق ستكون لأصحاب المصالح والأصوات العالية.. وهنا الخطورة. التقارير العقارية الموثقة والواقعية تعمل على إحداث نقلة نوعية في السوق على عكس التقارير المضللة غير الواقعية التي تعمل على خلق فوضى في السوق وذلك نظرا لعدم وجود مرجعيات، وكون التضليل يخدم جهات تمويلية وعقارية فقط من دون النظر للمستهلك النهائي. وتؤثر التقارير التي تخدم فئة محدودة في مصداقية السوق مما ينتج عنه بلبلة وذلك لغياب الشفافية واكتظاظ هذه التقارير بالأخطاء والمجاملات والمغالطات. مايهم هنا هو الافراد والمستهلك النهائي؛ فإن الدعوة هامة إلى أن يكون لكل منا هدف تملك وحدة سكنية قراراً تحدده الحاجة بالدرجة الاولى وليس المظاهر؛ والقدرة المالية عن طريق التمويل وليس الاستدانة.. بعيدا عن ضجيج يحدد مصالح فئات معينة بالسوق تتحدث عن ارتفاع او تراجع للأسعار. ويعتقد الكثيرون أن من رسم الرؤية الاستراتيجية والتي يقول مطلعها سيكون الاقتصاد السعودي بحلول عام 2025م متنوعاً ومزدهراً يقوده القطاع الخاص فالرؤية صعبة التطبيق، ودليل ذلك تضارب الحلول، ومثال على ذالك قضية الإسكان بسبب عدم وجود سياسة اقتصادية وطنية ترسم الخطوط العريضة المحددة للتوجهات المستقبلية العامة للمنظومة الاقتصادية وترسي إطارا إرشاديا متكاملا يكون أساسا مرجعيا ملزما يضمن تواصل جهود تنمية المنظومة الاقتصادية وتعزيز أدائها نحو بلوغ الغايات المنشودة على المدى البعيد. .. إذاً ماهو الاتجاه العام لمعالجة المشكلة الإسكانية لتمكين المواطن من الحصول على المسكن الملائم في الوقت المناسب بضمان دخله الشهري لتحسين مستوى معيشته وبما يعزز من قوة الاقتصاد الوطني؟ لا أحد يعرف، فهل الاتجاه يهدف لتعزيز قوى السوق لتلعب دورها في توفير المنتج عالي الجودة معقول التكلفة المتناول من خلال آليات تمويل تمكن الراغبين في شراء المساكن بشرائها بضمان دخولهم الشهرية، أم أن الاتجاه يهدف لتعزيز دور الحكومة كمطور وممول لمعالجة أزمة الاسكان وإضعاف قوى السوق وتهميش دورها؟ هناك محاولات جادة لتجنب هذه النوعية من التقارير يقوم بها في العادة مجلس الشورى حيث يصرح عدد من أعضائه بخصوص معالجة القضية الإسكانية بمطالبة الحكومة (وهي من اختارت التخصيص استراتيجية لها) لتمويل وتطوير المساكن بكميات تصل لمئات الآلاف في فترة وجيزة، وهل من الحكمة اقتراح الحلول من دون التقيد برؤية واضحة لتوجهات اقتصادنا الوطني؟ وأشار أعضاء في مجلس الشورى إلى أن بعض التوصيات التي رفعها مجلس الشورى تم تنفيذها ومنها زيادة رأسمال صندوق التنمية العقاري الذي بدوره أسهم في زيادة أعداد المستفيدين من الصندوق وتقلص العدد على لائحة الانتظار إلى 430 ألف اسم على قائمة الانتظار، حيث إن هؤلاء لديهم الأراضي وانطبقت عليهم الشروط والعائق الوحيد هو توافر التمويل. فيما أكد خبراء في العقارات، ان أزمة المساكن وارتفاع إيجاراتها خلال الأشهر الأخيرة هي التي قادت موجة التضخم التي شهدتها المملكة أخيرا، وذلك لتسببها في غلاء السلع الاستهلاكية تبعاً لارتفاع إيجارات المنشآت التجارية، ما