الغلول من الذنوب الكبيرة التي لها أثرها السيئ وثمرتها المرة، ولما جاء الإسلام حذر من الغلول أيما تحذير. والغلول: مصدر غلَّ يغلُّ إذا خان في الفيء أو الغنيمة أو غيرها، قال الكفوي: ( الغلول: الخيانة في بيت مال أو زكاة أو غنيمة) انتهى. وقال الذهبي: الغلول من الغنيمة أو من بيت المال أو من الزكاة من الكبائر). قال تعالى: ( ومن يغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة) آل عمران 161 وللغلول أنواع منها: -الغلول في الفيء والغنائم، وهذا هو المشهور الذي ينصرف إليه اللفظ عند الإطلاق. -الغلول في الزكاة لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه: ( انطلق أبا مسعود، لا ألفينَّك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاءٌ قد غللته) فقال: إذاً لا انطلق. فقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا لا أكرهك ) أخرجه أبوداود وحسنه الألباني في صحيح السنن . الثالث من أنواع الغلول: هدايا العمَّال ( الموظفين ) وفيها الفضيحة في الدنيا والآخرة وله حكم الغال، ذكر ذلك القرطبي في تفسيره الرابع: الاختلاس من الأموال العامة. الخامس: اغتصاب الأرض أو العقار وما أشبه ذلك، بل هو من أعظم الغلول. عن أبي مالك الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعظم الغلول عند الله ذراعٌ من الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض – أو في الدار – فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً فإذا اقتطعه طوّقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة ) المسند . قال ابن حجر: نقل النووي الإجماع على أنَّ الغلول من الكبائر.وعن عدي بن عميرة الكندي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من استعملناه منكم على عملٍ فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة) أخرجه مسلم . وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مات وهو بريء من ثلاث: الكبر، والغلول، والدَّين، دخل الجنة) أخرجه الترمذي وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فلما سرتُ أرسل في أثري فرددتُ فقال: أتدري لم بعثتُ إليك؟ لا تصيبنَّ شيئاً بغير إذني فإنَّه غلول ومن يغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة، لهذا دعوتك فامض إلى عملك) أخرجه الترمذي وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. فالغلول من الكبائر التي يعاقب عليها في الآخرة أشدَّ عقاب حتى يجيء الغال يحمل ما غلَّه على ظهره يوم القيامة، والغال إنْ سلم من الفضيحة في الدنيا فلن يسلم الفضيحة في الآخرة، والله سبحانه لا يقبل صدقةً من غلولٍ،, والغلول من علامات النفاق، ويضيِّع الحقوق،, ويورث الكراهية، ويُعطِّل المصالح العامة. ومما يؤسف له أنَّ البعض ممن ساء فهمه، وقلَّ علمه، وزُيِّنَ له سوء عمله فرآه حسناً أن يستحلَّ ما حصل عليه من أموال الدولة بغير وجه حقٍّ وبما يخالف الأنظمة المقررة في هذه البلاد، لحججٍ واهيةٍ وشُبَهٍ مبثوثةٍ بحجة أنَّ ما حصل عليه هو جزءٌ من حقِّه في بيت المال، وهذه شبهةٌ خطيرةٌ،, ومزلقٌ شيطاني، ومخالفةٌ للأمانة الملقاة على العاتق، وهي من أسباب انتشار الفساد، الذي أُمرنا بالنهي عنه، فليحذر أولئك من هذا المزلق، ولا يُستهاننَّ بمبلغٍ وإنْ قلَّ. واللهَ أسال أنْ يمنَّ علينا بالعافية في ديننا ودنيانا وأهلنا وأموالنا آمين. ---- * خطيب جامع بلدة الداخلة ( سدير )