ما يدعوني إلى كتابة هذا المقال هو موقف حصل لي مؤخرا سأحاول أن أتشاركه مع القراء ولكن ليس الآن ربما في آخر المقال! قبل عدة سنوات تعرفت على بعض الأصدقاء اليابانيين وتعمقت صداقتنا مع الوقت وبالصدفة المحضة كان هؤلاء الأصدقاء ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الياباني وكما يعلم الجميع انه في عام 2009 حقق الحزب الديمقراطي نصرا تاريخيا وفاز بالانتخابات بقيادة هاتوياما منهياً 50 سنة من الحكم المستمر للحزب المنافس! كانت مفاجأة لي فبعض الأصدقاء أصبحوا أعضاء بالبرلمان ووزراء!طبعا توقعاتي أن أصدقاءنا سيكونون مشغولين بأعمالهم ولم يعد هناك وقت للتواصل خصوصا أن المسؤوليات أصبحت كبيرة في بلد يعتبر من أهم بلدان العالم اقتصاديا. فعلا صدق ظني فأصبح عملهم يمتد إلى وقت متأخر مساء ففي اليابان كلما كبر المنصب زاد العمل على صاحبه! فهدفه الأساسي يصبح خدمة الشعب الياباني ككل! لكن المفاجأة انه رغم كل ذلك فإنهم حافظوا على حسن الصلة مع جميع الأصدقاء، ولا أبالغ إن قلت إنهم زادوا تواضعا ! وأذكر أنني سألت احدهم عن ذلك فقال لي هذا المنصب لكي اخدم الشعب وليس برستيجاً. وفي يوم ما سأتركه لغيري وسأرجع إلى أصدقائي . ولكي أكون منصفا فان السياسيين اليابانيين من جميع الأحزاب يضعون مصلحة اليابان كهدف أسمى وسأضرب مثالا لرجل أحترمه للغاية هو وزير الخارجية الياباني الأسبق السيد مياهارا فقدم قدم استقالته مؤخرا لسبب يعتبر في نظر الكثيرين بسيطا لكنه أراد أن يضرب مثلا بالتزامه بالنظام ! فقد قبل هدية قيمتها بسيطة جدا ولم يكن يعلم أنها من شخص غير ياباني (والنظام يحظر قبول الهدايا من غير اليابانيين) لكنه أصر على الاستقالة ليضرب مثلا في اتباع النظام . وللحق كان رجلا يشعرك بالارتياح لحسن استقباله وترحيبه المستمر ورغم انه كان الرجل الثالث في الحكومة إلى انه كان يعطينا الكثير من وقته رغم مشاغله . الحق يقال أن كلا الحزبين الرئيسين في اليابان يرحبان بالصداقة والتعاون مع السعودية وهذا ما سمعته من اغلب الوزراء وأعضاء البرلمان الذين التقيتهم . ولأكون منصفا فان هذه السمعة الحسنه بنيت بسبب سياسة السعودية الخارجية المعتدلة كما يجب أن اذكر مجهودات سفيرنا السابق في اليابان فيصل طراد كان رجلا سياسيا ولماحا وأسس مشاريع وعلاقات مشتركة بين السعودية واليابان مازالت أآثارها قائمة إلى الان رغم انتقاله منذ سنتين إلى الهند! وها هو قد بدأ أيضا توطيد العلاقة مع الهند! قد نتفق أو نختلف معه في بعض الأمور لكن نجمع على انه سياسي ذو خبرة . ولا انسى أيضا دور أرامكو ومشروعها الكبير مع سوميتومو والذي سيبدأ التوسعة الثانية قريبا فقد أعطى اليابانيين فكرة حسنة عن حسن التعامل مع الشركات السعودية. وبالرغم من أنني اعتبر أجنبيا في اليابان إلا ان أصدقائي اليابانيين يشعرونني دائما بدفء الصداقة ويستمعون إلى آرائي ومقترحاتي بحرص! اذكر أنني سألت احد الأصدقاء عن ذلك فرد علي قائلا بما انك لست يابانيا فربما تنظر إلى الأمور بمنظار مختلف جديد ومن زاوية مغايرة ونحن نحب الاستماع إلى جميع الآراء وفي نفس الوقت أنت تتكلم بصراحة وأريحية ما يجعل آراءك مقبولة! على العموم اعتقد شخصيا انه لكي تفهم الشعب الياباني يجب أن تكون قارئاً جيداً للتاريخ فالعوائل اليابانية ذات تاريخ عريق ويتصفون بالحفاظ على وعودهم وكلماتهم! ولو لاحظنا انه بالرغم من كثرة تغيير الوزراء إلا أن سياسة اليابان ثابتة وتحافظ على خط معتدل في جميع المجالات ويهمها سمعة الشعب الياباني واذكر أنني قلت لأحد رجال الأعمال لماذا لا تتوسعون بالمشاريع في الخليج فرد علي قائلا المشاريع الخارجية لا تعني الربح فقط !بل أيضا سمعة اليابان لذلك لا ندخل في أي مشروع حتى نضمن كل عوامل النجاح حتى نجعل الناس تذكرنا بالخير ! آمل أن نرى في يوم قريب مجلس تعاون استراتيجي بين البلدين لزيادة التعاون خصوصا أنني لمست الرغبة في تطوير العلاقات من كبار المسؤولين اليابانيين. الان لنرجع إلى سبب كتابة مقالتي فعادتي أن لا اكتب عن تجاربي الشخصية لكنني كسرت العادة احتراما لأحد الأصدقاء القدامى وهو سياسي لامع قدم من طوكيو إلى اوساكا وكان موعدنا على الغداء فلما علم بصيامي غيّر جميع المواعيد ليصبح موعدنا السابعة مساء احتراما للصيام والصداقة ورفض حتى أن اذكر اسمه في مقالي فله تقديري **مما قيل هذا الأسبوع : نبارك لسمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بمناسبة تعيينه نائب وزير الخارجية وكل ما تسمعه وتقرأه عن سياسة الأمير يدعوك إلى احترامه ونقول أعانك الله ووفقك..