تعاني عشرات الدول اليوم من صراعات داخليّة، والأزمات الماليّة تعصف بنصف الكرة الأرضيّة، وهنا جيوش تتحرك دون شرعيّة، ودول تذوب وأخرى تولد. هذا هو الجزء الأوضح من المشهد العالمي المثير. والسؤال هنا هل دخل العالم الألفيّة الثانية بغير نظام ما جعل الفوضى تسيطر على كثير من المفاهيم والإرادات حتى بدت نموذجا مهيمنا على مجريات الحياة؟ بل إن إدارة الفوضى باتت قدرا ومنهج عمل يومي لكثير من الحكومات والمجتمعات في معظم أركان الدنيا. صحيح أن العالم يقوده الجنون التوسعي مذ دخلت الآلة في عتاد الجيوش والمواصلات، ولكن تعاظم دور التقنية وما رافق ذلك من توسع في الإنتاج والرغبة في التربّح بكل وسيلة أدى إلى تعاظم النهم وجوع أرباب المصانع في الدول الصناعيّة بحثا عن المصادر الطبيعيّة في كل مكان في تسابق محموم لاستنزاف حصة ومخزون الأجيال القادمة. وعلى اثر تزايد قلق لأسرة الدوليّة من تدهور أحوال البيئة والمناخ قامت الأممالمتحدة بعد عامين من دخول الألفيّة الثانية بتكليف1100عالم لوضع تصور عن مستقبل البيئة والطبيعة في العالم، وقد توصلوا في تقريرهم إلى تأكيد المخاوف من سياسات"السوق أولا" ووحوش الإنتاج الضخم إذ كشف التقرير عن أن هذا الجنون سيؤدي إلى تدمير 70% من مخزون الطبيعة العالمي خلال الثلاثين عاما القادمة (2032م). ومن حيث إشكاليّة السكان والموارد نجد أن سكان العالم اليوم يقاربون 7 مليارات نسمة ويقدر عدد الجياع بينهم بحوالي مليار إنسان أي أن 1 من كل 7 من سكان الكرة الأرضيّة يعاني من الجوع. بعبارة أخرى هناك شخص يموت كل ثلاث ثوان ونصف من الجوع وبكل حزن 75 ٪ من هؤلاء الضحايا من الأطفال. والسؤال كيف يعيش بعض الأغنياء هانئين وهناك ما يقرب من 24 ألف شخص يموتون يوميا بسبب الجوع أو سوء التغذية؟! ويزداد العجب إذا عرفنا أنه يوجد أكثر من مليار ونصف المليار شخص يعانون من أمراض السمنة، بل إن الأمريكيين وحدهم ينفقون نحو 50 مليون دولار يوميا على برامج "التخسيس" ووصفات التخلّص من الوزن الزائد. وفي مسألة الدخل والفجوة بين الأغنياء والفقراء تقول الإحصائيات إن ما يقرب من نصف سكان العالم يعيشون على أقل من 2.50دولار في اليوم في حين يمتلك 20% من الأغنياء 85% من ثروات العالم. وفي الجانب الصحي النفسي تقول الإحصائيّات إن مرض الاكتئاب يصيب أكثر من 121 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. والاكتئاب كما هو معلوم من أبرز أمراض العصر ومشكلته أن أثره يمتد لإضعاف قدرة المكتئب على الإنتاج، ويغير سلبا في شكل العلاقات الاجتماعيّة وقد يصل بصاحبه إلى الانتحار كونه المرض المسؤول عن مئات الألوف من حالات الوفاة سنويا. والسؤال هنا من سينقذ العالم ممن يقوده إلى الهاوية جراء تفاوت مستوى المعيشة وهيمنة القوى على الضعيف، وانحلال القيم وفوضى السلوك وانتشار الجريمة ناهيك عمّا ستنتجه معامل الشر من أسلحة الدمار وتلاعب بالجينات وخلخلة التوازن البيئي؟! **مسارات : قال ومضى : في وحي رمضان وعلى باب مسجد الحي الراقي تأمل الداخلين معه وجُلُّهم من العمال والضعفاء فتلثّم متأففاً وعاد أدراجه.. لم يعرف المسكين أن أبواب الجنة ليس فيها باب "للشخصيات المهمة!