غالبا ما تتحكم العواطف في كثير من القرارات الإدارية داخل دهاليز الأندية وتحديداً فيما يتعلق بقرارات إقالة المدربين ومثل هذه القرارات من الواضح أنها لا تتمخض من صلب القناعة وبناء على دراسة علمية إنما نتاج ردود فعل سريعة تتجلى بعد خسارة الفريق في لقاء حاسم او ضياع بطول فثمة مدربون متميزون صنعوا انجازات كبيرة مع فرقهم و بخسارة واحدة في مواجهة حاسمة تضعهم في مقصلة الفشل وبالتالي منحهم تذكرة المغادرة في أول رحلة بعدما تحولوا كبش فداء وحمالين آسية وكل هذه الأمور ما هي إلا محاولة (ذكية) من مسؤولي الأندية للتنصل والتملص من المسؤولية وتبرير ساحتهم وحماية موقفهم من الفشل، لامتصاص غضب وسخط المشجعين ،في الوقت الذي يفترض أن يمنح فيه المدرب الفرصة الكاملة ولا يقيم في حالة خسارة الفريق مباراة واحده، فهناك فرق عالمية يقودها مدربون منذ مواسم عدة ، ومازلوا على هرم التدريب حتى لو اخفق الفريق بقيادتهم في بطوله أو خسر مواجهة حاسمة مثل مدرب فريق مانشستر يوناتيد (السير الكيس فيرغسون ) الذي درب هذا النادي المخضرم منذ عام 86م-1987م ومازال يقود دفة الفريق الأحمر (فنيا)، وهو من صنع فريق الشياطين الحمر الذي نشاهده الآن وكان السبب الرئيسي في تحقيق الفريق ل 7 بطولات دوري في عهده وأيضا لا ننسى مدرب نادي الارسنال الانجليزي ( أرسن فينجر ) -فرنسي الجنسية- والذي بدأ بتدريب الفريق في موسم 1997م ومازال على هرم الإشراف الفني يعد ثاني أقدم مدرب بالدوري الانجليزي بعد( فيرغسون)، ورغم الإخفاق الذي طال هذه الفرق في بعض المنافسات لم تتحكم "العواطف" في سرعة اتخاذ قرار الاقاله والإبعاد بل بقى هذان المدربان محافظين على مقاعدهما التدريبية لان مسؤولي هذه الاندية ومن هم على شاكلتهم (وعيا وثقافتة واحترافا) يدركون أن الرياضة فوز وخسارة وهي ثقافة سائدة في هذه الاندية المتحضرة كرويا التي تدار بفكر احترافي وعلم رياضي أكاديمي متخصص بعكس واقعنا الرياضي الحالي !! بل إن المدربين الاوروبيين هم من يبادرون في تقديم استقالاتهم" طواعية" من التدريب عندما يصلون لمرحلة تتجسد فيها قناعتهم بعدم جدوى استمرارهم ويكون قرار الاستقالة من تلقاء الذات وليس من تلقاء (عاطفة المسؤول)!! وهنا يكشف لنا الواقع المر أن إدارات الأندية المحلية واللاعبين والإداريين وحتى المشجعين يفتقدون لثقافة تقبل الخسارة، ومايؤكد ذلك على سبيل المثال التعاقد مع معظم المدربين الذين سبق وان دربوا هذه الفرق وتمت إقالتهم كرد فعل سريع ظهر عقب خسارة وتم إعادة التعاقد معهم مرة أخرى بعد عام او يزيد لتثبت الحقيقة الدامغة أن هذه القرارات العشوائية تنطلق من بوابة العواطف ولحظات الانفعال وليس من بوابة الاتزان والفكر الاحترافي الرصين ، ولعل استمرار هذه القناعات الخاطئة في ظل غياب ثقافة تقبل الخسارة للعاملين في الاندية هي نتاج تهميش العلم الرياضي الأكاديمي والاعتماد على الخبرة السلبية. فاصلة: *سئل لقمان الحكيم مما تعلمت الحكمة ؟ قال من الجهلاء قالوا كيف ؟ قال كلما رأيت فيهم عيبا تجنبته.