قال عبدالسلام جلود الرجل الثاني في النظام الليبي سابقا في ظهوره الإعلامي بعد اقتحام طرابلس من قبل الثوار أن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي تعمد طيلة السنوات الماضية (إفقار) الشعب الليبي بحرمانه من كثير من الحقوق والمزايا التي كان من الممكن أن تجعله في حال أفضل خاصة ودخل الفرد في ليبيا يعتبر الأعلى في القارة الإفريقية، وبرر جلود منهج القذافي والذي طرأ عليه بعد المحاولة الانقلابية التي تعرض لها عام 1981 أنه كان تلميذا نجيبا للثورة الفرنسية والتي قامت رغم أن الفرنسيين وقتها كانوا ينعمون بأنعم حال وأرفه معيشة، فالقذافي كان يعتقد أن المواطن إذا حصل على الرفاهية سينصرف لأمور أخرى (حقوقية)، بحيث تعمد إشغال المواطن الليبي بالبحث عن لقمة العيش ومكابدة صعوبات الحياة اليومية بدلاً من أن ينشغل بمتابعة البحث عن الحرية وحقوقه المسلوبة..! وحينما نتأمل الثورات العربية التي ظهرت حتى اليوم، نجد أن اعتقاد القذافي كان خاطئا، بل وربما تسبب في زوال ملكه والذي عض عليه طيلة أربعين عاماً..! فالثورة في مصر وتونس واليمن وسوريا كلها ولدتها أمور عدة يأتي الفقر والبطالة في أولى الأسباب التي كانت خلف إشعال فتيل تلك الثورات، ونتذكر أن محمد بوعزيزي أضرم النار في نفسه احتجاجا على مضايقة السلطات له في رزقه بينما هو يرزح تحت فقر مدقع. والذي يقرأ في سيرة الثورة الفرنسية والتي بدأت عام 1789 واستمرت لمدة عشر سنوات، يجد أن كلام عبدالسلام جلود ومن قبله اعتقاد القذافي كان خاطئا، فالثورة كان جزء كبير من سبب قيامها هو أن المجتمع الفرنسي كان يضم ثلاث فئات (طبقات) في المجتمع أولاً الطبقة البرجوازية أو فئة النبلاء وهي التي كانت تسيطر على أغلب الامتيازات الموروثة من القرون الوسطى وتمتلك الأموال والطبقة الثانية هي طبقة رجال الكنيسة وأغلبهم يقع ضمن الطبقة الأولى من حيث طبيعة المعيشة أما الطبقة الثالثة وهي التي عليها غالبية أفراد الشعب فهي طبقة الفقراء وعامة الناس، والذين قامت على ظهورهم الثورة الفرنسية، بمعنى أن تخمين القذافي وحساباته لم تكن في المكان الصحيح وبالتالي فقد جنى على نفسه بعد أن أفقر شعبه وحرمه من رغد العيش بينما كان يمكن أن يعيش أفضل من وضعه وبمراحل..!