دفع التجار لتعويض هذه الزيادة بإضافتها إلى قيمة السلع، وبدوره أوجد ذلك الفروق في أسعار السلع من منطقة سكنية إلى أخرى. ورأوا ضرورة تحفيز الاستثمار في الإسكان وهذا لن يتم دون ضمان الإطار القانوني والتشريعي لحماية استثماراتهم، مشددين على ضرورة تحفيز القطاع الخاص في التمويل العقاري عن طريق المصاريف التجارية لتطوير البنية التحتية لتمويل مشاريع سكنية متكاملة تطرح بأقساط ميسرة طويلة الأجل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وطالبوا بسرعة تفعيل إقرار الرهن العقاري وتمكين البنوك والشركات من رهن العقار وتوفير نظام التمويل والبيع بالتقسيط والتمليك للمساهمة في تمويل إقامة المشاريع السكنية للمواطن والتوسع في زيادة إنشاء شركات التمويل والتطوير العقاري. وموضوع التقارير التي تتحدث عن واقع السوق العقاري يعزز من ضبابية مستقبل الإسكان.. الذي لم يحظ بالاهتمام الذي يوازي أهميتها من حيث التخطيط ناهيك عن التنفيذ فلا يوجد جهة معينة مهمتها تنحصر في الإسكان وكيفية تملك المواطن السكن (استراتيجياً)، كما أن قصور التشريعات والأنظمة التمويلية التي تنظم سهولة الإقراض وضمان حق المقرض والمقترض اسهمت في إيجاد هذه المشكلة، ولا شك أنها مشكلة كبرى ولا يمكن للدولة أن تتحمل تلك الأعباء لوحدها لكنها تتحمل عبء غياب التنظيم التمويلي والذي من شأنه أن يتيح للقطاع الخاص أن يسهم مع الدولة بجزء كبير من هذه المشكلة الكبرى وقد صدر أخيرا أن هناك خللا كبيرا وأزمة سكانية حيث تشير الإحصاءات أن نسبة ما بين 22 و25 في المائة فقط من المواطنين السعوديين هم الذين يمتلكون منازل خاصة. وهي نسبة ضئيلة قياساً بالمعايير المماثلة في الدول المجاورة أو البعيدة. ويعيش السوق العقاري حاليا، بحسب مطورين عقاريين، حالة من الفوضى والعشوائية في كل ما يتعلق بأسس صناعة وتجارة القطاع العقاري السعودي من بيع وتسويق وتطوير واستثمار، إذ أن المتتبع للشأن العقاري يدرك أن الاقتصاد السعودي يعيش فورة عقارية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العقار السعودي. ويعد القطاع العقاري السعودي ركيزة أساسية في دفع وتطوير عجلة التنمية الاقتصادية الوطنية، ويعد المحرك الأساسي (بعد قطاع النفط) للنهوض بالقطاعات الاقتصادية الأخرى. ووفقاً لآخر الإحصاءات، يسهم القطاع العقاري بنحو (55 مليار ريال) في الناتج المحلي الإجمالي، أي بنسبة 9.5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي في الاقتصاد السعودي، ويستوعب أكثر من (1.2 مليون عامل) من إجمالي عدد العمالة الوافدة في جميع القطاعات الاقتصادية المحلية. كذلك تشير المؤشرات الإحصائية إلى أن إجمالي حجم الاستثمارات الجديدة في سوق العقار السعودي وفق آخر إحصاءات تقديرية سيتجاوز (484 مليار ريال) خلال الأعوام الثمانية القادمة، وأن شركات التطوير العقاري الخاصة والعامة في حاجة إلى بناء ما لا يقل عن (2.6 مليون) وحدة سكنية خلال المرحلة القادمة لتلبية الطلب المتزايد على المسكن في السوق السعودي على المديين القصير والمتوسط.