التجديد والحد من غلاء العقود يعيدان ذكرى جيل النعيمة وماجد ! أين الخلل في الرياضة السعودية ؟ تراجع مستمر وانخفاض في أداء الأخضر السعودي ونزيفاً حاد في عروق الفريق السعودي، إخفاقات تتوالى وسلسلة من الخسائر المتواصلة تغيرت الإدارات وتعاقب المدربون ومازال الأخضر السعودي يعاني، لا أتكلم عن مباراة إستراليا المحزنة والتي خسرها بثلاثية ولا عن التعادل مع عمان والمستوى السيء الذي تفنن لاعبو المنتخب في إظهاره، بل الحديث يبدأ منذ الخروج على يد البحرين من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010م وهي النقطة التي كشفت ضعف الأخضر وتراجع مستواه ثم أعقب ذلك كأس الخليج ثم آسيا وأخيراً وليس آخر المستوى الهزيل في مباراتي أستراليا وعمان، لن أتطرق لمباراة هونج كونج فلا أعتقد أن قوة منتخب هونج مقياساً لقوة المنتخب السعودي فالنتيجة كانت متوقعة وبأكثر من ذلك، وما حدث في مباراتي عمان وإستراليا أراه أمراً طبيعياً في ظل الإستمرار على سياسة الخطأ والذي يبدأ من إدارات الأندية وتعاملها مع لاعبوها من حيث المبالغ المادية (الضخمة) والتي تصرف في بشكل غير منظم مما أظهر لاعبو المنتخب بشكل سلبي وبلا روح ولا إحساس بالمسؤولية فكأن المباراة ودية أو مجرد مناورة يجريها المدرب ريكارد في ملعب التدريب. أعتقد أن مقدمات العقود والطفرة الإحترافية اللا منطقية في الملاعب السعودية قادت الكرة السعودية لإنخفاض في الرتم والأداء بل وستقوده للأسوء من ذلك في مستقبل الأيام، لسنا مع قطع الأرزاق لكننا ضد تبذير الأموال وصرفها بشكل عشوائي فعندما يتقاضى لاعب في الدوري السعودي مقدم عقد يتجاوز حاجز العشرة ملايين ريال ومرتب شهري يصل إلى خمسة عشر ألف ريال ماذا يريد أكثر من ذلك ؟ وماالشيء الذي يجبره أن يقدم مستوى طالما أنه تملك هذه المبالغ والتي تكفل له تأمين مستقبله فيما لو هجر كرة القدم، بكل تأكيد تنتهي طموحات اللاعب على الأقل من النواحي المادية فلا يجد شيئاً يستحق التضحية ولا داعي لتقديم كامل مستواه بدليل أن منتخب الأخضر والذي شارك في كأس آسيا 2007 لا تجد من اللاعبين من أستمر بنجوميتهم إلا قلة قليلة، في الوقت الذي اختفى معظم اللاعبين عن الأنظار إما في مقاعد البدلاء أو في أندية متوسطة متشبعين مادياً فُقراء فنياً لا يحملون في سجلاتهم إنجازات مع الأخضر السعودي إلا وصافة كأس آسيا وهي التي لم تكن يوماً طموح لجيل صالح النعيمة وماجد عبدالله، تنافس الأندية في تقديم مبالغ طائلة للاعبين ساهم في ماوصلت إليه الرياضة السعودية لرداءة مستوى والمؤلم أن الأندية ماتزال تسير على نفس الخطى فبالأمس الهلال والنصر يتقاتلان لضم لاعب منتخب شاب بمبلغ يصل إلى عشرون مليون ريال والإتحاد يوقع مع لاعب منتخب الشباب عقداً بمليونين ونصف لمدة أربعة مواسم، وغداً سنقرأ المزيد من العقود المبالغ بها للاعبين الشبان إلى أن تصل القيمة لحاجز الخمسين مليون ريال والمحصلة الفنية لا شيء، إرتفاع أسعار اللاعبين عشرة أضعاف عن الأسعار الطبيعية أوقع الاتحاد السعودي في حرج مع المكافآت المالية فمثلاً عندما تعد إدارة المنتخب لاعبوها بمكافأة تصل إلى عشرة آلاف ريال في حال الانتصار في مباراة ما، لا أجدها تمثل أهمية بالغة لدى لاعب أستلم مقدم عقد فاق عشرة ملايين ومرتب شهري يفوق هذه المكافأة، وبالتالي لا يوجد ما يحفز هؤلاء اللاعبين لتقديم أفضل مستوياتهم في لقاءات المنتخب. في الجهاز الفني لا أجد أن الهولندي فرانك ريكارد هو الرجل المناسب ليس حُكماً على أداء المباراتين ولكن عطفاً على تاريخه في التدريب الرياضي، فما الذي أنجزه ريكارد طيلة مسيرته كمدرب رغم انتصاراته مع برشلونة إلا أنه خسر أكثر مما ربح وإخفاقاته مع غلطة سراي التركي وهبوطه بنادي سبارتا روترادم الهولندي للدرجة الثانية، فالهولندي هو الآخر يأتي هنا متشبعاً مادياً متعالياً فنياً يرى أن التعادل مع عمان بمثابة فوز وأن الخسارة من أستراليا أمراً طبيعياً يجعله يكمل مشاهدة المباراة جالساً في مقاعد البدلاء دون أن يوجه لاعبي المنتخب في آخر الدقائق، فعندما يأتي اللاعب والمدرب مُتشبعين ولا يملكان طموح الإنجاز ولا روح الانتصار ما الذي نتأمله في المستقبل ؟ هل أصبحت طموحاتنا منافسة تايلند على بطاقة المركز الثاني للتأهل إلى المرحلة الثانية من التصفيات ؟ أم باتت أقصى أمانينا أن نتعادل مع أستراليا في الملاعب السعودية ؟ فوارق عديدة عندما نقارن مابين تطور المنتخب الأردني وتراجع الأخضر ففي الأردن المدرب شاب وطموح يملك حماس وروح الانتصار ولاعبون لغتهم الفوز والطموحات العالية يلتهمون العشب الأخضر ويقاتلون حتى الدقائق الأخيرة للظفر بنتيجة المباراة، ولو قارنا كافة لاعبي الأردن كعقود احترافية ربما لا يحصلون على قيمة عقد لاعب سعودي واحد إلا أن الفائدة الفنية عطفاً على النتائج ترجح كفة المنتخب الأردني الذي تألق في آسيا كبطولة وتصفيات حالية. أخيراً .. الحل يكمن في التغيير الجذري لكافة اللاعبين وإحلال لاعبين شبان لم يتشبعوا مادياً ولن يتعالوا فنياً إضافة لتدخل الاتحاد السعودي عاجلاً لإيقاف نزيف الأموال على عقود اللاعبين المبالغ بها مع إجبار الأندية واللاعبين على تحويل الدفعات مع مرتبات اللاعبين الشهرية من أجل عودة الروح للاعب السعودي والبحث عن لغة الانتصار، فاستمرار الوضع الحالي يقود المنتخب للأسوء وحتى المنتخب الأولمبي فشل في تقديم مستوىً مميز في بطولة الخليج الأخيرة وغادر على يد عمان برباعية والسبب لا يختلف عن الفريق الأول فالعقود المبالغ بها أشبعت اللاعب السعودي مُبكراً وقتلت روح الانتصار والحماس بداخله.