غربت الشمس الموردة الخدين بالوداع، وأسدل الليل ستائره، وتناثرت النجوم اللامعة كالماس، وأمواج البحر تحتضن بعضها بعضا، وارتدى ساحل البحر ثوبا مرصعاً بالأصداف قوس قزحية اللون، أقف أمام الساحل استحضر أيامي بكثافتها كلها، فكلما تذكرت أشخاصا تعاملت معهم بصدق وحب ودخلت بحسن النية بداخل كهوف عقولهم ولكن للأسف كدتُ أن أتوه معهم!! توقفت ساعة يدي عن الحراك وعم السكون المكان وتباعدت أمواج البحر بعضها عن بعض!!! وبدأتُ اسمع أصوات لوشوشة وهمس عندما قلت بصوت عال وحزين لماذا انتشرت ظاهرة الازدواجية بالشخصية لدى العديد من الناس في هذا العصر وبداخل مجتمعنا العربي والإسلامي؟! ومن هنا بدأ حديث الأصداف. الازدواجية في الشخصية هي من الأمراض المستعصية في الفكر والتوجيه أو في الطباع والسلوك وهي من اخطر الأمراض التي تهدم كيان الأسرة الواحدة ومن ثم المجتمع فالازدواجية تعني أن يأتي الفرد بسلوك في مواقف تناقض سلوكه المعتاد ونلاحظ إن هذا المرض النفسي بالذات قد استفحل بداخل عدة شرائح في المجتمع العربي حيث العصر المادي البحت اغفل الكثيرون من القيم والمبادئ التي هي ركيزة الإنسان وانضباطه وتوازنه بسبب اكتساب سلبيات البيئة المعاشر فيها أو ايجابياتها وغراس التربية والصحبة والأصدقاء المحيطين فيه يؤثر بشكل كبير في مخيلة الإنسان فيأتي بسلوكيات متناقضة، ويفقد نسيج نفسه ويصبح ينادي بأمور وقيم وأخلاق سامية وراقية، ويأتي بعد ذلك بعكسها ويناقضها بشكل فيصابون الأشخاص المقربون إليه والذين يعتبرونه بمثابة القدوة، والمثل الأعلى لهم حاله من التوهان والإحباط. إلا أن وراء تلك الشخصيات شخوص يجتمعون في شخص واحد وهذا ما يميز الإنسان ولابد أن نفهم وندرك كيف نتعامل مع هذه الشخصيات التي تكمن في دواخلنا فصاحب الشخصية الازدواجية يتمثل أمامنا شيطانا بهيئة إنسان!! لأنه صاحب أفكار سلبية ونية سوداوية والاعتقاد الخاطئ بالآخرين فهو يخفيها ولا يظهرها للعيان كي لا يبتعد الناس من حوله!! وتلك الصفات والعياذ بالله قد تؤدي بصاحبة إلى الجنون والانفصام إذا أعطى نفسه هواها فلقد أطاحت الشخصية الازدواجية بالملحدين والطغاة والجبابرة في العالم اجمع. إشراقتي "الذكاء وحدة لا يكفي، فإن إبليس كان ذكيا ولكن شهوته غلبته، والله لا يقبل امرءاًً خسيساً مهما كان عقلة" محمد الغزالي