على الرغم من الروحانية الكبيرة التي تحيط شهر الصيام بالكثير من الخصوصية، ورغبت البعض في قضاء رمضان في المحيط الذي يضمن لهم أن يكونوا قريبين من الأجواء الأسرية، وصوت المساجد في إقامتها للتراويح، ومختلف الندوات والمحاضرات، وكثرة أجواء الخير، وطعم رمضان الذي تعرفه في الشوارع، وفي تعاطي الناس مع بعضهم من خلاله، إلاّ أن البعض يجد في رمضان فرصة للسفر خارج المملكة كنوع من السياحة حتى إن تزامنت مع شهر رمضان، وذلك استثمارا للإجازة التي لاتبدأ لدى البعض إلاّ قبل رمضان بأسبوعين. في حين ينتقد البعض من يسافر للخارج للسياحة دون الضرورة في شهر رمضان، حيث يعتبرون بأن لرمضان خصوصيته التي تستوجب الحذر من كل الأمور التي قد تفسد حصانة الصيام، حتى وجد الانتقاد الاجتماعي بين الناس عمن يسافر في رمضان للتنزه والسياحة وليس للضرورة، فلماذا ينتقد البعض من يسافر للخارج للسياحة في رمضان؟. وجهات نظر متفاوتة في البداية يقول الشاب "ماجد الشمرانى" بالنسبة لي لا أرى أي إشكالية في السفر للخارج حتى إن كانت للسياحة في رمضان، فمن الجميل التعرف على ثقافات وعادات وتقاليد الدول وكيفية استعدادهم لشهر رمضان، لاسيما الدول الإسلامية والعربية، مؤكداً على أن المجتمع ينتقد هؤلاء، وينظر لهم نظرة مريبة مليئة بالشك كبحثهم عن سبب شرعي للإفطار، والهروب من تحمل الصوم في درجات الحرارة العالية بالرغم من أن الصوم خارج المملكة يكون أطول في عدد ساعاته من داخل المملكة، لافتاً إلى انه يفضل قضاء رمضان في المملكة بين أهله وأصدقائه. في حين لا يؤيد "عادل الرويثى" السفر السياحي للخارج في شهر رمضان، فهذا الشهر يعد تجربة روحية وإيمانية ارتبطت منذ الصغر في قضائه في مدينته وبين أهله، وحين يقرر السفر بعيداً عن تلك الأجواء المعتادة مع أسرته؛ فإنه لن يختار سوى مكةالمكرمة والمدينة المنورة، فالصوم في تلك البقاع الطاهرة هو أفضل ما يتمناه لنفسه، مؤكداً على تفهمه لنقد المجتمع الحاد لمن سافر للخارج في هذا الشهر الفضيل للسياحة والترفية. أما "مطير سلمان" فيرى أن هناك توجهاً كبيراً من قبل بعض السعوديين للسفر للخارج في رمضان لقضاء الإجازة، سواء كانوا شباباً في مجموعات، أو عائلات، حيث يرى أن السفر في رمضان للخارج لا مبرر له، خاصة أنة شهر صيام وعبادة وتقرب من الله، وليس شهراً للسياحة والترفية أو التسلية؛ لهذا من الطبيعي والأفضل قضاء هذا الشهر في الوطن، طالما انه لا توجد هناك حاجة ملحة للسفر للخارج كالدراسة أو العلاج، لاسيما وان هناك الكثير من المواطنين الذين أجبرتهم ظروفهم العملية على الصوم بعيداً عن أهلهم، ومع هذا هم في حنين وشوق دائم لرمضان في أرض الوطن الذي يميزه كثير من الأشياء أهمها الأجواء الروحانية والعائلية. تجارب أخرى وتشير "سهام الصاعدي" إلى أنها سافرت العام الماضي هي وعائلتها إلى ماليزيا في أجازتهم الصيفية، وقد كانت لدى جميع العائلة رغبة في خوض تجربة الصيام هناك، حيث وجدوا انه لا يوجد إحساس بالغربة هناك من الناحية الدينية، وتطبيق شعائر الإسلام باعتبار أن المجتمع هناك إسلامي، ويتواجد فيها عدد كبير من العرب والسعوديين للسياحة. وقالت: لا أبالغ أنها من أفضل الفترات التي صمت بها رمضان، حيث تمكنت من التفرغ للعبادة أكثر من وجودي في المملكة، فهناك لا يذهب وقتي كله في تحضير وجبة الإفطار المعتادة، أو متابعة المسلسلات الرمضانية، وتلبية العزائم والمجاملات، فالأجواء الروحانية ليست مقرونة بمكان وزمان معين؛ فأينما سافرنا نستطيع الصوم والصلاة وقراءة القرآن. ويضيف المواطن "محمد المطلق" أن تزامن شهر رمضان مع عطلته الصيفية فرصة تشجعه على السفر، لاسيما وأن ما بعد رمضان يعتبر فترة عمل رسمية للجميع؛ لهذا غالباً ما نقرر أنا وعدد من الأخوة والزملاء السفر في رمضان إلى أحد الدول الخليجية أو العربية، وذلك بهدف التعرف على ثقافات جديدة وعادات مختلفة، وهي غالباً عادات لا تكاد تكون مختلفة تماماً عن عادتنا وعادات الدول الإسلامية، مؤكدا على انه عند الحديث عن روحانية ذلك الشهر الفضيل يجب أن نلغي الحدود الجغرافية، فمن يريد أن يصلي ويصوم لن يمنعه احد أو حتى يصعب علية ذلك. أما الطالبة المبتعثة "سعاد صالح" فترى أن تجربة الصوم خارج المملكة تجربة متعبة وشاقة، حيث تقول: هناك فرق كبير بين الصيام في المملكة وخارجها، حيث لا تجد للصيام نكهة كما هي في المملكة، لا سيما وأننا نمضي وقتاً طويلاً في الدراسة، وأحيانا كثيرة يصادف وقت الإفطار محاضرات وأنشطة؛ لهذا نشعر بغربة وحنين لا يوصف لتلك الأجواء المليئة بالروحانية والألفة، ونتمنى صوم ولو يوم واحد في مملكتنا.