بما أنني مسلم فأنا بحسب قيم الاسلام أؤمن بالعدل، والتسامح ، والصدق، وحرية التعبير، والشورى، والنزاهة، والإخلاص في العمل والالتزام بالحقوق والواجبات، والعمل المؤسسي والتعاون، والتكافل، وأدعو الى السلام، والتعاون الدولي لمصلحة الإنسان وتقديم الأعمال الخيرية والإنسانية كنا في المقهى العربي، نشرب القهوة - غير العربية - ونشاهد الأخبار الاقتصادية والعلمية، وتقريراً عن صفقات تجارية واتفاقيات اقتصادية بين دول عربية وأخرى غربية، وتقريرا عن حفل توزيع جوائز نوبل في العلوم المختلفة. فجأة التفت نحوي صاحبي وقال: على فكرة، هل أنت ليبرالي؟ قلت: لا. قال: هل أنت علماني؟ قلت : لا. قال: هل أنت محافظ؟ قلت: لا. قال: هل أنت أصولي؟ قلت: لا. قال: هل أنت متشدد، تكفيري، قومي، اشتراكي؟ قلت: لا،لا،لا،لا. قال: هل أنت ملتزم؟ قلت: أنا لا هذه ولا تلك. أنا مسلم. قال: هل هذا يكفي؟ قلت: نعم يكفي، وبما أنني مسلم فهذا يعني بالضرورة أنني ملتزم. قال: ملتزم بماذا؟ قلت: ملتزم بقيم الإسلام. قال: ولكن هناك من المسلمين من يتحدث عن قيم الاسلام لكنه يقصر في ممارستها. قلت: هو في هذه الحالة مسلم مقصر في اداء واجباته، ولكن ليس من المنطق والحكمة أن نصنف المسلم إلى ملتزم وغير ملتزم. قال: إذن يكفي أن نقول عنك إنك مسلم وليس لك موقع في خريطة التصنيف البشرية؟ قلت: بما أنني مسلم فأنا بحسب قيم الاسلام أؤمن بالعدل، والتسامح ، والصدق، وحرية التعبير، والشورى، والنزاهة، والإخلاص في العمل والالتزام بالحقوق والواجبات، والعمل المؤسسي والتعاون، والتكافل، وأدعو الى السلام، والتعاون الدولي لمصلحة الإنسان وتقديم الأعمال الخيرية والإنسانية، واحترام حقوق الإنسان (الرجل والمرأة). قال: ولكن لابد من تصنيفك فنحن نعيش في عصر التصنيف؟ قلت: أنا أنتمي إلى عصر العلم والإيمان والعمل والإنتاج. قال: يعني أنك شبه علماني؟ قلت: ويمكن شبه ليبرالي؟ قال: أوربما أنت تغريبي؟ قلت: هل هذا مصطلح جديد؟ قال: نعم. قلت: وماذا يعني؟ قال: تريد تقليد الغرب وتعتبره النموذج الأمثل في كل مجال؟ قلت: أعتقد ان الغرب هو الذي يقلدنا، أو على الأصح يطبق تعاليم الإسلام التي نتحدث عنها كثيرا ونعتز بها ولكننا نقصر في تطبيقها بينما ينجحون في الغرب في تطبيق ما ندعو اليه. قال: يعني تعترف أنك تغريبي؟ قلت: أنا أرفض أن اسافر الى الغرب لكي احترم النظام وأطالب بتطبيقه في بلادنا العربية الاسلامية ولكن يبدو انني يجب ان ارفض استخدام السيارة والطائرة واجهزة الاتصالات والاجهزة الطبية والادوية وكل المنتجات والخدمات المتطورة التي تخدم الانسان كي أنفي عني صفة (تغريبي). على اي حال انا لا احفل بالتسميات وأحفل بالإنتاجية والإخلاص في العمل، والجودة في الإداء، وهذه اساسيات في الثقافة الإسلامية ولا يصح أن يوصف من يطالب بها بأنه مقلد للغرب لأن هذا الوصف ينتقص من الثقافة الإسلامية، والأولى ان نطبق نحن هذه الاساسيات وتكون قدوة لهم. قال: إذن أنت ليبرماني؟ قلت: لماذا تصر على التصنيف؟ وهل اخترعت الآن مصطلحا جديدا؟ قال: ألم أقل لك إننا في عصر التصنيف، نعم هذا مصطلح جديد ارى انه ينطبق عليك. قلت: ولماذا لا نركز على العمل والانتاج ونترك الجدل حول تصنيف الناس؟! ما هذه المصطلحات التي اخترعناها لنقيم حولها حفلة جدل لا نهاية لها تاركين الاعمال المنتجة والانجازات العلمية للاخرين الذين نعتقد ونجزم احيانا انهم يتآمرون علينا ويشغلوننا بهذا الجدل حتى لاننافسهم في ميدان السباق العلمي والتقدم الحضاري.. قال: لقد ذكرتني، الآن وجدتها لابد أنك متآمر؟ قلت: نعم متآمر على تصنيف الناس وعلى الحوار غير الموضوعي، وسيطرة الجدل البيزنطي على حساب الأولويات الوطنية نعم أنا متآمر على العمل غير المنظم، والمشاريع المعطلة، أو المنفذة بجودة رديئة، وعلى التفاخر بأمجاد ومنجزات غير موجودة. أنا متآمر على الفكر الذي يرفض تعدد الآراء، والفكر الذي يقيد الإبداع. والفكر الذي يهرب من الحوار العلمي، الموضوعي إلى مقصلة التصنيف..