تذبذبت أسعار النفط في أسواق الطاقة العالمية خلال الأسبوع المنصرم تتجاذبها عدد من العوامل السياسية والاقتصادية كان من أهمها الأحداث التي تدور في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك حالة عدم اليقين التي تلف صحة الاقتصاد الأمريكي الذي يتوجع منذ مدة بسبب الديون التي تثقل كاهله وتدفعه إلى مزيد من الركود والاعتلال المالي الذي أنهك قواه التنموية وامتدت آثاره إلى بقية الاقتصاديات العالمية التي تتشابك معه في المصالح. بيد أن خبراء نفطيين أجمعوا على أن النفط سوف يظل يراوح فوق 100 دولار للبرميل لخام برنت القياسي في الأسواق الأوروبية وفي مستوى 80 دولارا للبرميل لخام ناميكس في الأسواق الأمريكية حتى نهاية العام الحالي متكئين في تحليلاتهم على عدد من المعطيات ومن أهمها استمرار النمو في الاقتصاديات الآسيوية وعلى رأسها الصين التي تعمل حاليا على توسيع مخزوناتها النفطية الإستراتيجية لتتضاعف سعتها وصولا إلى بلوغها لما يكفي لمدة 90 يوما بحلول عام 2020م، وكذلك توجه اليابان إلى استخدام النفط كمصدر للطاقة وتقليل اعتمادها بصورة كبيرة على الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما، وهو ما يرفع من الطلب على النفط ويحقق لأسعار النفط أن تبقى في مستويات عالية لمواجه الطلب، غير أن ما يكبح جماح الأسعار إلى مستويات عالية هو تنامي الديون الأوروبية وكذلك تقهقر أداء الاقتصاد الأمريكي والمخاوف من أن تمتد العدوى إلى دول مجاورة. الخبراء يرجحون أن تتضح الرؤية بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الأمريكي العليل خلال الربع الأخير من هذا العام وهو ما سيشجع الدول المنتجة للنفط على اتخاذ سياسات إنتاجية واضحة المعالم تحقق التوازن بين العرض والطلب بما يساهم في تشكيل مسارا واضحا لأسعار النفط بما يحقق دعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستثمارات البترولية التي ستعمل على توفير مصادر الطاقة وتحفيز الصناعات الأخرى. ويؤكد جل المراقبين الاقتصاديين بأن مسار أسعار النفط يرتبط ارتباطا وثيقا بالاستقرار السياسي والأمني ويرتكز بقوة على حالة نمو الاقتصاد العالمي والتوسع في الاستثمارات الصناعية وزوال حالة القلق التي يشهدها العالم بشأن النمو الاقتصادي واضمحلال بؤر التوترات الأمنية وخاصة في المناطق القريبة من مكامن النفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لضمان انسياب النفط دون عوائق إلى أسواق الاستهلاك. وظلت أسواق الطاقة تراقب بعين حذرة ما ينتح عن السلطات الأمريكية بشأن صحة اقتصاد أكبر مستهلك للطاقة بالعالم والإجراءات التي ستتخذ للخروج من نفق الأزمة الاقتصادية وانعكاسات ذلك على بقية أسواق العالم وعلى أسعار النفط التي أثرت بدورها على أداء سوق الأسهم وأسعار المعادن النفيسة. إلى ذلك ارتفعت أسعار النفط في مستهل تعاملاتها في الأسواق الأوروبية أمس الجمعة، حيث صعد خام برنت القياسي إلى 110.62 دولار للبرميل مع حالة الترقب لما سيصدر عن رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بشأن صحة الأمريكي، غير أن أسعار ناميكس هبطت إلى مستوى 84 دولارا للبرميل بسبب أنباء الإعصار أيرين الذي اجتاح جزر البهاما يوم الخميس الماضي ومن المتوقع أن يضرب نورث كارولينا اليوم السبت قبل أن يتوجه الى نيويورك مع أنه بعيدا عن المنشآت النفطية التي يقع جلها في خليج المكسيك، إلا أن ذلك قد يفضي إلى إغلاق بعض المرافق النفطية على الساحل الشرقي من الولاياتالمتحدةالأمريكية. أسعار الذهب التي منيت بأكبر خسارة وصلت إلى حوالي 200 دولار للأوقية يوم الخميس بدأت تستعيد بعض عافيتها وارتفعت بمقدار 12 دولارا للأوقية، حيث بلغت وسط التعاملات 1687 دولارا للأوقية لجلسة منتصف السوق.