لاحظت السيدة "أم أحمد" أنّ ابنتها "رنيم"-13عاماً- تحاول ارتداء ملابس فضفاضة وداكنة اللون كلما جمعتها المناسبات ببعض أقاربهم، وعندما حاولت الاستفسار منها فوجئت بأنها تتحاشى نظراتهم الفضولية نحو جسدها والهرب من تعليقاتهم بأنها أصبحت عروساً، وقد تخطب قريباً من أحد شباب العائلة خلال شهور معدودة، مبدية غضبها منهم؛ بسبب منع من هن في مثل سنها ويدرسن في صفها الدراسي من اللعب معها؛ بحجة أنها قد كبرت وأن جلوسهم وتبادل الأحاديث معها أصبح غير لائق لمن في مثل جسدها "المكتنز"؛ مما دفع بها لأن تفضل الوحدة وترفض حتى مجرد التصوير مع عائلتها في مناسبتهم السعيدة وأحياناً أخرى تتوارى عن الأنظار حتى لا تسمع مزيداً من التعليقات التي أشعرتها بأن جسدها الكبير قد سجل لها تاريخ ميلاد مغايراً لميلادها المؤرخ في شهادة ميلادها لتتساءل "رنيم" بكلمات مختصرة أيهما المقياس الحقيقي للزواج نضج العقل أم ثورة الجسد. إن هذه المعادلة الجسدية القاسية والتي تعيشها الكثير من الفتيات طرحت نفسها للنقاش فوق سطورنا حاملة أنين قصص لفتيات أتعبهن جسدهن "المكتنز" والذي نضج في سنوات طفولتهن المبكرة ووضعهن وجهاً لوجه أمام واجهة الزواج المبكر بعيداً عن حسابات النضج العقلي. ماذا نفعل مع أطفال لا تتجاوز أعمارهن 12 سنة وأوزانهن زائدة وتكوينهن الأنثوي طاغٍ للعيان؟ حرج دائم بكلمات متعثرة حاولت "ليلى" البالغة من العمر 12 عاماً وصف الحرج الذي تشعر به نتيجة لدوران جسدها كما وصفته، والذي أعطاها أكثر من سنوات عمرها الحقيقي، حيث قالت "ليلى": بدأ جسدي يكبر سريعاً وكأنه في سباق مع سنوات عمري فبدأت مقاساتي تتغير، وأصبحت أحاول أن أخفي بعض المعالم التي قد تفرح فيها الأنثى، ولكن عندما تحدث في وقتها المناسب أما بالنسبة لي فإنني كانت أحاول أن أضغط جسدي داخل ملابس أشبه بالمشد الثقيل؛ لدرجة أنني كنت أتألم ولكنني كنت أفضل الألم عن تلك الأسئلة التي أسمعها والتي تتساءل عن حقيقة نضوجي الملائم؛ لأن أكون زوجة وأماً رغم أنني ما زالت طالبة فوق مقاعد الدراسة. طرحة وفرحة وأوضحت السيدة "نجاح" أنّ ابنتها "رغد" في الصف الثالث المتوسط جاءتها وهي تحمل بين يديها دعوة لحضور حفل زفاف صديقتها في المدرسة، مبدية سعادتها الكبيرة لها ومتمنية في ذات الوقت أن تلحق بها قريباً، مضيفة: أنّ بعض الأهل يعتقدون أنّ بلوغ الفتاة الجسدي سبباً ودافع حقيقي للزواج وقد تسعد الفتاة بهذا المشروع على أساس أنه مجرد "طرحة وفرحة"؛ لتفاجأ الفتاة وبعد مرور أيام أنها تعيش داخل مسؤوليات زوجية تحتاج النضج والحكمة للتعامل معها، وذلك بعد أن تنتقل بعيداً عن بيت أهلها الذي كانت تعيش فيه طفلة صغيرة تلبى طلباتها متى ما أردت. د.السبت: البيئة والتغذية سببتا النضوج المبكر! المريول الأصفر! وتروي لنا السيدة "عبلة" -22عاماً- قصة زواجها وهي في الصف الثالث المتوسط، وقالت: لقد تزوجت بمريول المدرسة الأصفر الذي قررت زميلاتي في المدرسة كتابة تهانيهن بزواجي فوق خيوطه؛ ليظل ذكرى مميزة لي وليذكرني بفارس الأحلام الذي خطفني من على مقعد المدرسة؛ بسبب نضوج جسمي والذي كان سبباً لأن تنقلني مديرة المدرسة من الصفوف الأولى إلى الأخيرة في الفصل بناء على رغبة بعض الأمهات على أساس أنني أبدو سيدة متزوجة، ووجودي بينهن أشبه ببرواز يكبر الصورة بكثير، مشيرة إلى أنها تنقلت بين عدة عيادات طبية بحثاً عن حل طبي لحالتها ولكنها لم تجد، وذلك بحكم الخارطة الوراثية لعائلتها وليكون الحل النهائي ضرورة زواجها من رجل في الثلاثين من عمره كانت مواصفاته تنطبق تماماً على