في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ علاقة الدولة الفرنسية برجال المال والأعمال ، طالب ستة عشر من أصحاب المداخيل المرتفعة الحكومة بفرض ضرائب إضافية عليهم للسماح لهم بالمساهمة في إيجاد مخرج لعجز الدولة الحالي. ووقع هؤلاء على نداء موجه إلى الحكومة نشر نصه بحذافيره في مجلة " لونوفيل أبسرفاتور" الأسبوعية الفرنسية امس الخميس. وقد نشرت المجلة على موقعها مقتطفات من هذا النداء الذي يدعو فيه أصحابه ومنهم مالك المجلة الدولة الفرنسية لفرض ضرائب على الموسرين على نحو يجعلهم طرفا فاعلا في الجهود الوطنية لخفض عجز الموازنة. ولكن الموقعين على الدعوة يؤكدون أن هذه الضريبة ينبغي أن تكون معقولة وعلى نحو يسمح بعدم تهريب رؤوس الأموال الوطنية. وهناك شبه إجماع لدى المحللين الاقتصاديين على أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يؤمن لخزينة الدولة ثلاث مائة مليون يورو على الأقل. ومن الموقعين على النداء ليليان بيتنكور صاحبة مجمع " لوريال" وأكثر نساء فرنسا ثراء وكريستوف دومارجوري الرئيس المدير العام لشركة " توتال" والرئيس المدير العام لمصرف " سوسييتي جينرال". وإذا كانت الحكومة الفرنسية قد قررت الإعلان يوم الأربعاء الماضي عن عدد من الإجراءات الرامية إلى الحد من عجز موازنة الدولة، فإن الجدل لايزال مستمرا بينها وبين أحزاب المعارضة وبخاصة الحزب الاشتراكي حول طلب إدراج الحد من العجز في الدستور. فالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يطالب بأن يضمن مبدأ خفض العجز دستور البلاد إلى ثلاثة بالمائة من الناتج الوطني الخام في غضون السنوات الثلاث المقبلة. ولكن المعارضة اليسارية لا تقبل بالطلب وتعتبره مجرد مناورة إعلامية تندرج في إطار حملة ساركوزي لإعادة انتخابه رئيسا للدولة العام المقبل. وترى أن اليمين الذي يحكم البلاد بدون انقطاع منذ عام ألفين واثنين قد هدر الأموال العامة من جهة وخفف من جهة أخرى الضرائب على الموسرين مما جعل خزينة الدولة تفقد قرابة سبعين مليار يورو خلال السنوات العشر الماضية . ولذلك فإن الحزب الاشتراكي يرفض إقرار مبدأ إدراج خفض العجز في دستور البلاد. والملاحظ أن الرئيس الفرنسي وأنجيلا ميركيل المستشارة الألمانية كانا قد عرضا هذا المبدأ يوم السادس عشر من شهر أغسطس الجاري كوسيلة من وسائل معالجة الأزمة المالية التي تعاني منها منطقة اليورو. وقد قرر أمس الثلاثاء رئيس الحكومة الاسبانية اتخاذ مبادرة في هذا الاتجاه لم تعترض عليها أحزاب المعارضة اليمينية الإسبانية التي تؤكد كل عمليات سبر الآراء أنها ستعود إلى الحكم في أعقاب الانتخابات المبكرة التي دعا ثاباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية إلى تنظيمها في شهر نوفمبر المقبل.