عندما قررت الدراما الخليجية أن تقدم عملاً تلفزيونياً حول سيرة وحياة ويوميات مطربة غنائية؛ فإنها لم تأت بما يستحق انتظار المشاهدين. فإذا كانت الدراما العربية عودتنا على إنتاج مسلسلات سيرة فنية حول شخصيات فنية راقية كأسمهان وصولاً إلى مسلسل الشحرورة؛ فإن الدراما الخليجية وبعد طول تمحيص وتفكير لم تخرج سوى بنموذج مطربة سوقية، متغطرسة، عصابية، تكيل الشتائم لمن حولها، مجاناً؛ وللأسف هذا ما شاهدناه حتى الحلقة السابعة من مسلسل (الملكة) الكويتي؛ والتي تجسد فيه الممثلة هدى حسين شخصية مطربة خليجية "مفترضة". المسلسل قبل عرضه، تعرض لتهمة اقتباس الفكرة والشخصية من سيرة حياة الفنانة أحلام وهو ما نفته هدى حسين. حسناً، وإن لم تكن أحلام بحذافيرها، إلا أن "الشخصية" المستلهمة في المسلسل جاءت وفق النمط الشعبي، من خلال التعيير بأنها كانت "طقاقة" ومن ثم تحولت إلى مطربة جماهيرية. الأمر الآخر في مسلسل "الملكة" هو أن الكثيرين قبل عرض المسلسل، استبشروا بتجسيد هدى حسين لشخصية المطربة، على اعتبار أنها ذات صوت غنائي طفولي ومحبب بالنسبة للجمهور، متذكرين أغانيها الشهيرة للأطفال خلال الثمانينيات ومنتظرين صوتها بفارغ الصبر؛ إلا أننا حتى الحلقة السابعة لم نصغِ لصوت هدى ولم نرَ سوى شخصية "كاريكاتورية" مبالغٌ فيها، لمغنية متعالية واستهلاكية، تبدأ حلقاتها الأولى بمشاكل وملاسنات ومصائب وكأننا في دراما لا تمت لدراما السيرة الفنية بصلة؛ الأمر الذي أفقد شخصية الملكة تعاطف الجمهور المشاهد، في الوقت الذي كان على الكاتب "فهد العليوه" أن يستثمر كل تقنياته من أجل الحصول على هذا التعاطف والذي سيساهم في تغيير النظرة نحو هذه المطربة التي صانت نفسها كما تقول الشخصية. هذا التعاطف الذي لاحظنا كيف نجحت شخصية الشحرورة في الحصول عليه منذ أول الحلقات من خلال المسحة الجمالية والفنية والإبداعية للشخصية "المطربة صباح" التي كسبت تعاطف الجمهور ليس لأنها صباح وإنما أيضاً لتعرضها لظلم والدها الاستغلالي جورج "رفيق علي أحمد". عموماً نحن لسنا في صدد المقارنة بين بيئتي إنتاج مختلفتين (العربية والخليجية) إلا أننا نسأل متى ستشهد الأعمال الدرامية الخليجية، تقديم مقترحات جمالية جادة للمشاهد؛ خروجاً وانعتاقاً من نسق الدراما الخليجية والكويتية السائد، حيث تحضر الشتائم والبكائيات و"الخناقات" (وليس الصراعات)؛ ولا أحد يعرف الإجابة، دام أن المزاج العام لنوعية الدراما المنتجة في الخليج يتحكم فيها التاجر وليس الفنان. وأخيراً يجب أن ننبه إلى أن ما أشرنا إليه يمس أجزاءً من مضمون وخطاب مسلسل "الملكة" أما على مستوى التقنيات التي أنتج بها العمل فهي بلاشك تبدو أكثر نضجاً وإحكاماً وجودة من كثير ما يقدم في الدراما الخليجية، فمن تقنية كتابة السيناريو (وليس القصة) مروراً إلى الرؤية الإخراجية وتقطيع المشهد والتنقل المتسارع والذكي بين المشاهد وحتى عملية المونتاج التي جاءت مكملة برشاقة للجهد الفيلمي المبذول.. كل هذا الجهد الذي بذله المخرج خالد الرفاعي ورفاقه؛ يبين أن ثمة تقنية درامية تتطور وهو ما سننتظره بمحبة وشوق في عمل مستقبلي، يحاول الوثوب أكثر فوق ما يقدم في الدراما الخليجية. كارول سماحة «الشحرورة الجديدة»