يكسب الناس أرزاقهم بآلاف الطرق التي يصعب إحصاؤها.. ولكن لكي تصبح غنيا أمامك فقط أربع طرق رئيسية: الأولى: أن ترث أو تفوز بجائزة كبيرة. والثانية: أن تصبح لصا كبيرا (على وزن: مسؤولا كبيرا). والثالثة: أن تملك موهبة استثنائية تترجم كملايين (كأن تكون فنانا أو رياضيا مميزا). أما الرابعة: فهي أن تكون عصاميا وتبدأ من سن مبكرة بتأسيس أعمالك وتجارتك الخاصة. وبين هؤلاء وهؤلاء تتفرع طرق كثيرة لتحقيق الثراء لا تخرج بالضرورة عن القانون مثل إقامة الدعاوى القضائية واستثمار المصائب البشرية والتطفل على أسرار الآخرين أو حتى من خلال الحظ والمصادفة واستغلال أخطاء الآخرين. فهناك مثلا الإثراء على طريقة "مصائب قوم عند قوم فوائد".. ومثال ذلك حين اغتيل الرئيس جون كينيدي عام 1962 وتم تصوير الحادث بكاميرا فيديو حملها احد المواطنين. وحتى اليوم يعد هذا الشريط "التصوير" الوحيد المتوفر للحادثة. ونظرا لندرته وأهميته تم تأجيره لمحطات التلفزيون بمبالغ طائلة وحتى اليوم ينال ورثة المصور شيئا من المال كلما بُث الشريط! وجميعنا يتذكر قضية اللاعب والممثل الأمريكي سمبسون (المتهم بقتل زوجته) الذي سارع كل من يعرفه او حتى تحدث معه لمره او مرتين الى تأليف كتاب عنه دفع الناشرون حقه مقدما.. حتى سمبسون نفسه اثرى كثيرا بسبب الاحاديث واللقاءات التي دفعت ثمنها وسائل الاعلام (مثل محطة إن بي سي التي دفعت له أربعه ملايين دولار نظير لقاء واحد على الهواء)! وفي أمريكا بالذات يمكن لأي إهانة شخصية او معاناة نفسية أو حادثة بسيطة (كعضة كلب) ان تدر الملايين.. فهناك مثلا قضية السيدة سيندي باك التي دخلت بالخطأ حمام الرجال في أحد المطاعم (لعدم وجود لوحة) فعانت كثيرا "مما رأت" فرفعت دعوى أكسبتها 1,3 مليون دولار وكنت قد شاهدت برنامجا عن اشهر المحتالين في العالم كان من بينهم مواطن أمريكي يكسب رزقه من خلال تعمد السقوط أمام السيارات كي يحصل على تعويض كبير! وبالطبع يصعب العثور على كنوز قارون هذه الأيام؛ ولكن احد المراهقين عثر على بنطلون جينز في احد مناجم كلورادو بيع (بالشيء الفلاني). ففي عام 1996 عثر سايمون جاك على بنطلون جينز موديل ليفي صنع عام 1890. وحين عرض هذا البنطال في المزاد اشترته نفس الشركة الصانعة (ليفي) بمبلغ 25000 دولار واستعملته كدعاية لجودة منتجاتها! أضف لكل هذا إمكانية تحقيق الثروة بسبب غباء أو أخطاء الآخرين (كما حدث لا مؤاخذه في سوق الأسهم لدينا).. فقبل فترة بسيطة قرأت في هذه الجريدة عن سيدة كندية سرق أحد اللصوص بطاقتها البنكية. وبدل ان ينخفض رصيدها في البنك زاد فجأة بنسبة كبيرة كون اللص الغبي استعمل البطاقة للاشتراك في رهانات الخيل ففاز فعلا؛ ولكن مبلغ الجائزة تم تحويله إلى حسابها البنكي.. وهذه الواقعة العجيبة ذكرتني بحكاية مشابهة اكتشف من خلالها هوارد بنرز ان تحويلا خاطئا (بمبلغ 88 مليون دولار) دخل في حسابه البنكي.. ولأنه رجل انجليزي أصيل تصرف ببرود ولم يبلغ أحدا بما حصل وانتظر ستة اشهر ليرى ان كان هناك من سيطالب بالمبلغ.. وحين انتهت المهلة التي حددها لنفسه بدأ يصرف من المبلغ "شمال يمين".. وبعد ان صرف 4 ملايين دولار اكتشف البنك الخطأ وأجرى معه تسوية بمبلغ كبير لم يصرح عنها بالضبط (وإن دخلت قصته كتاب غينيس للارقام القياسية كأعظم الأخطاء السعيدة لعام 1994)!