لأول مرّه أسمع مفردة (طوْبَرهْ) حين قرأت رد الأخ القارئ فاروق المفلحي على قافلة (تأملات) بتاريخ 13 أغسطس 2011م حين قال " فلسفة جلدي جلدي هي أننا نتأخر فنزاحم ثم نزاحم فنتأخر والحقيقة أن الصبر صنعة وعدم التبرم ذوق، وهناك في الغرب من (يُطوبر) ساعتين وهو يحمل كتاباً بلا تذمّر ولا يحزنون ، هُنا يُسابقون الوقت وهم يضيعونه كما أن التعجّل يتم في كل شيء إلا العمل فنحن فيه سلاحف ". أعتقد بأنكم عرفتم الآن معنى (الطوبرة) . الوقوف في الطابور هناك سلوك يمارسه الجميع، الصغير قبل الكبير، المرأة والرجل ، المسؤولون بمن فيهم رؤساء الدول والحكومات مع بسطاء الناس لا فرق. أما هنا فالأمر مُخجل جداً إذ الطوابير فيما يبدو خُلقت لمن ليس لهم واسطة أو نفوذ. أذكر أنني كنت في مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة قادماً للرياض والطابور أمام (كاونتر) الخطوط طويل. وحتى يقف الناس بانتظام تم وضع شرائط بلاستيكية على قوائم معدنية كحواجز تمنع الداخلين بالعرض. كان يقف أمامي رجل يبدو من شكله بأنه يابانيّ . حين ينادي موظف الطيران على المتأخرين عن رحلاتهم التي ستقلع في الحال يُساعدهم صاحبنا الياباني على اجتياز الطابور ويقوم برفع شرائط البلاستيك لتسهيل مرورهم. يفعل كل ذلك وهو مبتسم وبنفسِ راضية مرضيّة. تغيّرت تقاسيم وجه الرجل فجأة وهو ينظر تجاه جنديّ قادم مظهره وقيافة زيّه العسكري يثيران السخرية. يمشي وراء الجندي شابٌ مزهواً بنفسه. بكل ثقة رفع الجندي شريط الحاجز عَبَرَ خلفه الشاب، وما هي إلا دقائق معدودات ويعود الاثنان يتمخطران (بالبوردنق باس) أمام نظرات الجميع المُستنكِره وابتسامة صفراء مُستهزئة على وجه الياباني. حدثنا عبيدالله الورّاق قائلاً : يحدث حينما نرحل في قوافل الإبل عبر مفازات الصحراء القاسية أن يتقدّم على مسير القافلة مُشاغِبٌ يافع يستعرض سرعة بعيره، فيقوم كبير القافلة بقمعه بالدرّةِ فيرتدع القوم وينتظموا في المسير. قُلت أين دُرّة كبيركم عن القوم في يومنا هذا يا عُبيدالله؟!