ترجل الزعيم القبلي موسى هلال طويل القامة عن ظهر جواد بعدما انطلق به مسرعا بعض الوقت وقد بدا عليه الاجهاد بينما اخذ يعطس من تراب اثارته حوافر جواده. ويقول الرجل الذي تتهمه الولاياتالمتحدة بقيادة ميليشيا تقف وراء جرائم اغتصاب وقتل بمنطقة دارفور بدعم من حكومة السودان قائلاً «جسدي ليس في حالته الطبيعية. لست في حالة جيدة». وينفي الزعيم القبلي تلك التهم ويقول انه بعيدا عن كونه محاربا فهو الآن رسول سلام. لقد زار موسى هلال الذي يتزعم أكبر قبيلة عربية في دارفور العاصمة السودانية الخرطوم لمدة تسعة أشهر لإجراء مباحثات في محاولة لاخماد حركة تمرد دخلت عامها الثالث وتقوم بها عناصر غير عربية ضد الحكومة المركزية. وقد عاد الآن الى دارفور ليس على صهوة جواد أو ظهر جمل لكن في سيارة لاندكروزر بيضاء قائلا إنه يريد نشر السلام والمصالحة بين القبائل عبر المنطقة المضطربة في أقصى غرب السودان. ومازالت المبادرة التي ترعاها الحكومة في مراحلها المبكرة الا أنها كانت موضع ترحيب بالقرى العربية وغير العربية في شمال دارفور حيث موطن هلال وقبيلته. وتابع هلال «نريد اصلاح البيت من الداخل. وهذا شيء لن يقوم به سوى أبناء دارفور». ورغم أنه يقول إن الطرق آمنة في دارفور الآن فإنه يسافر في شاحنة مليئة بجنود الجيش المسلحين. كما أن لديه حارسا خاصا ويحمل بندقية كلاشنيكوف في مؤخرة حافلته. قال هلال «هناك الكثير من الأسلحة في دارفور. ليس ثمة قبيلة لا يوجد بينها مسلحون». وسقط عشرات الآلاف من القتلى في القتال بدارفور بين المتمردين والقوات الحكومية السودانية والميليشيا المتحالفة معها المعروفة باسم الجنجويد. وهرب أكثر من مليونين من ديارهم وأغلبهم من القبائل غير العربية. التوترات بين العرب الرحل والمزارعين غير العرب مازالت مستمرة في المنطقة الجافة المترامية الأطراف. ووضعت الولاياتالمتحدة هلال على رأس قائمة من قادة الجنجويد اتهمتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وتحقق المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في الحرب وتقول مصادر الأممالمتحدة إن هلال مشتبه به. وتتهمه جماعات حقوق الإنسان بأنه القائم على عمليات تجنيد عناصر الميليشيا العربية مرهوبة الجانب وهم يستشهدون بتقارير لشهود عيان تتحدث عن تواجده في معركة واحدة على الأقل خلال الصراع. ويقولون أيضا إنه لم يعد يقود بصورة مباشرة الميليشيا القبلية لكنه بالتأكيد مازال لديه نفوذ عليها. وقالت ليزلي ليفكوو الباحثة في هيومان رايتس ووتش «أظن أن دوره تراجع لأن سمعته سيئة للغاية وهو معروف جيدا الآن. لكنني متأكدة انه مازال لديه قدر كبير من النفوذ». وفي الأسبوع الماضي قال مسؤول بارز بالأممالمتحدة إن المقاتلين العرب مازالوا يستهدفون المدنيين في دارفور وإن جرائم الاغتصاب والخطف والنهب تزايدت في ابريل. وينفي هلال التورط في تلك الفظائع ويقول إنه استجاب لدعوة من الحكومة لتجنيد قوات الدفاع الشعبي لمحاربة المتمردين لكنه أبدا لم يشارك في أي معركة. وقال «لا أشعر أبدا بأني مجرم. المتمردون هم سبب الحرب». لقد انتخب هلال شيخا لقبيلة رزيقات المحاميد عندما كان عمره 23 عاما حاملا اللواء من والده الذي مات عن 111 عاما. ويقدر عدد أفراد القبيلة بمئات الآلاف يدفعون له ضرائب. ويصف هلال المؤيد لقوانين الشريعة الاسلامية نفسه بأنه مسلم صوفي حيث يعطي المال لكل سائل ويستمع لمظالم الناس. ويكن الناس له كل الاحترام والتقدير. وقال هلال وهو يرتدي جلبابا أبيض وعمامة بيضاء أيضا ويحمل في يديه عصا من البامبو «الشيخ هو رمز القبيلة. واجهة القبيلة». تزوج هلال ثلاث مرات الا أنه طلق زوجته الثانية بسبب «خلافات زوجية عادية». وإحدى زوجتيه تعيش في الخرطوم مع طفليه الصغيرين والاخرى التي انجبت له ثمانية اطفال تعيش معه في دارفور. وقال «كان أبي يقول دائما تزوج ثلاث زوجات واحتفظ بحقك في الرابعة (كورقة مساومة). لو حدثت أي مشاكل يمكنك دائما أن تقول (حسنا) احسنوا التصرف والا تزوجت بالرابعة». ويعامل هلال ضيوفه بكرم شديد حسبما تقضي التقاليد السودانية في منزله ذي الطابع البدوي. الا انه يتمسك بالدقة في المواعيد وهو أمر غير معتاد في مثل هذه البلاد الحارة حيث الاسترخاء طابع عام. وقال إن المتمردين في دارفور والحكومة بحاجة لحل سياسي للنزاع عبر المحادثات التي يرعاها الاتحاد الافريقي. الا أنه يقول إن قيادة القبيلة قد تساعد في انهاء أعمال النهب وجرائم العنف الأخرى في دارفور بتحديد واعتقال المسؤولين عنها. ويعتز هلال كثيرا بفكرة الوطن ويقول «الوطن غال. تستطيع أن تشتري الذهب من السوق لكنك لا تستطيع شراء وطن». ويقول هلال الذي تمنى دخول الجامعة لولا توليه زعامة القبيلة إنه حريص على تعلم الانجليزية ويفهم الكثير عن العالم. الا أنه لا يحب الولاياتالمتحدة التي يرى انها تسيطر على الاممالمتحدة والسياسات العالمية. وقال «القانون الدولي يمارس فقط ضد الدول الصغيرة والضعيفة. لكننا لسنا ضعفاء في السودان. ليحاولوا أن يأتوا وسنريهم».