كانت الجنادرية تقفز أمامي بين فترة وأخرى وأنا اتجول داخل متحف الفن الشعبي الامريكي بنيويورك، فالحدث واحد فالجنادرية مهرجاننا السنوي الذي يقام تقريبا في الهواء الطلق، اهتم ومنذ انطلاقته بالتراث والفنون الشعبية المختلفة للوطن كل الوطن، وهذا مايحمله متحف الفن الشعبي الامريكي الذي جمعت لوحاته وقطعه الشعبية والتراثية من مختلف ولايات امريكا لتكون تحت سقف واحد وليتردد عليه سنويا الملايين ليس من أمريكا فحسب وإنما من مختلف دول العالم، وليشكل هذا المتحف مؤسسة ثقافية وطنية هامة لاتخدم عشاق التراث والفنون الشعبية الأمريكية وإنما طلاب المدارس، وطلاب الدراسات العليا والأدباء والمثقفين الباحثين عن تاريخ أمريكا الشعبي. التشجيع والتقدير والجميل في هذا المتحف وغيره من المتاحف الأمريكية هو الاهتمام باقامة المعارض الفنية المختلفة داخله خاصة ماله علاقة بنشاط واهتمامات المتحف ذاته، فلن يحتار الفنان المبدع في البحث عن مكان لعرض إبداعه الخلاق إذا كان يهتم بهذا الجانب أوذاك، فسوف يجد التشجيع وحتى التقدير، من هنا نجد أن برنامج المعارض في المتحف مشغولة طوال العام، وهذا المتحف الشعبي تأسس منذ نصف قرن تقريبا حيث كان في مبنى مستأجر عام 1961م. أما اليوم فهو يحتل بناية شامخة عمودية في أحد شوارع نيو يورك الفرعية، وربما لا تستطيع الوصول إليه إلا من خلال الدليل أو خريطة المدينة التي لا يمكن الاستغناء عنها لم يريد سرعة الوصول لمبتغاه في هذه المدينة الكبيرة جدا جدا. لوحة شعبية فطرية معارض دورية إن اهتمامات متحف الفن الشعبي الامريكي لا تقتصر على عرض الاعمال والقطع واللوحات والفنون الشعبية الامريكية فقط، وإنما هو يسعى وعلى مدار فصول العام لعرض نماذج من الفنون الشعبية لمختلف دول العالم من مؤسسات لها نفس الاهتمامات، فخلال جولتي داخل المتحف، كنت استمع وغيرى لشرح إحدى المسئولات عن برنامج المتحف للشهور الثلاثة القادمة التي تضم سلسلة من المعارض الدورية التي ينظمها المتحف على مدى الشهور القادمة، بما في ذلك المعارض عن الفن الشعبي من أمريكا اللاتينية وإنجلترا والنرويج وغيرها من البلدان والقارات، وعن الفن الشعبي الأميركي بوجه عام، ومع هذا هو يضم مجموعة متنوعة من الأشياء لحاف وأدوات الصيد، وصور قديمة، وقطع فخار وصناديق شعبية مزخرفة، إلى جانب الأيقونات واللوحات الدينية الشعبية التي لها مكانها باللمتحف والأعمال الفنية. يجد الزائر كثير من المعلومات تشرح تاريخ وأهمية كل عمل، ولكن حتى لو وقفت على قراءة كل شيء او مشاهدة المعروضات مباشرة فإنك لا تستطيع أبدا الإلمام بكل محتويات المتحف لكثرتها وتعددها وتنوع مصادرها، فهذه قطعة نسيج هنديه أحضرت من الشرق وذلك لحاف ابدعته أنامل فتيات الاسكا وهنا لوحة قديمة من إبداع فتيات نيوجرسي، فالمتحف قبل وبعد مكرس لدراسة والتقدير لأعمال الفنانين العصاميين، وضمان وجوده في اثنين من أحياء نيويورك الثقافية و أهم منطقة مركز لينكولن ووسط مانهاتن، بالقرب من متحف الفن الحديث ومتحف الحرف الأميركية، ومتحف التلفزيون والراديو. زائرة عربية للمتحف دعم واهتمام والمتحف وعلى الرغم من تعدد ادواره وتعدد أقسامه فهو يضم مكتبة لا بأس بها تضم مئات الكتب التي تعنى بالفنون عامة وخاصة الفنون الشعبية بالامكان الشراء منها بأسعار معقولة تشجيعا للباحثين وطلاب وعشاق الفنون، ومن الأشياء اللطيفة في هذا المتحف هو ذلك الاحترام الكبير الذي تشعر به نحو الفنون الشعبية مهما كان نوعها أوحجمها أو حتى بساطتها، فرسالة المتحف كما هو واضح من دعم العديد من القطاعات الاقتصادية له، بنوك مصارف، جمعيات تعاونية وخيرية، وهبات تأتي من الداخل والخارج، جميع هذا الدعم يصب في قناة واحدة ألا وهي الاهتمام بكل ماله علاقوة بالفن شعبيا كان أم فنا إبداعيا معاصرا، لذلك حظي الفن الشعبي وغيره في أمريكا بتقدير الجميع .. يجسد ذلك تجدد مقتنياته وتنوع معروضاته .. فأتاح ذلك الفرصة لإعادة كتابة تاريخ الفن الشعبي الأمريكي الذي لا يتجذر كثيرا مثل فنون دول العالم الأخرى لكون أمريكا وكما هو معروف تاريخها يعتبر جديدا بالقياس لتاريخ الدول في العالم. ومع هذا نجد الشعب الأمريكي حريص كل الحرص على توثيق كل شيء، فلاعجب أن تجد لهذا الشيء أوذاك متحفا أو حتى معرضا دائما، من هنا أخذت الأضواء تسلط على كل مجالات الإبداع في أمريكا ليبرز فنانوها وحرفيوها بصورة لافتة، مما جعلهم يحققون مكتسبات كبيرة مادية ومعنوية. متحف الفنون الشعبية الأمريكية