نحن بحاجة إلى تبني (وثيقة مبادئ) لتكريم رموز هذا البلد في كل مجال.. ** وأن تتذكر الأجيال المتعاقبة أعمالهم ** وأن نحتفظ لهم.. بشيء من الوفاء في ذاكرة التاريخ.. ** فكم عاش بيننا.. ثم غادرنا.. مبدعون كثيرون.. وفي حلوقهم (الغصة) تلو (الغصة) لشعورهم بكل مرارات الدنيا.. ** عاشوا حياة (رثة) و(محزنة) و(متواضعة) رغم كل ما قدموه لبلدهم.. من عطاءات رفيعة.. تغنّى المواطنون بها كثيراً.. وأشادوا بها قليلاً.. ولكن أحداً لم يكلف نفسه أن يسأل عنهم.. ** بعضهم مات بصمت.. وهو لايجد ثمن (عشائه).. ** وبعضهم .. ظل يعاني من المرض.. يفتك به .. وينهش من عظامه.. ويسلمه لحالة من (الغيبوبة)، ولا من يسأل عنه.. أو حتى يزوره في فراش مرضه.. ** والبعض الآخر .. تراكمت عليه الديون من كل حدب وصوب ولا من يمد يده إليه.. ويخفف من وطأة ديونه.. ** والسبب في كل هذا هو (عزة النفس) وإباء الكرامة وعظمة الشعور بالأنفة.. ** وهناك من عاش .. ومرض.. ومات .. وخلف وراءه أيتاماً.. يكفكفون دموعهم صباح مساء.. ولا من يقول لهم.. سلامتكم.. ** إن هذه الحالة المتكررة.. أخذت تكبر وتبرز بصورة ملفتة.. ونحن نتحدث عن مجتمع إسلامي رُبي على التكافل.. والتراحم .. والتعاون .. والبر.. لكن الحقيقة هي .. أن الحالة تحولت إلى ظاهرة وسط غياب تام للاهتمام الحقيقي.. من قِبل الناس ببعضهم البعض.. ** والاهتمام الذي أقصده هنا.. هو ليس الاهتمام الرسمي بمثل هؤلاء الرموز.. فقط.. ** صحيحٌ أن الدولة لم تقصر في شيء مع كل من تعرف عنه.. أو تسمع عن أوضاعه.. أو عن أسرته.. أو عن مديونياته.. ** لكن الدولة وحدها لا تستطيع أن تعرف كل حالة.. أو أن تصل إلى كل فرد.. إذا لم تكن هناك جهات تتولى هذه المهمة.. وتضطلع بها.. ** والأمر بسيط للغاية.. ** وهو أمر تنظيمي .. لابد وأن تشترك فيه الدولة ومؤسسات المجتمع المدني .. بحيث يؤسس لقيام (هيئة وطنية لتكريم الإنسان السعودي).. سواء أكان هذا الإنسان مثقفاً.. أم اقتصادياً.. أم فناناً.. أم معلماً.. أم إدارياً متميزاً .. أم طبيباً ناجحاً.. مدنياً.. أم عسكرياً.. ** والتكريم المقصود هنا.. للأحياء (أولاً) ثم للأموات بعد ذلك.. ولأسر هؤلاء المتميزين والأفذاذ في كل الأحوال.. ** والتكريم هنا يتخذ عدة أشكال وصور.. ويكون هدفه النهائي هو حفظ كرامات الناس.. وإعلاء شأن الموهبة .. والتميز .. وتقدير حالة المحتاج من هؤلاء بصورة أكثر تحديداً.. والعناية به في صحته.. وفي معيشته.. وفي سكنه.. وفي مستقبل أبنائه.. ** أقول هذا الكلام.. وأنا كسائر أبناء الوطن نودع هذه الأيام.. واحداً من أكبر الملحنين الذين أثروا حياتنا بالجمال.. وبالنغم .. وبالحس الإنساني والوطني.. الفنان الكبير (محمد شفيق) الذي جعلنا نتمايل طرباً ونحن نستمع إلى ألحانه لخمسة أوبريتات في مهرجان الوطن الأول (الجنادرية).. ** محمد شفيق (غادرنا) بعد تعب.. بعد مرض.. بعد معاناة شديدة مع هذا الزمن.. وعلينا أن نكون أوفياء له .. ولأمثاله بعد موته.. كما لم نكن كذلك في حياته.. ** وأقول.. بعد أن سمعتُ الكثير من قصص الفاقة والاحتياج لأُناس آخرين من أمثال (شفيق) رحمه الله.. ظللنا بعيدين عنهم.. مقصرين تجاههم.. وطناً ومواطنين.. ** فهل منكم من يستجيب لدعوتي هذه .. ويمسح دموع هؤلاء وأحزانهم.. ويبحث أحوالهم .. ويمد يد العون لهم.. والمواساة لأسرهم؟! أرجو ذلك. *** ضمير مستتر: **(لا خير في مجتمع.. لايجد فيه الإنسان من يذكره في حياته قبل موته.. وبعد موته)