قامت ابنتي أخيراً بتجديد جوازها ، وحين انتهى الجواز ، طلبوا منها إحضار ولي أمرها لاستلام جوازها ، وهذا في الحقيقة طلب غريب لايتفق مع المنطق وطبائع الأشياء ، فالجواز جوازها ، وليس جوازي ، وقد كتبتُ لهم أنني رجل مقعد لا أستطيع أن أصعد درجاً، أو أتسلق سلّماً خاصة وأنني متأكد من أن مديرية الجوازات ليست مهيأة لاستقبال ذوي الحاجات الخاصة فقالوا لابد من حضوري ولو على نقالة إسعاف ، ولهذا فلا مناص من أن أحضر ، ولابد من المكتوب ، هذا مع أن ابنتي مديرة لمعهد العالم العربي وهو منصب لا يتولاه إلا السفراء السابقون ، وقد فهمت أنني لو لم أكن موجودا فإن قاصراً من أحد أقربائها يتولى المهمة ، وكانت مناسبة لأعرف أشياء عن بعض من هضم حقوق المرأة وحرمانها من حقوقها ، فهي لا تستطيع مثلا أن تتزوج إلا بموافقة ولي أمرها حتى لو كان أخاها القاصر ، كما لا تستطيع أن تفعل أشياء كثيرة بدون موافقة ولي الأمر ، لا تستطيع أن تسافر ، ولا تستطيع أن تعمل ، ولا تستطيع أن تتعلم .. الخ والحقيقة أنني لم أكن أجهل هذه الأشياء ، ولكنني حسبت أننا تقدمنا ووقعنا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يساوي بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، ثم قبل ذلك فقد أعطى الإسلام للمرأة ذمة مالية خاصة ، وأن المرأة قد تفوقت على الرجل في الكثير من الميادين ، وتصوروا أن يطلب من رئيسة أو مديرة منظمة أن تبعث ابنها ليستلم جوازها بدلً منها ، أو ليصرح لها بالسفر ، أو حتى لتتزوج..