بعث فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز الغيث الملازم القضائي بالمحكمة العامة بالرياض تعقيباً على حوار الرياض مع فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان هذا نصه.. سعادة رئيس تحرير جريدة الرياض،،، حفظه الله. السلام عليكم ورحمةالله وبركاته،،، وبعد إشارة إلى مانشر في صحيفتكم بعدد 1358 السنة الثانية والأربعون في يوم الجمعة الموافق 20/3/1426ه صفحة (26) بعنوان قضايا إسلامية حيث أجري فيها حواراصحفيا مع فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان عضو مجلس الشورى وإنني التمس العذر من فضيلته بتعقيبي ومداخلتي على هذا الحوار بالعناصر الآتية: 1- أشار فضيلته إلى أن كتب الفقه فيها عبادات قويه وثقيله لايستطيع فهمها كثير من الناس ولهذا يحتاج الأمر إلى صياغة تلك العبارات على شكل مواد قانونية حتى يفهمها الناس أقول لفضيلته متسائلاً من هم الناس الذين لايستطيعون فهم عبارات الفقهاء القويه والثقيلة؟ ربما يكون الجواب أنه لايخلو إما أن يكون المقصود بالناس هم عوام المجمتع فهؤلاء هل تزيد عليهم الأمر تعقيداً فلكي نوضح لهم عبارات الفقهاء نجعلها على شكل مواد قانونية فهم لم يفهموا ماجاء في كتب الفقهاء حتى يفهموا تلك المواد القانونية والحل الأمثل مع هؤلاء هو جلوسهم عند العلماء الراسخين في العلم لكي يشرحوا ويبينوا لهم عبارات الفقهاء وهذا عن طريق الدرس والمحاضره والإستماع إلى شريط وقراءة كتب الشروح والحواشي ولا أظن أن فضيلته يشير بلفظه إلى تلك الشريحه وأما أن يكون لفظ الناس مراد فضيلته العلماء والمفتيين والدعاة فهؤلاء هم أهل الحل والعقد وهم الذين يرجع إليهم في تفسير المجمل وإيضاح المشكل ولا أظن كذلك أن فضيلته يخاطب تلك الشريحة ثم أن المفتي يبين الحكم الشرعي ولايلزم به وأما أن يكون الناس الذين قصد فضيلته بمخاطبتهم هم القضاة الذين يبينون الحكم الشرعي ويلزمون به وهذا الذي يظهر لي من خلال ثنايا كلام فضيلته فهل القضاة على مستوى متدن من العلم والفقه والفهم حتى لايتسطيعون فهم نصوص وعبارت الفقهاء مع أننا نعلم جميعاً أن جميع القضاة خريجوا كلية الشريعة من حملة البكالريوس ومنهم حملة الماجستير والبعض الآخر حملة الدكتوراه فهل هؤلاء الذين عرض بهم فضيلته لايفهمون نصوص الفقهاء حتى يحتاج الأمر إلى التقنين والالزام به؟ فهل وصل الأمر إلى هذا الحد بأن يصف فضيلته مشائخة من القضاة الذين منهم مازال على رأس العمل ويصف زملائه والقضاة الآخرين بأنهم لايفهمون نصوص الفقهاء؟ 2- المسأله التي طرحها فضيلته وذكر رأيه ووجهة نظره وهي مسألة تقنين الفقه على شكل مواد وإلزام القضاة بها مسألة ليست حادثه ولاجديده وإحيل القارى الكريم إلى قرار هيئة كبار العلماء ذي الرقم (8) حيث تم بحثها من قبل الهيئة ينظر أبحاث هيئة كبار العلماء 2/39 كما أحيل القارى إلى بحث لفضيلة الشيخ بكر أبو زيد في كتابه فقه النوازل 1/9 حيث بحثها فضيلته بحثا شافياً كافياً ولذا اريد أن أخوض في مسأله الخلاف فيها واسع وما ذكر فضيلته وجهة نظره في هذه المسأله. 3- اشار فضيلته إلى أن صياغة الفقة على شكل مواد تطبع ويلزم بها القضاة يجعل الناس يعرفون ما يحكم به القضاة وأقول هل القضاة قديماً وحديثاً وإلى اليوم يحكمون بشريعة مخفيه لايطلع عليها إلاهم حتى يقال أننا نحتاج إلى تقنين الشريعة وإظهارها للناس؟ لا أظن أن فضيلته يرى ذلك والسبب هو أن مايحكم به القضاة من نصوص الشريعة سواء من الكتاب والسنه وأقوال فقهاء الأمة موجود ومطبوع ومتداول بين الناس وليس أمراً مخفياً على أحد حتى يستلزم الأمر إلى ما ذكر فضيلته ومسأله العذر بالجهل غير مقبولة لاشرعاً ولاعرفاً ولاعقلاً ولاقانوناً وعلى ذلك الأجانب الذين يأتوننا من خارج البلاد يجب عليهم أن يعرفوا ويطلعوا على أنظمة البلد وأحكامة وهذا أمر مجمع عليه دولياً والعكس كذلك صحيح حيث أن الدول الآخرى تلزم السعودي أن يكون مطلعاً بأنظمة وأحكام تلك الدول ولا يقبلون جهله فالعذر بالجهل بالقانون غير مقبول ومرفوض فما الداعي إلى تقنين الفقه ما دام أن القانون الدولي هو معاملة المثل بالمثل. 4- انني استغرب واتعجب كل العجب من إطلاق فضيلته على القضاة بكافة درجاتهم القضائية بدئاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى وقضاة التمييز وقضاة المحاكم بكافة أنواعها بلفظ (التلاعب) وقد كان فضيلته جندياً من جنود القضاء؟ فهل يقال على الذين يحكمون بما أنزل الله ويطبقون أحكام الله على عباد الله أنهم يتلاعبون بالقضاء؟ أم هل يقال على أولئك الجنود البواسل الذين يسدون ثغر من ثغور هذا الدين القويم أنهم يتلاعبون بالقضاء؟ أم هل يقال على الذين يفصلون بين المتنازعين وينهون الخصومات بين الأفراد والقبائل والأسر ويحقون الحق على من كان ولايخافون في الله لومة لائهم بأنهم يتلاعبون في القضاء؟ لوقالها غيرك يافضيلة الشيخ فأنني أتعجب من إطلاقك هذا للفظ على من كنت أنت يوماً من الأيام واحداً منهم ومع ذلك فأننا لن نرضى ولن نسمح لأحد كائناً من كان أن يتكلم على القضاء ويتهجم عليهم بمثل هذه الألفاظ والسبب لأن القضاة هم الذين يطبقون شرع الله على عباده فإذا تلفظ عليهم بمثل هذه الألفاظ قل احترامهم عند المجتمع ثم فقد الناس الثقة بهم وبأعمالهم وتهاونوا في تطبيق أحكامهم الشرعية لاشك أن فتح باب القدح على القضاة ايذانابخراب وفساد المجتمع فليت فضيلته استخدم اسلوب الحكمة والموعظة الحسنه قبل أن يقول ماقال ويحضرني مقولة سطرها جلاله الملك عبدالعزيز رحمة الله حينما علم أن أحداً من الناس رفض تنفيذ حكم القاضي وسمع أنه تكلم في حقه فغضب وقال رحمة الله: ( إذا لم ينفذ الحكم فسوف اتولى بنفسي تنفيذ حكم الشرع عليه، إننا إذا لم نحترم أحكام الشرع فكيف نكلف الناس أن يعملوا بها يجب أن نكون قدوة حسنه للناس في كل شيء) أ. ه وقد سار على منهاجه في احترام القضاة وأحكامهم ابنائه البرره الملوك سعود وفيصل وخالد رحمهم الله وخادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين والنائب الثاني حفظهم الله وكافة الأسره الكريمه المالكه وما ذاك الا لادراك الدولة ان السلطة التنظيمية لا غنى عنها عن السلطة القضائية فهي اكبر دعائم توطيد الامن والامان ونشر العدل وقمع الظلم والشر والفساد، ثم إنني أجزم جزماً قاطعاً بأنه لايوجد قاض من قضائنا يعلم ماجاء في نصوص الوعد والوعيد والترهيب في القضاء ثم يحكم في قضية من أجل مصالحة الشخصية واتباع هواه ويترك الحق ويجانبه ولكن تبقي مسأله كون القاضي أخذ بقول غير مشهور أو غير معمول به فهذا إجتهاد والحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد فاجتهاده في القضية لايعني أنه أخذ بمصالحه الشخصية واتبع هواه ومثل هذا أمر لايخفى على فضيلته، ومما ينبغي أن يعلم لدى القارىء الكريم أن كل قضيه لها أطرافها وملابساتها وظروفها تختلف عن القضيه الأخرى حتى ولو كانت في نفس الموضوع فما ضربه مثلاً فضيلته تختلف من قضية لأخرى فأمرأه تطالب بحضانه ابنتها وتقدح في أبيها أنه صاحب مخدرات وصاحب سوابق ولا تأمن على ابنتها عنده وبين امرأه تطلب حضانه ابنتها ولاتقدح في ابيها وإنما تطلب استمرار حضانتها فهنا القاضي يعمل المصلحه ويدرأ المفسده في كل قضية على حدة والذي أسأل فضيلته هل من المصلحه أن يبقي القاضي البنت عند ابيها صاحب المخدرات والسوابق الثابته عليه أم لا؟ فهذه تختلف عن القضية الأخرى وإن كان مطلوبهما واحد وقد جرب فضيلته القضاء ويعلم أن القضايا لها ظروفها وملابساتها ولايمكن أن تضبط جميعاً في مادة واحده يعمل بها جميع القضاء على جميع القضايا. 5- إن فضيلة الشيخ يعلم بأن القضاة لايراقبون في أعمالهم مفتشاً قضائياً يأتيهم بالسنه والسنتين مره وإنما يراقبون الله في أعمالهم فهم مؤتمنون على أموال المسلمين وأعراضهم ودمائهم وقد لازمت عند بعض أصحاب الفضيلة القضاة فوجدت منهم الحرص التام على إنهاء المعاملات وعدم تأخرها وتصديرها إلى الجهات المختصة بأسرع وقت لأنه ليس له مصلحة في أن تتأخر معاملات المسلمين في مكتبه واخيراً فأنني وإن كنت أصغر رتبه قضائية في السلك القضائي فإن ما قدمته من تعقيب ومداخله ليس إلا من باب مقابلة الرأي بالرأي والفصل للقارى الكريم وإنني اعتذر مكرراً إعتذاري لفضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان حفظه الله إن كنت قد سطرت كلمات أخالفه فيها فأننا نسعى جميعاً للوصول للحق وإظهار الحق والرقي بجهازنا القضاني إلى أعلى مراتب التقدم والازدهار وأسال لفضيلته دوام الصحه والعافية والتوفيق لما أنيط به في منصبه الجديد كما اشكر الجريده على إتاحة الفرصه لي والادلاء بدلولي وأسال الله للجميع التوفيق والسداد. *الملازم القضائي الأول بالمحكمة العامة بالرياض