جسدها وعمرها من وجهة نظره. فترة المراهقة للفتاة تمثل منعطفاً في تكوينها الفكري نظام غذائي وتبدي السيدة "هدى" مخاوفها على ابنتها "لارا" ذات العشر سنوات، والتي شعرت بتغير في ملامح جسد طفلتها بعد أن أبدت عمتها ملاحظات على جسدها بعبارات مضحكة أزعجتها كثيراً وهي تلعب بعرائسها مع بنات عمتها، مضيفة: أنّ تلك الملاحظات أشعرتني بأنّ جسد ابنتي بدأ يتغير، وأنّ مقاسات ملابسها التي أشتريها لها من قسم الأطفال لن تعد تصلح لها في العام المقبل، فقررت أن أخضعها لنظام غذائي صارم رغم أنها لم تكن "سمينة"، ولكن لم يحدث تغير يشعرني بأنني أسير في الطريق الصح؛ مما هيأني بأن طفلتي الصغيرة ستغادر قريباً عالم الطفولة إلى عالم "الآنسات"، ومروراً إلى عالم "المتزوجات" رغم عدم نضوج عقلها، ولكن والدها يرى أن عقلها سينضج عندما تتزوج من العريس الذي يحمل المواصفات المناسبة. عبلة: زميلاتي كتبن تهانيهن على مريولي ! اكتمال الأنوثة وتتباهي الشابة "نسرين" -الطالبة في الصف الثالث المتوسط- بملامح جسدها المغايرة لمن هن في مثل عمرها؛ فهي تبدو فتاة مكتملة الأنوثة كما تقول وتستطيع ارتداء ملابس أختها الجامعية ذات القصات الملفتة والأقمشة الحريرية، وأن تضع الماكياج مثلها وأن هناك إضافات أخرى لملابسها أصبحت أساسية، والتي تحاول أن تريها لصديقاتها بالمدرسة عندما يقمن بزيارتها حتى تشعريهن بأنهن مازلن فتيات صغيرات، وأنها أكثرهم جاذبية وتسعد كثيراً بتعليقات وتلميحات من حولها بأنها أصبحت عروسة جميلة وتحلم بفارس الأحلام الذي سيأخذها إلى عش الزوجية غير مبالية بنصائح والدتها بعدم التكلف في الملابس والتخفيف من كم الألوان المنتشرة فوق وجهها لصغر سنها؛ في الوقت الذي ترفض فيه تزويجها لابن خالتها لأنها مازالت تراها طفلة لا تستطيع الوفاء بالتزامات الزواج ومسؤولياته. المواصفات المناسبة وأكد المتخصص في القضايا الاجتماعية "د.صالح الدبل" على أنّ البوابة الأولى لخطبة الفتاة ينحصر في الشكل العام والذي يحتل فيه الجسد النصيب الأكبر، وهو ما يطلق عليه "الجسامة" وفي العادة فإنّ المجتمع بمختلف فئاته والرجال على وجه الخصوص يسألون عن حجم جسد الفتاة، وأنه من أولويات المواصفات التي تأخذ في الاعتبار، ويقبل الرجل على الزواج بصاحبة هذا الجسد حتى وإن كان عمرها صغيراً. وأضاف: هناك فتيات وبحكم الوراثة نجد أنهن كبيرات الأجسام وهن صغار في العمر، وليس لديهن القدرة العقلية للاعتماد عليهن كزوجة، حيث أنّ هذه الأمور تضع نوعاً من الثقافة على الأسر بضرورة قبول زواج الفتاة الكبيرة الجسد حتى وإن كانت صغيرة السن، ولذلك أصبحت هذه الفتاة تخضع لقوانين غطاء الوجه عند الخروج من البيت حتى لا يفتن جسدها أحداً، أما الفتاة الصغيرة الجسد وإن كانت كبيرة في العمر يتساهلون في خروجها من المنزل أو في الظهور أمام الرجال فمظهرها العام لن يثير أحداً، مشيراً إلى أنّ هذا السلوك غير مناسب اجتماعيا فالفتاة يجب أن تكون ناضجة عقلياً بعيداً عن النضج الجسدي فالمسألة ليست مجرد شكليات بل العقل هو أساس مسيرة الحياة والمرور بها إلى شاطئ الأمان. حالات مرضية وأرجع "د.خالد سبت" -استشاري أمراض النساء والولادة- أسباب نضوج جسد الفتيات الصغيرات إلى بعض الحالات المرضية والتي يجب أن تخضع للفحص الطبي للاطمئنان خاصة إذا حدث ذلك قبل سن الثانية عشرة، مشيراً إلى أنّ هذه الأحجام لا يمكن اعتبارها ظاهرة في المجتمع؛ لأننا في العموم نلاحظ أنّ أجساد الفتيات في أحجامها أصبحت أقل بكثير من سابقتها، وذلك لعدة عوامل ترجع للبيئة والتغذية والنفسية أحياناً.