الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي لم يقتصر على المدن الكبيرة بل شمل معظم المحافظات والمراكز وخصوصا القريبة منها والتي أصبح البعض يفضل الإقامة بها بعيدا عن حياة المدن المزدحمة وللانخفاض النسبي لتكلفة السكن والمعيشة، إلا أن الملاحظ بعد التمدد العمراني لها وجود أراضٍ كبيرة بين الأحياء السكنية خالية منذ سنوات ومهجورة فقط لكونها أراضي زراعية على الرغم من أنها تقع وسط المدينة أو القرية وتتوفر بها كافة الخدمات، في وقت تبعد فيه المخططات السكنية عن الخدمات والعمران واقتصرت الاستفادة منها على الاستراحات. فالأراضي الزراعية التي تقع داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز أصبحت مع نقص المياه وتداخلها مع المناطق السكنية خالية وتستخدم لأغراض غير زراعية كمستودعات وسكن للعمالة المتخلفة وأصبحت تسيء للمظهر العام ومصدرا للأتربة بالشوارع، ومع أن هناك تنظيماً لتحويل تلك الأراضي الزراعية الى أراضٍ سكنية وفق صلاحيات ممنوحة لمديريات الزراعة بالمناطق، إلا أن الإجراءات التي تتم في ذلك تخضع للاجتهادات والمكاتبات بين البلدية والمديرية واللجان ودراسة تلك الأراضي ما زالت تستغرق وقتا طويلا يتعذر معه الاستفادة من تلك الأراضي في تحويلها لأراضٍ سكنية بمساحات معقولة لتقام عليها وحدات سكنية (فلل أو شقق) تساهم في انخفاض أسعار الإيجارات التي ارتفعت بالسنوات الأخيرة بسبب محدودية الأراضي السكنية المتبقية وسط الحي السكني القائم بالمحافظة والحاجة المتزايدة للسكن بعد افتتاح كليات ومدارس جديدة وتنفيذ مشاريع حكومية أخرى، كما أن تحويل تلك الأراضي الى الاستخدام السكني يرفع عدد الأراضي المتاحة للسكن لعدم وجود أراضٍ جديدة وأيضا يرفع الجدوى والاستفادة من الخدمات المتوفرة بالأراضي الزراعية ويحقق وفرا في تكلفة إيصال الخدمات للمخططات البعيدة. ونظرا الى أن معاملة طلب تحويل تلك النوعية من الأراضي الى الاستخدام السكني تتم عبر إجراءات متعددة وبأكثر من جهة ومدينة، ويضطر البعض لدفع مبالغ كبيرة لمعقبين للمراجعة لسرعة الموافقة على تحويلها لأراضٍ سكنية، فإن الأمر يتطلب إعادة النظر في تلك الإجراءات وفق الواقع الحالي وبدون أن تكون هناك آراء واجتهادات وبما يسهل على المواطن معاملته والإيقاف لسوق المعقبين الذي يزدهر بتعدد وطول الإجراءات أو مماطلة وتأخر بعض الموظفين في إنجاز المعاملات أو كثرة الأعمال الموكلة لهم! خاصة وأن النظر في طلبات تحويل تلك الأراضي يستند في أساسه على إفادة من البلدية بوقوعها داخل النطاق العمراني والتي لا يمكن من الناحية العملية أن تستخدم في نشاط زراعي أو حيواني بين الأحياء السكنية، وبالتالي فإن باقي الإجراءات تصبح في حقيقتها روتينية وتخضع لتنظيم بلدية المحافظة أو المركز، وهو ما يدعو إلى أن تتفق البلديات ومديريات الزراعة على النطاق العمراني وبحيث تصبح جميع الأراضي الواقعة داخلة للاستخدام السكني لتتولى وفق ذلك البلديات مهمة إصدار الموافقة على تحويل الأراضي الزراعية داخل النطاق العمراني إلى أراضٍ سكنية لزيادة عدد الأراضي السكنية للحد من ارتفاع أسعارها وذلك بدلا من مكاتبات ولجان تأخذ الوقت الطويل وتشغل المسئولين ويضطر المواطن على دفع الأموال الكبيرة تحت بند «أتعاب التعقيب»!! شكر للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين على الرغم من عدم وجود ارتباط بين ما سبق ونشرته بمقال «الرقابة على مراجعي الشركات» وإيضاح نائب الأمين العام للهيئة للجهود المبذولة للرقابة على مكاتب المحاسبة والمراجعة المنشور يوم الاثنين الماضي وإشارته بأنه بعد الفحص الميداني تم التوصل لمخالفات جسيمة من عدد من المكاتب وتمت إحالتها للجنة التحقيق وصدرت قرارات بإيقاف بعضها وأن هناك متابعة لمعالجة القصور في البعض الآخر، يؤكد ما طالبت به في المقال «بشكل عام» بأهمية الرقابة على مكاتب المحاسبة والمراجعة خاصة وأنه قد دخلت السوق مكاتب أساءت للمهنة، ومع الشكر لهيئة المحاسبين القانونيين على إبراز جهودها فإن الأمر يتطلب مع استمرار الرقابة أن تتضافر الجهود معها بإقرار عقوبات رادعة تضمن رفع مستوى مكاتبنا والثقة بها في وقت انكشفت خفايا وتجاوزات من مكاتب مراجعة عالمية وبدول متقدمة ومنها أمريكا.