على الرغم مما قد يبدو عليه المشهد من ألم في شهر الصيام، إلاّ أن واقع الحقيقة مختلف جداً، حسب شهادات شهود العيان الذين يشاهدون المتسولات اللاتي يصطحبن الأطفال معهن ويجلسن معهن في أوقات المساء، أو قبيل وقت أذان المغرب عند إشارات المرور على الطرق الرئيسة. ويرجح ناشطون اجتماعيون ارتفاع نسبة المتسولات القادمات من خارج المدن بغرض التسول إلى نحو 50 في المئة عن العدد المشهود قبل قدوم الشهر الفضيل، ويقول الناشط الاجتماعي "السيد شرف علي العلويات": "إن التسول عادة غير محببة في المجتمع، كما أن المحتاجة تصرف لها الجمعيات الخيرية بعد دراسة حالتها، ونحن نعرف حالات كثيرة يتم مساعدتها من قبل الجمعيات الخيرية التي لا تتردد حسب نظامها في منح المساعدة لمن يستحقها فعلاً"، مضيفاً "إن المتسولات عند إشارات المرور هن في غالب الظن لسنا في حاجة مادية، خاصة أنهن ينضمن أنفسهن ويبتكرن طرقا لاستعطاف الناس". طفل يبلغ عمره نحو ثلاثة أعوام جلبته متسولة معها عند (تقاطع حي الناصرة) استغلال الأطفال ويشدد "العلويات" على أن المتسولات يعملن فيما يشبه الشركة المنضمة، إذ يقول: "كنت أمر مصادفة عند إشارة الناصرة الواقعة على طريق أحد، تقاطع الطريق مع حي الناصرة التابع لمدينة القطيف، وأوقفت سيارتي في مواقف المحال التجارية القريبة جداً من تقاطع الإشارة، فوجئت بسيارة جديدة من طراز كوريلا تركب فيها نحو سبع متسولات اجتمعن في المواقف ليعدن للمناطق التي قدمن منها من خارج المحافظة"، مشيراً إلى أن الوقت الذي يتجمعن فيه في شهر رمضان المبارك بين 12:30 و 12:45 فجرا". ويتابع "شاهدت أيضا سيارة أخرى تركب فيها متسولات ومعهن الأطفال"، مشيراً إلى أن خمسة أطفال كانوا برفقة المتسولات، وأعمارهن أقل من خمسة أعوام، ويتابع "إن المتاجرة بالأطفال بهذه الطريقة أمر في غاية السوء وينبغي على أي مواطن أن يبلغ الجهات المختصة، مثل الشرطة كي يتم التعامل مع ظاهرة التسول عند الإشارات بحزم، ف "هدفنا جميعا تطبيق القانون الذي يحضر مثل هذه السلوكيات الخاطئة التي تعمل فيها نساء تدعي الفقر والحاجة"، مستدركا "نعم هناك فقراء لكن الفقير الحقيقي لديه كرامه، فتجده يتعفف مع انه في أمس الحاجة للمساعدة، وهذا ما نعرفه من العاملين في الجمعيات الخيرية التي تساعد بناء على دراسات موثوق بها". شرف العلويات إدعاء الحاجة وليس بعيداً عن ما يقوله "العلويات" تجولت "الرياض"، إذ كشفت أن إشارات المرور الرئيسة كتلك التي تقع في طريق أحد في مدينة القطيف، أو الإشارة المرورية الواقعة على طريق سوق الخميس تواجدا لمتسولات اصطحبن معهن أطفالا أقل من خمس أعوام، وعادة ما تجعل المتسولة الطفل يذهب للسيارات المتوقفة لنحو دقيقة أمام إشارة المرور، في حين أن مستوى علوه لا يصل للنافذة، ما يجعله في خطر بالغ، قد يهدد حياته، وقالت متسولة عند إشارة تقاطع حي الناصر بطريق أحد حين سألتها "الرياض" عن سبب وقوفها لساعات طوال طلبا للمال، خاصة أنها شابه وتستطيع العمل: "إن الحاجة هي التي تدفعني للوقوف". وحين تم سؤالها عن تعريض الطفل للخطر قالت: "إنه يعرف كيف يبتعد عن السيارات التي تتحرك"، مستدركة "ليس لدي منزل أو عائلة كي أبقيه معها"، أما إجابتها بشأن تجمع المتسولات فقالت: "لا أعرف شيئاً عن ذلك أنا أسير على قدمي حين أعود". يشار إلى أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن الغالبية العظمى من المتسولين المقبوض عليهم هم من غير المواطنين، إذ تتراوح نسبة المواطنين المتسولين بين 13-21 في المئة، أما نسبة المتسولين من غير السعوديين فتراوحت بين 78 و87 في المئة، حسب الإحصاءات المسجلة في الأعوام الماضية.