لا تخلو كتابات زائري شبه جزيرة العرب ، ومن ضمنهم الرحالة القدماء من وصف فنجان القهوة بقولهم (تايني كب) - Tiny cups أي فناجين بالغة الصّغر . وتلك الأكواب لا يُقدم فيها إلا القهوة العربية . قيل لسبب اقتصادي وقيل لسهولة حمل أعداد كثيرة منها في يد واحدة ، وقيل غير ذلك . وارى أن هذه الأكواب المحببة حافظت على ذاتها من الاندثار ولا توشك على الانقراض رغم اقتحام الجديد . وكأني بها تحاول أن تتواءم مع " الترمس " الذي حلّ محل رفيقته الدلة . لكن الأخيرة احتفظت بمكانها في البيوت والمكاتب الكبيرة الشأن . وسيتعب من حاول إحصاء ورود كلمة " الفنجال " في أشعارنا الشعبية . وفي غالب الأشعار لا يُشار إلى محتوى الفنجال . (القهوة) . للإجماع على أنه لا يحتوي إلا القهوة . قال شاعر: فنجال ما صبوه من زمزميه ولا صلحنه راعيات المناكير امصلحن في دلة شاذليه من وارد الرسلان خلف الدناقير للقهوة شجرةٌ وثمرٌ تاريخها طويل. فتقول الأسطورة إنّه في زمنٍ بعيدٍ لاحظ راعي ماعزٍ ، أنّ ماشيته تصبح أكثر نشاطًا وحيويّةً عندما تأكل من نوعٍ مُعيّنٍ من الأشجار البرّية. فنَقَل مارأى . فكان ذلك الاكتشاف الأوّل لثمار شجرة البُن. وذكرها الطبيب الرّازي الذّي عاش في القرن العاشر للهجرة فكان أوّل مَن ذكر البن وفي كتابه "الحاوي". من المؤكّد أنّ البن كان ينبت بريًّا في الحَبشة واليمن. وكان اليمنيّون أوّل من عمل على تحميص بذور البن وسحقها. وسُجِّل في القرن الرّابع عشر في اليمن أوّل استعمالٍ غير طبّي للبُن. وبدأت زراعته على نطاقٍ واسعٍ منذ ذلك الوقت. وأخذ نوع جيد من القهوة اسما تجاريا هو " موكا " أي : " مخا " في اليمن . انتقل إلى طرفة من طُرف المرحوم سعد الخويطر ، راعي عنيزة . فقيل إنه يستعد لاستقبال زواره بثلاث "زمزميات " أو ترامس . واحدة قهوة والأخرى شاي والثالثة فارغة . فسألوه لماذا فقال : هذى للي يبى قهوة . وهذى للي يبي شاي ، وهذى للي مايبي قهوة ولاشاي .. !!