يروى أن رجلا سأل الإمام أبا حنيفة، وقال له إذا كنت بقرب نهر وانا بحاجة الى ان أغتسل، فهل يجب علي أن أتوجه إلى القبلة أم الى جهة النهر فرد عليه الامام ابوحنيفة وقال له الاولى لك ان توجه وجهك ناحية ثيابك لئلا يسرقها أحد .. ! تذكرت تلك الرواية وانا اراقب بعض صغار المتداولين في سوق الاسهم السعودية ، فالبعض من هؤلاء تختلط عنده الاولويات ، فهم يلهثون وراء الربح السريع بل والسريع جدا ، فتجد أحدهم يقف واثبا للقفز في السوق قبل افتتاحه ويضع أمر الشراء ويشتري مع الافتتاح ثم يبيع بعد 10 دقائق من الشراء ويحقق هدفه ويتولد لديه ذلك الشعور الغريب في فهم السوق وخباياه وتزداد ثقته بنفسه، ويعتقد واهما أنه فهم اللعبة ، ثم يشتري مرة اخرى وتصيب معه للمرة الثانية ويتعاظم عنده ذلك الاحساس بقرب سداد الديون، ثم يتهور للمرة الثالثة جازما أنه سيحقق الربح لا محالة ، ولم لا! فقد فهم السوق وعرف حركة السهم وأصبح في هذا اليوم مضارب تلك الشركة ، وبدأ شركاؤه في صالة الاسهم يتحلقون حوله بعضهم مندهشا والآخر حاسدا ، وتأتيه الضربة من حيث لا يحتسب فيتدهور سعر السهم ويخسر أرباحه مع جزء لا بأس به من رأس ماله وينفض شركاء الصالة من حوله البعض منهم مواسٍ له والبعض الآخر على محياه تلك الابتسامة الصفراء (نسأل الله السلامة) .. كل هذا السيناريو يحدث في الساعة الاولى من التداول .. ! من الطبيعي ان يبحث كل إنسان عن الربح وبكل الطرق المشروعة الا ان البعض تجاوز ذلك بدرجة غير طبيعية، فهو لدغ من نفس الجحر أكثر من مئة مرة .. عجيب أمر بعض هؤلاء المتداولين فهو لا يتعض لا بنفسه ولا بغيره فتجده يتداول الاسهم ويخسر، ثم يجمع القليل من المال من هنا وهناك، ويعود بعد شهر ليتداول بنفس الطريقة ونفس الاسلوب ليخسر مرة أخرى .. أين الخلل ؟ بصراحة لا أعلم ولا أعتقد أن الجهل او عدم الإلمام بالسوق هما السبب ، ولكنني اكاد اجزم ان الطمع والجشع والرغبة في الثراء السريع أهم الاسباب التي تعمي البصر والبصيرة لدى بعض صغار المتداولين في السوق . كبار المضاربين في سوق الاسهم السعودي يعتبرون بعض صغار المتداولين مثل حطب التدفئة، وهذه حقيقة لا يختلف عليها أحد حتى الجهة المشرفة على السوق ، والحقيقة الأخرى أن الاحتياطي الإستراتيجي من هذا الحطب بدأ في التناقص في الآونة الاخيرة ليس بسبب الوعي او تنامي الحس الاستثماري لدى صغار المتداولين ولكن لأن مصادر الدخل لدى هؤلاء تم تجفيفها ولا تكاد تكفي مصاريف عائلته وحياته اليومية . الرغبة في الربح بدون استثمار حقيقي مثل الحصاد بدون زراعة، وهي دعوة لصغار المتداولين للاهتمام بثيابهم في هذا الشهر الفضيل فهناك من يتربص بها .. !