الحقيقة المطلقة أنني لا أتعاطى مع فكرة الطروحات المتعددة، أو زخم الخيارات المتاحة دائماً، أتوقف على حدود ما أعرفه، وما أشعر انه داخل دائرة الضمانات التي لا يمكن أن تخذلني ذات يوم! خيارات متعددة هكذا قيل لك... وهكذا عرفت بعد ذلك.. لديك الفرصة لتختار واحداً منها.. تجربة.. ومع ذلك تتوقف لتفكر طويلاً وتطرح عشرات الأسئلة للآخرين ولنفسك.. ما هي الضمانات الدنيا لهذا الخيار أو ذاك والتي من الممكن ان أسعد بها؟ ما هي أفضلية ما أختاره عما أعرفه واعتدت عليه؟ هل سيكون المخلص والأفضل لي والدافع إلى اشياء متعددة؟ هل من الممكن ان يكون وجهاً حقيقياً لخداع النفس واختلال التوازن؟ هل سيكون الوجه الآخر للظلال التي أعرفها؟ وكيف له أن يحول حياتي إلى كابوس من الخيبة ويحمي أي أثر للضوء؟ تطرح اسئلتك وتتوقف عنها وأنت تتابع من حولك وهم يتسارعون ويتقدمون ويختارون بثقافة الاختيار الحر دون أي شعور بالذنب المسبق بأن يكون هذا الخيار معاكساً أو مخالفاً لما سيأتي به. تلمح وجوهاً مشعة بالرغبة في الممارسة المستجدة وليس البقاء خارج التجريب أو المحاولة. يجربون، ويحاولون دون خوف من أن تختل موازين الحياة لديهم، أو يتحول هذا الاختيار إلى ابتزاز مباشر لأيامهم الجميلة أو استقرارهم. حضرت الفرصة للتعاطي مع هذه الخيارات، لكن لم تحضر أنت لأنك اعتدت أن تبقى في أطراف الحكاية - اعتدت أن تستمر على هامش طاقاتك ورغباتك - اعتدت أن تهمش امكانياتك الحقيقية، وأن ترجح فواصل فراغاتها برضا واستسلام تام. أدمنت الاسترخاء داخل دائرة الرتابة والملل.. والاقصاء لكل ما تملكه من قدرات - مستسلماً لروعة الاحساس بالخمول.. والبلادة حتى انك أحياناً كنت تستمتع باحساس انقراض آت لما تملكه من امكانيات قد تدفعك للتحرك والتحفيز! لا تغامر تسعدك هذه المفردة، بل وتصغي إليها، وتلزم نفسك بمواعيد معها.. تصر على تكريس مقولة.. أنا لا أتغير.. ولا أبدّل خياراتي.. البشر الملتزمون لا يتغيرون ولا يملكون الكثير من الخيارات، بل هم ثابتون في مواقعهم، وهم فقط على حق والجميع على خطأ. مع مرور الوقت تكابر أن ما أنت فيه يستحيل تغييره، أو تبديله، وأن من البديهي الاستمرارية، حتى وإن كنت قد تكبدت بعض الخسائر، ولازمت بعض الهزائم، وانه لا ضرورة على الاطلاق في أن تفاضل بين ما اعتدته، وبين ما هو مطروح وما يمكن أن تختاره وقد تخفق فيه لأنك غير قادر على التجربة، أو فتح الأبواب للتعامل مع ما هو مستجد بضوابطه وتوحدك مستقبلاً مع آثاره. مرحلة واحدة تعودت عليها ولا تفكر في اجتيازها لأنك تجهل كيف لك أن تحرق مرحلة وتنتقل إلى أخرى.. تجهل القواعد الجديدة أو المستحدثة، أو المرسومة ومقاييسها، وتكتفي بقاعدتك التقليدية، ومقياسك الذي توقف على حدود منطق ما أعرفه أفضل مما سوف يرهبني، ويدفعني إلى التعلم. تكدست طاقاتك كما تعتقد في المألوف والخيار الأوحد. والحضور الضيق، والأسوار المرتفعة، وغابت عن تلك الجدران التي تسمح بالقفز والصعود والخيارات المتعددة، والتناقضات، والحلول التي تصدّر الحياة، وتفتح أبوابها وتساعد على رؤية ما في داخل النفق، وليس الوقوف على أبوابه والاكتفاء بذلك النور الضعيف المنبعث. قد تستمر فيما أنت عليه عاجزاً عن الحركة والسبب انك تحتاج إلى تغير جوهري في رؤيتك، وإلى ثورة في اختياراتك، وإلى إلغاء كامل لترددك.